قرر النائب العام في مصر حمادة الصاوي، أمس الأربعاء، إحالة الشاب محمد عادل إلى محكمة الجنايات لمحاكمته في قضية قتل الطالبة نيرة أشرف عمدًا مع سبق الإصرار.
قرار إحالة عادل جاء بعد يومين من وقوع الجريمة التي هزت الرأي العام المصري، وتسببت بغضب واسع وجدل مجتمعي حول تعاظم العنف ضد النساء.
والإثنين استفاقت مدينة المنصورة الواقعة شمالي البلاد على جريمة قتل الطالبة في كلية الآداب على يد زميلها عادل، الذي طعنها ثلاث طعنات قبل أن يذبحها أمام عيون المارة في محيط جامعة المنصورة، بمشهد مروع وصادم.
تصميم على القتل
وتم تحديد يوم الأحد المقبل، لإقامة أولى جلسات محاكمة الجاني، بعد أن أكدت النيابة العامة في بيانها أمس أنها استعانت بشهادة خمسة وعشرين شاهدًا منهم طلاب، وأفراد أمن الجامعة، وعمال بمحلات في محيط الواقعة، أكدوا رؤيتهم المتهم حال ارتكابها، وفي مقدمتهم زميلات المجني عليها اللاتي كن بصحبتها حينما باغتها المتهم.
وقالت كوثر الخولي، مديرة مؤسسة نساء من أجل العدالة في تورنتو، خلال حديث مع "العربي" إن ملايين النساء في مصر يحتجن لدعم حقيقي، لما يتعرضن له من ضغوط مجتمعية، تتمثل في إلقاء اللوم عليهن بشكل كامل في القضايا المشابهة، الأمر الذي يتضاعف حين ينتظمن في حركات نسوية أو حقوقية، باتجاه ترهيبهن وإخافتهن.
وكان بيان النائب العام قد كشف عن ملاحقة الجاني للطالبة بشكل مستمر، حيث سعى المتهم قبل الواقعة بأيام إلى التواصل مع المجني عليها للوقوف على توقيت استقلالها الحافلة التي اعتادت ركوبها إلى الجامعة، ورفضها إجابته.
كما أكد صاحب الشركة مالكة الحافلة علمه من العاملين بها تتبع المتهم المجني عليها بالحافلة. كما ثبت من فحص هاتف الطالبة المحمول احتوائه على رسائل عديدة جاءتها من المتهم تضمنت تهديدات لها بالقتل ذبحًا.
لوم الضحية
وأشارت الخولي إلى أنّ جريمة قتل الطالبة نيرة أشرف كشفت بوضوح مجموعة من الجمهور المصري، مثيرة للحزن كونهم يعيشون حالة إنكار للواقع عبر لوم الضحية، وتبرير ما حصل من دون الأخذ بارتفاع تلك الجرائم خلال السنوات الماضية التي تكشف أن هناك عنفًا ممنهجًا ضد النساء.
وأوضحت مديرة مؤسسة نساء من أجل العدالة، أن ثمة خلل في القانون تجسد خلال متابعة التحقيقات مع الجاني، حيث ثبت أن هناك محاضر سابقة بحقه من قبل الفتاة وأهلها، ومطالبتهم التعهد منه بعدم التعرض لها، ورغم اختيارهم اللجوء إلى القانون، لم يحل ذلك دون الجريمة، وهذا ما يدل بأنه لا رهبة أو خوف من القانون وهذا ما يحتاج لإعادة نظر شاملة بالقوانين تتضمن تحليل اقتصادي واجتماعي وحتى سياسي.
دور الدولة
وقالت الخولي إنّ الدولة ساهمت في عدم احترام القانون، من خلال أدائها في جرائم سابقة، كجريمة قتل المطربة اللبنانية سوزان تميم عام 2008 والتي أدين فيها رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، قبل أن ينال عفوًا رئاسيًا عام 2017 مع آخرين، وكذلك شريكه منفذ الجريمة محسن السكري الذي نال بدوره عفو مشابه العام الجاري.
ورأت الخولي أنه للوصول إلى منظومة قوانين فاعلة، يجب أن تكون مؤسسات التنشئة في مصر فاعلة، وتلك المؤسسات هي التعليم، والإعلام، والأسرة، وتلك الفعالية يجب أن تتمثل بترسيخ فكرة احترام القانون.
وكانت النيابة العامة قد أكدت في بيانها أمس عزمها التصدي بحزم لشتى صور جرائم العنف والتعدي، بخاصة تلك التي تقع ضد المرأة والشباب، وذلك بتكاتفها مع الجهات المعنية، وعقيدتها في ذلك ملاحقة المجرمين، وسرعة تقديمهم إلى المحاكمة الجنائية العاجلة تحقيقًا للعدالة الناجزة في بلد يعمه الأمن بسيادة الدستور والقانون، بحسب ما جاء في البيان.