لم تغب تفاصيل مجزرة دير ياسين عن العديد من أهالي القرية؛ فالوحشية التي مارستها مجموعة من الصهاينة بقيت في ذاكرة مصطفى محمد حميدة ورحمة عيسى حميدة وغيرهم ممن عاصروها وعاشوا أحداثها، حيث قاموا بسرد ما جرى لـ "العربي".
وفي فجر 9 أبريل/ نيسان 1948، اقتحمت مجموعتان صهيونيتان اشتهرتا باسم عصابتَي "إرغون" و"شتيرن" قرية دير ياسين، وقتلتا حوالي 100 إلى 102 من أصل 150 تقريبًا (مجموع سكان البلدة).
وفي عام 1980، أقامت الحكومة الإسرائيلية أبنية فوق أراضي القرية، وأطلقت أسماء العصابات الصهيونية عليها.
كيف بدأت الأحداث؟
قال مصطفى محمد حميدة وهو من لاجئي دير ياسين في قرية بيتونيا في محافظة رام الله: قبل وقوع المجزرة، اجتمع الأهالي بعدما تمّ تداول أخبار عدة تفيد بأن هناك من يكمن الشر للبلدة.
وطُلب من كل عائلة شراء بندقية، فجمعت الأُسَر نقودَها وتبرّعت النساء بالذهب الذي تمتلكه، فيما ذهب الرجال إلى مصر لشراء السلاح.
وقبل يوم من المجزرة، أتت يهودية من مستوطنة جفعات شؤول إلى دير ياسين، واستشعر الأهالي بأن اليهود قاموا بإرسالها لكي يقتلها أهالي القرية ويتهمونهم بالتعدي عليهم، لكن الأهالي أعادوها إليهم.
وقرروا عندها إغلاق الطريق التي كانت تربطهم بالقدس، وبعد ذلك احتدمت الأجواء ووقعت معركة القسطل التي كان قائدها عبد القادر الحسيني.
وفي فجر 9 أبريل/ نيسان، دخل الصهاينة إلى البلدة أثناء انشغال الحرّاس بالصلاة، لكن بعد اكتشاف الأمر تبادلوا إطلاق النار معهم، حيث استيقظ الأهالي وبدأت المعركة، وعند اشتدادها استقدم الصهاينة دباباتهم.
واستشرست المجموعتان أكثر، فدخلوا المنازل وقتلوا سكانها ذبحًا أو بالرصاص، حتى إنهم حصروا مجموعة من النساء داخل الفرن وأحرقوهن، وبعد ذلك تمّ ترحيل أهالي البلدة، كما أنّ الكثير منهم قرروا الهرب بسبب الخوف.
واستمرت المعركة من الساعة 2 ليلًا حتى الساعة الرابعة عصرًا من اليوم الثاني، وقاتل شباب دير ياسين حتى الرمق الأخير ونفاذ الذخيرة منهم.
ولم تتوقف الاعتداءات عند هذا الحدّ، بل قام المسلحون بوضع مجموعة من نساء القرية في سيارات وجالوا بهنّ في مستوطنة جفعات شؤول، وتمّ رمي الطماطم والبطاطا عليهنّ مع إطلاق الشتائم.
وبعد انتهاء المعركة تمكّن الصهاينة من احتلال القرية، والتقى من تبقى من الأهالي في نقطة معينة في البلدة وتوجهوا إلى القدس وتلقّوا المساعدات من العائلات هناك.
أمّا الأمل بالرجوع، فلم ينتهِ، وبقي سنوات طويلة، حيث رفض الأهالي شراء المنازل حتى سنة 1964.