خاض الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب معركته الانتخابية الثانية ومعه الملايين من أنصاره. وعندما رفض تسليم مفاتيح البيت الأبيض لخلَفه جو بايدن، زحف مؤيدوه باتجاه الكونغرس للحؤول دون المصادقة على فوز الخصم.
في ذلك اليوم، اندلعت أعمال عنف في مبنى مجلس النواب سقط على أثرها خمسة قتلى، وبينما اتهم الديمقراطيون ترمب خلال إجراءات عزله بالتحريض على التمرّد عبر شن الهجوم، صوّت الجمهوريون في مجلس الشيوخ لصالح منع إدانته.
وهذه "التبرئة" لا تلغي واقع أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الولايات المتحدة الأميركية كانت قد شهدت جملة اتهامات سابقة ولاحقة، ساقها ترمب ضد خصومه.
ومثله فعل مؤيدوه، الذين نشروا الشائعات ورفضوا نتائج الاستحقاق، في حملة سُمع صداها في الشوارع وعلى التلفزيونات ومنصات التواصل الاجتماعي.
"تزوير واحتيال وسرقة"
تضمنت أبرز الاتهامات التي أطلقها ترمب مزاعم بأن جو بايدن والحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه قاموا بالتزوير والاحتيال وسرقة الانتخابات.
وقد لحق مؤيدو ترمب بخطاه عندما رفعوا اتهاماته في الشوارع والعالم الافتراضي، وأنشؤوا خطًا ساخنًا للناس للإبلاغ عن حالات قمع ناخبين ومخالفات واحتيال.
وبحسب "إي بي سي" نيوز، غمرت خط المساعدة مكالمات مزيفة ونكات ومقالب، مشبهة ما جرى بتطبيق "تيك توك".
وبين ادعاءات هؤلاء الأنصار بأن بطاقات اقتراع أُبطلت في أريزونا بسبب "أقلام شاربز" التي لم تستطع الآلات قراءتها، وإزالة صندوق اقتراع بشكل غير قانوني في بنسلفانيا، وتصويت الأموات في ميشيغن لصالح بايدن، تلخّصت المزاعم بأن مؤامرة حيكت ضد مرشح الجمهوريين وأتباعه.
وقبيل صدور نتائج الانتخابات تنامت المخاوف من اتساع رقعة العنف اليميني في حال خسارة ترمب في السباق الرئاسي، ولم تنفِ أوساط رفيعة في أميركا وعلى رأسها مكتب التحقيقات الفدرالي الخطر الذي تشكله جماعات يمينية متطرفة في البلاد.
وهذه الجماعات "لمع نجمها" في أثناء اقتحام الكونغرس، ووجهت لناشطين فيها اتهامات بأحداث السادس من يناير.
"كيو أنون"
أبرز تلك الجماعات "كيو أنون"؛ وأشهر من ظهر في صفوفها رجل شوهد حول العالم بصدر موشوم، ورأس يعلوه فراء وقرنين.
يدعى الرجل جاكوب أنتوني تشانسلي، ويقدّم نفسه على أنّه "جندي رقمي في كيو أنون"، الحركة المؤيدة لنظرية المؤامرة التي تعتبر دونالد ترمب بطلًا.
ويؤمن تشانسلي ورفاقه في الجماعة اليمينية المتطرفة بأن عبدة شيطان ومنحرفون يتحرشون بالأطفال يحكمون العالم عبر ما يُعرف بالدولة العميقة. ويرون أن المخلص دونالد ترمب جاء لإبادتهم.
وكانت المجموعة قد نشأت في الظل عام 2017، ثم خرجت إلى الضوء مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية، وسط دعم غير مسبوق لدونالد ترمب.
ومثّل حرف Q، الذي ارتفع علانية مع كل مناظرة لترمب، بالنسبة للاتباع مسؤول رسمي يمتلك معلومات سرية جدًا.
وعند المعركة الانتخابية، رأت "كيو أنون" بوجوب دعم ترمب كي لا يبقى وحيدًا في هذه المواجهة القاسية.
بموازاة ذلك، وجدت نظريات المؤامرة التي تتبناها الجماعة ترحيبًا من الرئيس المثير للجدل في مراحل زمنية عديدة رغم عدم إقراره المباشر؛ من خلال إعادة تغريد لمنشورات صادرة عن متابعين لها، لا سيما تلك المتعلقة بالدولة العميقة.
"الأولاد الفخورون"
بلباسهم الموحد، لا يتردّد المنتمون للجماعة اليمينية بالمجاهرة بشعاراتهم العنصرية.
يقول هؤلاء بفخر إنهم متعصبون لعرقهم الأبيض؛ شوفينيون غربيون لا مكان للنساء بينهم، ويكرهون المسلمين والمهاجرين.
يوصف هؤلاء بـ"سلالة خبيثة"، وآخرون يعتبرونهم "جماعة كراهية"، لا سيما وأن شعاراتهم المتطرفة تُرجمت على الأرض في وقائع عدة، حيث كانت لهم بصمتهم في أحداث عنف توزعت في أنحاء متفرقة من البلاد.
وكان لافتًا حضور المنظمة العنيف ضد تحركات حياة السود مهمة أو "بلاك لايفز ماتر"، وحتى في المناظرات الرئاسية.
"حراس القسم"
يؤمن حراس القسم أو "أوث كيبرز" بدورهم بنظرية المؤامرة. ويلتزم هؤلاء بدعم وحماية تفسيراتهم لدستور الولايات المتحدة "ضد جميع الأعداء، الأجانب والمحليين".
يورد موقع "يو أس إي توداي" أن الجماعة تأسّست بعد الانتخابات الرئاسية لباراك أوباما عام 2009 من قبل خريج كلية الحقوق بجامعة ييل ستيوارت رودس، وأنها ترفض الاعتراف بسلطة الحكومة الفيدرالية.
ويورد مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن على موقعه الإلكتروني، أن اسم "حراس القسم" يعود إلى قسَم الخدمة الذي يؤديه الجيش ورجال إنفاذ القانون وغيرهم من المستجيبين الأوائل للحالات الطارئة.
ويقوم الشعار على الدعوة إلى الحفاظ على القسم سواء أكان ذلك ممّن انخرط في الخدمة سابقًا أم منخرطًا حاليًا أو لم يرتد الزي الرسمي أبدًا.