أعلنت سلطات السجون الإسرائيلية منذ بدء العدوان على غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول "حالة الطوارئ في السجون"، ما يعني بالنسبة إلى الأسرى الفلسطينيين تشديد الإجراءات، ومنها منع زيارات الأهالي ووقف زيارات مندوبي اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
كما قامت مصلحة السجون بسحب كلّ أجهزة الاتصال والراديوهات والتلفزيونات من داخل السجون والتي كانت مسموحة سابقًا.
رسائل إذاعية إلى الأسرى
لكن إذاعة "أجيال" تستمر ببث برنامج "رسائل الأسرى" كل يوم جمعة من الأسبوع، وعبر البرنامج يمكن سماع عشرات الأشخاص يوجهون رسائل صوتية إلى أقرباء أو أحباء معتقلين في السجون الإسرائيلية.
وقد ازدادت الرسائل على أمل أن تصل إلى الأسرى في السجون. ويقول القيمون على إذاعة "أجيال"، التي تتخذ من رام الله مقًرا، أنه تمّ تمديد بث البرنامج الأسبوعي لأكثر من ساعة بسبب سيل الرسائل التي تتلقاها في ظلّ موجات الاعتقالات منذ بدء الحرب.
وتنقل "فرانس برس" عن رئيس تحرير الإذاعة وليد ناصر قوله: "نتلقّى رسائل من كل مكان، وهي تعبير عن قلق الأهالي على أحبائهم في السجن، إذ لم تعد تصلهم أي أخبار عنهم عبر الصليب الأحمر أو المنظمات الدولية الأخرى منذ 7 أكتوبر".
الوسيلة الوحيدة للتواصل
وتقرأ مقدمة البرنامج ميسم البرغوثي بعض الرسائل المكتوبة، أو تعلق على بعض الرسائل الصوتية، وتقول: "إن بعض الرسائل فيها تفاصيل كثيرة، مثلًا موعد جلسة المحاكمة، أو عن تحويل الأموال إلى المحامي".
وتضيف أنها تخشى الرسائل التي يُطلب منها فيها إعلان وفاة أحد الوالدين، رغم أنها تعمل منذ أكثر من عقد من الزمن أمام الميكروفون. وتعبّر عن اعتقادها بأنها تتحمّل "مسؤولية هائلة" في لحظة "غير مسبوقة" في تاريخ الأسرى الفلسطينيين الذين "تبحث عائلاتهم عن أي أمل للتعلّق به".
وتشير إلى أن "العرض الإذاعي هو الطريقة الوحيدة للتحدّث مع أحد أفراد الأسرة، والحصول على المعلومات، لأنه لم يعد هناك أي تواصل حقيقي".
ويرجح أنه لم يعد بإمكان المعتقلين الوصول إلى أجهزة الراديو. غير أن الإذاعة تواصل بث برنامج شكّل صلة وصل بين الأسرى وعائلاتهم لزمن طويل على الرغم من القيود.
الأشهر الأصعب
ويقول إحسان كمال الذي حكم على شقيقه سائد بالسجن لمدة 38 عامًا بتهمة تنفيذ عمليات ضد إسرائيليين: "أخي في السجن منذ 22 عامًا، لكن الأشهر الثلاثة الأخيرة هي الأصعب بالنسبة لنا جميعًا". ويضيف: "كان والديّ يزورانه مرّة واحدة في الشهر، والآن ليس لدينا أي أخبار على الإطلاق ونسمع أن الوضع رهيب في السجون".
وتقول علا زغلول لوكالة "فرانس برس" إن قطع الاتصال بالسجون حيث يقبع زوجها العضو في كتائب شهداء الأقصى، حصل مرات عدة في السابق، "لكن هذه المرة مختلفة".
فقد أمضى زوجها محمد زغلول عشرين سنة متواصلة في الاعتقال، وأطلق سراحه بداية شهر أغسطس/ آب الماضي، قبل أن يعاد اعتقاله بداية العام الجاري.
وتقول علا في منزلها "كبرت بناتي بلا أب". وتضيف: "لسنوات، كانت بناتي يتحدثن معه عبر الهاتف عندما يتمكن من الاتصال بنا". وتقول ابنته الأقصى، وهي طالبة تبلغ من العمر 18 عامًا، "نحتاج فقط إلى سماع صوته. فقط من خلال لهجته، سنعرف ما إذا كان على ما يرام أم لا".
أكثر من 9 آلاف معتقل فلسطيني
ووفقاً لمنظمة "الضمير"، وهي منظمة غير حكومية تدافع عن الأسرى والمعتقلين، ونادي الأسير الفلسطيني، يوجد الآن أكثر من تسعة آلاف معتقل فلسطيني، بعد أن كانوا 5200 قبل الحرب.
وتتراوح التهم الموجهة إلى المعتقلين، وعدد ضخم منهم قيد الاعتقال الإداري، أي لم يحاكموا أو توجه إليهم تهم رسمية، بين القتل وتنظيم هجمات وتحريض على العنف عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
واستشهد تسعة فلسطينيين داخل سجون الاحتلال منذ بداية الحرب، الأمر الذي يثير قلق أهالي المعتقلين. ولم تتضح ظروف استشهادهم، لكن منظمات تتابع شؤون المعتقلين تحمّل إسرائيل مسؤولية ذلك.
وتقول إسرائيل إن تشديد الإجراءات حصل لمنع الأسرى الفلسطينيين من تنسيق هجمات من داخل السجون، حسب زعمها.
وكانت المحكمة العليا قد أعلنت أن القضاة سيزورون السجون التي يُحتجز فيها الفلسطينيون، استجابة لطلب من جمعية الحقوق المدنية الإسرائيلية، لكن منذ ذلك الحين لم تنشر أي معلومات حول ذلك.