اتُهمت موسكو بترحيل أوكرانيين إلى مراكز "تصفية"، قبل نقلهم قسرًا إلى بلدات نائية في سيبيريا بعد مصادرة هواتفهم ووثائقهم، بحسب صحيفة "ديلي ميل".
وزعم مجلس مدينة ماريوبول أن "عدة آلاف" من الأشخاص قد نُقلوا حتى الآن، قبل أن يمكثوا في "معسكرات التصفية" ليتم إرسالهم إلى "المدن النائية" في روسيا، حيث سيضطرون إلى الإقامة لسنوات والعمل مجانًا.
وتعيش مدينة ماريوبول الساحلية المحاصرة جنوب شرقي البلاد في خضم أزمة إنسانية طارئة بعد محاصرة القوات الروسية وانقطاع إمدادات الطاقة والغذاء والمياه ومواجهة قصف لا هوادة فيه.
وقال منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل قبل أن يترأس اجتماعًا لوزراء خارجية الاتحاد في بروكسل: "إن ما يحدث في ماريوبول هو جريمة حرب ضخمة. تدمير كل شيء وقصف وقتل الجميع بشكل عشوائي. هذا شيء مروع".
ترحيل قسري من ماريوبول
وأفادت وكالات أنباء روسية بأن حافلات تقل مئات اللاجئين من مدينة ماريوبول وصلت إلى روسيا في الأيام الأخيرة. وقال مسؤولون في موسكو أيضًا إنه تم "إنقاذ" أكثر من 280 أوكرانيًا عبر قطار من ماريوبول". وعرضوا لقطات تظهرهم يشكرون القوات الروسية.
وشبّه رئيس بلدية ماريوبول فاديم بويتشينكو "عمليات الترحيل القسري المزعومة" بنقل السجناء من قبل النظام النازي خلال الحرب العالمية الثانية.
وقال بويتشينكو: "ما يفعله المحتلون اليوم مألوف للجيل الأكبر سنًا، الذين شاهدوا الأحداث المروعة للحرب العالمية الثانية، عندما أسر النازيون الناس قسرًا.
وأضاف: "من الصعب أن نتخيل أنه في القرن الحادي والعشرين يمكن نقل الناس قسرًا إلى بلد آخر".
وقال بافلو كيريلينكو المسؤول في بلدية ماريوبول يوم الأحد: "إن سكان المناطق الخاضعة للسيطرة الروسية يتم إرسالهم إلى معسكرات تصفية وإن رجال موسكو يفحصون هواتفهم ويصادرون وثائقهم الأوكرانية".
وأفاد الانفصاليون المدعومون من روسيا في شرق أوكرانيا يوم الأحد، بأنه تم إجلاء 2973 شخصًا من ماريوبول منذ 5 مارس/ آذار، بما في ذلك 541 خلال الـ 24 ساعة الماضية.
"مزعجة" و"غير معقولة"
من جهتها، اعتبرت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، في حديث صحافي أن روايات الترحيل كانت "مزعجة" و"غير معقولة" إذا كانت صحيحة، لكن واشنطن لم تؤكدها.
وأضافت توماس غرينفيلد: "إن إجبار الناس من أوكرانيا على الذهاب إلى روسيا أمر غير مقبول؛ إنه غير معقول. إنه شيء نحتاج إلى تأكيده، لكنني لا أستبعد اتخاذ الروس مثل هذا الإجراء المروع. سيكون هذا تصعيدًا آخر، لكن ليس خارج نطاق الاحتمالات نظرًا للضغط الروسي الرهيب على ماريوبول".
They are called “filtration centers”. and yes they have. https://t.co/QSM6voCOI9
— Robert Young Pelton (@RYP__) March 20, 2022
كذلك أدانت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس "اختطاف وترحيل" الأوكرانيين من مدينة ماريوبول المحاصرة، في خطوة تشبه ألمانيا النازية. وقالت إنها "شعرت بالفزع" من التقارير وتعهدت بمحاسبة بوتين على معاملته للمدنيين خلال الهجوم على أوكرانيا.
رفض الاستسلام
في غضون ذلك، رفضت أوكرانيا، اليوم الإثنين، الإنذار الروسي الموجه لسكان مدينة ماريوبول المحاصرة من أجل الاستسلام، من خلال نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إيرينا فيريشتشوك، التي وصفت وضع المدينة بـ"الصعب جدًا".
وعرضت روسيا فتح ممرات إنسانية في المدينة من العاشرة صباحًا بتوقيت موسكو إذا تخلى السكان عن السلاح. لكن فيريشتشوك قالت: "بالطبع رفضنا هذه الاقتراحات، الوضع هناك صعب جدًا".
وأضافت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني أنه تم التوصل إلى اتفاق بشأن فتح 8 ممرات إنسانية لإجلاء المدنيين من البلدات والمدن المحاصرة اليوم الإثنين، ولكن ليس من بينها مدينة ماريوبول.
واعتبرت فيريشتشوك أن الجهود التي تبذل من أجل توصيل الإمدادات الإنسانية إلى ماريوبول لم تؤت ثمارها حتى الآن.
الفرار من "الجحيم"
وتعرضت ماريوبول لبعض من أعنف موجات القصف منذ بدء الهجوم الروسي في 24 فبراير/ شباط. وما زال كثير من سكانها البالغ عددهم 400 ألف نسمة محاصرين في المدينة بدون غذاء أو ماء أو طاقة.
وشبه القنصل اليوناني العام في ماريوبول، مانوليس أندرولاكيس، المدينة الأوكرانية بالمدن التي دمرتها الحروب مثل حلب السورية وغيرنيكا الإسبانية.
ووصف الناجون من الحصار الذين نجحوا بالفرار المدينة بـ"الجحيم"، وقالوا: "إن الناس تركوا ينزفون أو يحترقون حتى الموت في الشوارع لأن الأطباء لا يستطيعون الوصول إليهم، فيما دمرت المستشفيات وتركت الجثث".
وقال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن 902 مدنيًا على الأقل قتلوا وأصيب 1459 في أوكرانيا حتى منتصف ليل 19 مارس/ آذار.