نحو عام مضى على بدء حرب روسيا على أوكرانيا؛ قصف متبادل ومعارك طاحنة وتصريحات مستعرة بين الجانبين.
ميدانيًا، ومنذ بدء الغزو الروسي المباشر للأراضي الأوكرانية في 24 فبراير/ شباط 2022، تعرّض الجيش الروسي لسلسلة من الإخفاقات، وسط عجزه عن تحقيق تقدم نحو العاصمة كييف، أو الاحتفاظ بالسيطرة الكاملة على مقاطعات دونيتسك ولوغانسك وزاباروجيا وخيرسون التي ضمتها موسكو إلى سيادتها بشكل أحادي الجانب في سبتمبر/ أيلول 2022.
تحول في مسار الحرب
بعد نحو عام على بدء الحرب، يشدد بوتين على أن انتصار روسيا حتمي، بينما يربط الأوكرانيون نهايتها باستمرار الدعم الغربي لهم، وبما يضمن شل حركة الروس وقدراتهم الهجومية.
ويأتي ذلك تزامنًا مع صعود تصنيف الجيش الأوكراني من المرتبة 22 عالميًا إلى الـ15، بفضل الكميات غير المسبوقة من الأسلحة المتطورة التي وصلته.
#روسيا تكثف قصفها على عدة مناطق أوكرانية #أوكرانيا تقرير: جهاد العدوان pic.twitter.com/ADRwguHrL7
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) January 22, 2023
مع استمرار الحرب، سقط أهم سيناريوهين وضعهما المحللون: أولهما تعرض روسيا لخسائر مادية وعسكرية واقتصادية فادحة تجبرها على وقف العمليات العسكرية في وقت قصير؛ والثاني سقوط سريع للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، واستبداله بنظام موالٍ لموسكو في كييف.
وفي أبرز محطات الحرب المستمرة، أقدمت كييف على خطوات وصفها قادتها بالموجعة للجانب الروسي، وذلك بعد ضرب طراد موسكوفا الذي يوصف بأسطورة البحرية الروسية، إضافة لتفجير جسر القرم، قبل أن تتحول موسكو إلى قصف منشآت الطاقة والمنشآت الحيوية في أوكرانيا.
غياب الحل السياسي
بحسب آخر بيانات مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فإن حرب روسيا أوقعت نحو 17 ألف ضحية من المدنيين في أوكرانيا، وسط إحجام الكرملين عن إعلان عدد قتلى الجيش الروسي.
وفيما يغيب الحل السياسي التفاوضي عن الأفق حتى اللحظة، خرج عرّاب الواقعية السياسية وزير الخارجية الأميركية الأسبق هنري كيسنجر ليعيد المسألة الخلافية إلى الواجهة.
واعتبر الوزير الأميركي في موقف لافت، أن الغزو الروسي لأوكرانيا يسمح اليوم بانضمامها إلى الناتو، مردفًا بضرورة الحوار مع روسيا لترخي الحرب أثقالها.
وفي حين لم تُلمس إرادة موسكو بوقف الحرب، تشخص الأنظار إلى إمكانية استدعاء روسيا للآلاف من جنودها، في عملية عسكرية يعتبرها البعض صعبة في الربيع المقبل، حين ينكفئ الجنرال الأبيض.
سوء تقدير
في هذا السياق، يرى مدير وحدة الدراسات السياسية في المركز العربي مروان قبلان أن "أوكرانيا طالبت منذ بداية الحرب بالحصول على الأسلحة الغربية، إلا أن هذه الدول كانت حذرة".
ويشير قبلان، في حديث إلى "العربي"، إلى أن "الأسلحة اقتصرت على الجانب الدفاعي، بسبب أخطاء في تقديرات الحرب".
ويلفت قبلان إلى أن "واشنطن كانت تتوقع أن موسكو ستصل إلى كييف بعد 72 ساعة من بدء الحرب".
وعن واقع اليوم، يعتبر أن "بعض الدول الغربية لا زالت مترددة في إرسال الأسلحة النوعية إلى كييف، وهذا الحذر سيلازم بعض الدول في المرحلة المقبلة".
ويقول قبلان: "المعركة طويلة ولا أفق لنهايتها، وهذه توقعات موجودة أيضًا في أميركا".
حرب استنزاف
من جهتها، توضح الباحثة في الشؤون الأوروبية والأطلسية هالة الساحلي أن "الاتحاد الأوروبي درّب الجيش الأوكراني في السابق على عدة خطط عسكرية، وبالتالي هو يعرف جيدًا قدرات كييف".
وتشير الساحلي، في حديث إلى "العربي" من بروكسل، إلى أن "حلف الناتو قدم منظومات صاروخية دفاعية لعدم تخطي الخطوط الحمر، ولعدم الدخول في مواجهة مع روسيا".
خوفا من استعداد #روسيا لهجوم كبير..حزمة جديدة من المساعدات العسكرية لـ #أوكرانيا بقيمة 2.5 مليار دولار 👇 تقرير: ملهم بريجاوي pic.twitter.com/lbs6p228gv
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) January 20, 2023
وتقول: "هناك رغبة داخل حلف شمال الأطلسي بضرورة إنهاء الحرب".
وتضيف: "التفكير السائد في بروكسل هو أن الحرب العسكرية انتهت، وما يحصل هو حرب استنزاف".
مراحل الحرب
بدوره، يعتبر رئيس برنامج الدراسات الأمنية في معهد الدوحة عمر عاشور أن "الطرف الأوكراني أثبت قدراته العسكرية للغرب، بعد أن صمد أمام الجيش الروسي".
ويقسّم عاشور، في حديث إلى "العربي"، الحرب إلى 4 مراحل، مشيرًا إلى أن "المرحلة الأولى في بداية الحرب، فاجأت كييف الجميع بقدرتها على الصمود".
ويلفت عاشور إلى ان "المرحلة الثانية الممتدة من أبريل/ نيسان إلى أغسطس/ آب، شهدت استنزافًا لكييف".
ويضيف: "بعد ذلك، دخلت الحرب في مرحلتها الثالثة، وتمكنت أوكرانيا من حشد قوتها واستعادة عدد من الأراضي في خاركيف وخيرسون".
ويتابع قائلًا: "اليوم نعيش في المرحلة الرابعة حيث تشتعل الحرب على كل الجبهات، وبالتالي تحتاج كييف إلى أسلحة نوعية".