مما لا شك فيه أن مهمة منظمة الصحة العالمية لم تكن سهلة في مواجهة فيروس كورونا ومتحوراته الجديدة لكن الأمر لم يخلُ من المطالبات بإعادة هيكلة المنظمة لجعلها أكثر جهوزية لمواجهة الأوبئة المقبلة.
وأنشئت منظمة الصحة العالمية عام 1948 القرن الماضي، بهدف تحسين الصحة في العالم بعد أن بدأت التحديات التي تواجه صحة الإنسان بالتزايد وتغيرت بشكل جذري ومتسارع ولا سيما في العقود الأخيرة، وتحديدًا خلال العامين الأخيرين في ظل جائحة كورونا.
لذلك، يرى المتابعون أن المنظمة مدعوة لسرعة الاستجابة والتطور لمواجهة الجائحة والتغيرات اليومية. فمنذ أن ضمن تيدروس أدهانوم ولاية ثانية على رأس الوكالة التابعة للأمم المتحدة، في مايو/ أيار المقبل، بدأت عواصم كثيرة في العالم المطالبة بتحسين هيكلة المنظمة لتحسين الاستجابة المستقبلية للأزمات العالمية.
انتقادات ودعوات بلا تجاوب
فعلى الرغم من الإشادة التي تلقتها المنظمة من خلال المجهودات التي بذلتها خلال إدارتها أزمة كورونا، لكنها واجهت أيضًا انتقادات لاذعة بسبب ما عدّه البعض إخفاقات والكشف عن مواطن القصور في عمل المنظمة.
أما أبرز هذه الانتقادات فكانت من بكين بعد أن هاجمها أدهانوم الذي اعتبر أنها لم تكن شفافة بخصوص منشأ الوباء.
كما أظهرت الجائحة أيضًا أن دعوات المنظمة بقيت في غالب الأحيان بدون صدىً، ولا سيما بعد أن دعت الدول الغنية للحد من عدم المساواة في ما يتعلق باللقاحات أو فرض تجميد الجرعات المعززة بهدف تأمين التوزيع العادل بين مختلف الدول.
وواجهت الوكالة الأممية الصحية اتهامات بتأخر الاستجابة للجائحة وتوجيه رسائل متناقضة ومعلومات غير دقيقة، إلى جانب اتهام واشنطن لها خلال عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بالانحياز للصين، بوقت ظلّت المنظمة مصرة على رفض كل الانتقادات الموجهة إليها.
تخبط بسبب الجائحة
ومن الرباط يتحدث خالد فتحي الباحث في السياسيات الصحية لـ"العربي"، عن التخبط الذي عاشته منظمة الصحة العالمية منذ بداية كوفيد-19، مشيرًا إلى أن المدير العام للمنظمة "كان في قلب هذه الاتهامات التي سلطها عليه ترمب الذي كان يبحث عن كبش فداء للأرقام المتزايدة في الإصابات بأميركا".
ويضيف أنه يجب إنصاف المنظمة بالاعتراف بأنها "واجهت الوباء بحالة من الإنكار ربما لأن الوباء انطلق من الصين". أما فيما يتعلق بأداء الوكالة العالمية خلال السنتين المنصرمتين فيقول فتحي إنه عرف مرحلتين حيث "لم تكن في المرحلة الأولى وحدها من أنكر الوباء فكل العالم كان يرفض ذلك".
ويشير إلى أن المدير الحالي للمنظمة كان يخاف من المبالغة في تحذير الدول، إذ "لم يكن يرغب في إلحاق الضرر بالتجارة العالمية وحركة المرور العالمية.. ولأن الصين دولة عظمى لم يكن بإمكانه توجيه انتقاداته بحزم لدولة بهذا الحجم على عكس ما كان يفعل عندما كان ينطلق أي تفشّ وبائي آخر من إفريقيا حيث تكون هناك سرعة استجابة وسرعة تحميل المسؤولية للدول المعنية".
هل أخفت منظمة الصحة العالمية معلومات؟
وعن شفافية منظمة الصحة العالمية، يتطرق الباحث في السياسات الصحية إلى اتهام تيدروس أدهانوم بأنه لم يتصرف كموظف دولي وإنما كان يتصرف كمدير للعلاقات العامة بالحزب الشيوعي الصيني.
وعليه، يرى خالد فتحي أنه لو كان صريحًا منذ اليوم الأول "لكان بإمكانه تجنيب العالم هذه المأساة لأن تايوان على سبيل المثال والتي هي ليست عضوًا في منظمة الصحة العالمية ولا في الأمم المتحدة أرسلت إنذارًا إلى المنظمة أواخر ديسمبر/ كانون الأول 2019 بأن هناك حالات مرض غريبة في ووهان الصينية.. لكن المدير العام لم يستجب لها".
أما عن سبب عدم استجابة أدهانوم لهذا التقرير يرجح الخبير أن يكون ذلك على خلفية اعتبار تايوان دولة متمردة على الصين.