شيئًا فشيئًا، يحجز المهاجم النرويجي إرلينغ هالاند مكانه في صدارة دوري أبطال أوروبا، بمستوى تهديفي عالٍ يجعل كثيرين يرجّحون أن يكون في طريقه لكسر أرقام كريستيانو رونالدو، وليصبح بالتالي الهدّاف التاريخيّ للدوري، بحلول عام 2040.
فبتاريخ 1 أكتوبر/ تشرين الأول 2003، لعب كريستيانو رونالدو أول مباراة في مسيرته مع مانشستر يونايتد في دوري أبطال أوروبا، لكنّه لم يحرز أيّ هدف على مدى 26 مباراة، أي نحو ثلاثة مواسم، إذ إنّ الهدف الأول الذي سجّله بعود لتاريخ 10 أبريل/ نيسان 2007.
ومثل رونالدو، أخذ محمد صلاح، المصنّف أحد أساطير ليفربول وأحد أفضل اللاعبين الذين مرّوا في تاريخ البريميرليغ، مسارًا تصاعديًا في مسيرته، إذ انضمّ إلى ليفربول بعمر 25 عامًا، بعدما لعب سابقًا مع المقاولون العرب وبازل، ومع تشيلسي، وفيورنتينا وروما.
أما هالاند، فيبدو أنّ القصّة معه مختلفة، إذ لم يكن بحاجة لمسار تصاعدي، فهو سجّل الأهداف في أول 5 مباريات له في دوري أبطال أوروبا مع سالزبورغ، وكذلك مع دورتموند، وتكرّر أيضًا مع ماشنستر سيتي حيث نجح في التسجيل في أول 3 مباريات، فهل يكون "الشرير" الذي سيحطم أرقام كريستيانو رونالدو؟
الوحش الذي أنجبه ألفي هالاند
بعيدًا عن منطق "الشرّ" هذا، الذي لا مكان له في الرياضة، يختصر البعض الأمر بكلّ بساطة بأنّ "هذا هو إرلينغ"، ويصفونه بـ"الوحش الذي أنجبه ألفي هالاند".
صحيح أنّ مسيرة ألفي لم تكن عظيمة ولا كبيرة، وهو الذي يوصَف بـ"لاعب اللقطة الواحدة" طوال مسيرته، لكن قد يكون هذا السبب تحديدًا الذي جعله يدرك إرلينغ منذ الصغر، حتى لا يكون لاعب اللقطة الواحدة.
ولعلّ ذلك يظهر بوضوح بتنوّع الرياضات التي كان هالاند جونيور يمارسها، من كرة اليد إلى الرياضات الأولمبية، لدرجة أنّه حتى عمر 14 سنة لم يكن قد اختار الرياضة التي يودّ احترافها، بل إنّ ما لا يعرفه كثيرون أّن مسيرته مع الأرقام القياسية بدأت باكرًا، وتحديدًا في العام 2006، في رياضة القفز، بقفزة وصلت لـ1.63 متر، وهو رقم بقي صامدًا لسنوات طويلة.
"روتين" إرلينغ هالاند
وإلى جانب تركيزه على الجوانب التقنية والتكتيكية، فضلاً عن قوته من الناحية الذهنية والجسدية، حظي هالاند في المراحل الأولى من مسيرته ببيئة صحية، وكان محاطًا بأشخاص كان لهم تأثيرهم الإيجابي في بناء شخصيته. وأكثر من ذلك، ما يبدو مثيرًا في قصته أنّ والده قرّر مساعدته على إدارة مسيرته، والحفاظ على روتين خاص حتى يبقى لائقًا بدنيًا طوال الوقت.
ويتضمن هذا الروتين النوم الكافي والمريح والباكر، لكنه لا يقتصر على ذلك، بل يشمل الطعام والشراب، إذ يتعمّد أخذ 6 آلاف كالوري في اليوم للحفاظ على لياقته، ولا يشرب سوى المياه المفلترة، من دون أن ننسى جرعته السحرية "الحليب المخلوط بالسبانخ والكرنب".
وبالحديث عن روتين هالاند بصورة عامة، لا بدّ من التوقف عند روتين التدريبات الخاص به، حيث يقول ستانسلاف ماتشيك، وهو أحد المدربين الشخصيين السابقين لهالاند، إنّه في مرحلة سالزبورغ، كان ينفذ 300 تمرين بوش آب، و1000 سكوات يوميًا، من دون احتساب تمارين الكارديو، وغيرها من التمارين كالركض السريع على التلال، وتمارين التمدد ورفع الأثقال وركوب الدراجات وغير ذلك.
هالاند في دوري الأبطال
عمومًا، وبعيدًا عن الغوص أكثر في تكتيكات هالاند وروتينه اليومي، قد يكون من المفيد التوقف قليلاً عند "سجلّ" هالاند في دوري الأبطال.
وبلغة الأرقام، أحرز المهاجم النرويجي 8 أهداف في 6 مباريات مع سالزبورغ، ومع دورتموند سجّل 15 هدفًا في 13 مباراة. أما مع مانشستر سيتي، فقد أحزر قبل بداية دوري أوروبا بنسخته الجديدة 18 هدفًا في 20 مباراة.
ولعلّ المثير في الأمر أنّه قادر على زيادة رصيده من الأهداف مع النظام الجديد في البطولة، ففي السابق، كان يستطيع أن يلعب 13 مباراة كحدّ أقصى، في حين أنه يستطيع مع النظام الجديد أن يشارك في 15 إلى 17 مباراة.
وإذا كان رونالدو لا يزال يحتفظ بلقب هدّاف الدوري التاريخي، برصيد وصل إلى 140 هدفًا، فهل يمكن القول إنّ هالاند سيحطّم هذا الرقم؟
لا إجابة حاسمة، ولو أنّ كل التقديرات تشير إلى ذلك إذا ما استمرّ هالاند على النسق الهجومي والحماس نفسه. وثمّة مفارقات أساسية في هذا السياق، من بينها أنّ رونالدو سجّل 140 هدفًا بـ183 مباراة، أي بمعدل هدف كل 117 دقيقة، في حين أنّ هالاند سجّل حتى الآن 41 هدفًا في 39 مباراة، أي بمعدل هدف كل 85 دقيقة.
بهذا الشكل، إذا حافظ هالاند على استمراريته، ولم يتعرض للكثير من الإصابات وغاب عن المباريات، فإنه قد لا يتجاوز رونالدو فحسب، بل قد يسجّل رقمًا قياسيًا سيكون من الصعب على أحد أن يقترب منه..