الجمعة 15 نوفمبر / November 2024

وضع كارثي في غزة.. لماذا تصر واشنطن على إقامة ممر بحري؟

وضع كارثي في غزة.. لماذا تصر واشنطن على إقامة ممر بحري؟

شارك القصة

أكد وزير الخارجية الأميركي أن الممر البحري إلى غزة  ليس بديلًا عن الطرق والمعابر البرية في إيصال المساعدات - غيتي
أكد وزير الخارجية الأميركي أن الممر البحري إلى غزة ليس بديلًا عن الطرق والمعابر البرية في إيصال المساعدات - غيتي
لم يقدم القائمون على فكرة الميناء إجابات واضحة بشأن طريقة توزيع المساعدات وتأمينها في ظل حالة من الفوضى التي سببها الاحتلال الإسرائيلي.

يتجلى الإصرار الأميركي على المضي قدمًا في مشروع بناء ميناء بحري عائم قبالة سواحل غزة بتأكيدات متلاحقة على لسان المسؤولين الأميركيين بالشروع في إنشائه والعنوان الأبرز هو إرسال "مزيد من المساعدات إلى غزة".

لكن الغريب أن واشنطن وأطرافًا إقليمية ودولية تبدي جدية كبيرة في موضوع الميناء العائم، رغم أنه يحتاج وقتًا لإنجازه يقدر بنحو شهرين.

في وقت أكدت فيه الولايات المتحدة وأوروبا أن الميناء يعد أقل فاعلية من المعابر البرية الموجودة أصلًا فيما يتعلق بإيصال المساعدات العاجلة والكافية لسكان القطاع الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي خلّف أكثر من 31 ألف شهيد فلسطيني، فيما تراه أطراف إسرائيلية تقويضًا لحكم حركة حماس بغزة.

ممر بحري في غزة

بالمقابل، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أن الممر البحري إلى غزة ليس بديلًا عن الطرق والمعابر البرية في إيصال المساعدات، لكنه شدّد على مضي بلاده قدمًا في إنجاز المشروع، مطالبًا في الوقت ذاته إسرائيل بفتح أكبر عدد ممكن من نقاط الوصول إلى القطاع المحاصر.

وفي موقف مماثل عبر عنه الاتحاد الأوروبي، بقوله: إن "تدشين ممر بحري أو الإسقاط الجوي لن يغنيا عن فتح مزيد من الطرق البرية لإيصال المساعدات".

وكذلك الحال، قال وزير الخارجية القبرصي إن هذا الممر لا ينافس طرق المساعدات الأخرى وليس بديلًا عن الطرق البرية.

وتأتي هذه المواقف الدولية فيما تسود حالة من الترقب لوصول سفينة مساعدات إنسانية تابعة لمنظمة "أوبن آرمز" الإسبانية غير الحكومية و"ذا كيتشين وورلد سنترل" إلى ساحل غزة لترسو، مقابل شارع الرشيد شمال غربي مدينة الزهراء، وفق ما ورد من معلومات.

والسفينة التي أبحرت من ميناء لارنكا في  قبرص تحمل مئتي طن من المساعدات والأغذية، كما سيلحقها مساعدات أخرى سترسل من قبرص إلى غزة في الأيام المقبلة عبر طريق بحري جديد يجري اختباره، بحسب ما أعلنته لارنكا.

في حين، أفادت مصادر محلية في غزة بنقل مكعبات إسمنتية في سياق خطوات لوجستية مرتبطة بميناء غزة المؤقت.

وأمام هذه المعطيات، إلا أن القائمين على فكرة الميناء لم يقدموا إجابات واضحة بشأن طريقة توزيع المساعدات وتأمينها في ظل حالة فوضى نتجت عن مشهد كارثي إنساني في القطاع تسبب به الاحتلال الإسرائيلي.

فيما تضع التصريحات الواردة من تل أبيب بخصوص الميناء مزيدًا من علامات الاستفهام، وأحدثها تصريحات وزير الأمن يؤاف غالانت الذي قال إن وجود الميناء سيقوض حكم حركة حماس في القطاع.

بدء العمل على نقل كتل إسمنتية لبناء رصيف بحري في وسط قطاع غزة - غيتي
بدء العمل على نقل كتل إسمنتية لبناء رصيف بحري في وسط قطاع غزة - غيتي

ومع غموض يحوم حول تفاصيل متعلقة بالممر البحري، أكد مسؤول المساعدات الإنسانية وإدارة الأزمات بالاتحاد الأوروبي، يانيز لينارتشيتش، وجود مجاعة بالفعل في مناطق بالقطاع.

في حين تعالت أصوات تطالب أميركا ودولًا فاعلة أخرى بضرورة الذهاب إلى معالجات أسرع وأكثر نجاعة من الميناء لإغاثة سكان القطاع، خاصة أن واشنطن بإمكانها ممارسة الضغط على إسرائيل لفتح معابر القطاع وإدخال المساعدات الكافية، باعتبارها وصفة وحيدة لإنقاذ سكان القطاع من المجاعة.

خطوات خدّاعة للرصيف البحري في غزة

وفي هذا السياق، يرى مدير مركز مسارات للأبحاث هاني المصري، أن بعض الدول بدلًا من أن تقوم بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي حاولت القيام بإنزال جوي، معتبرًا أنها "مسرحية أكثر من أنها خطوة جدية".

وذكّر المصري في حديث إلى "العربي" من رام الله، بأن فكرة إنشاء الرصيف البحري "هي فكرة إسرائيلية وليست أميركية، وهي خطوة تدل على محاولة واشنطن تجنب الصدام مع الحكومة الإسرائيلية".

ويعتبر أن واشنطن تحاول القيام بخطوات خداع للآخرين وللرأي العام الأميركي بعد موجة الغضب من سياسات الإدارة الأميركية تجاه الوضع في قطاع غزة.

ويوضح المصري في مداخلته بأنّ الهدف الإسرائيلي من وراء إدخال المساعدات عن طريق البحر هو ما قاله وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت بشأن "تقويض حكم حماس"، حيث لا تريد تل أبيب مشاركة المنظمات القائمة بعملية توزيع المساعدات.

كما يرى أنّ الخطوة تهدف إلى تقسيم قطاع غزة بين الشمال والجنوب وتقليص مساحة القطاع جغرافيًا، باعتبار أنها خطوة روجت لها إسرائيل من ناحية التهجير إلى قبرص عبر هذا الرصيف بدلًا من الحدود المصرية، كما أن "الرصيف يعطي شرعية لإسرائيل لتنفيذ عمليتها في رفح".

"رفع الضغط عن إسرائيل"

بدوره، يقول معتز أحمدين خليل وهو دبلوماسي سابق، إن "الرصيف يعبر عن الفشل في التوصل إلى دخول المساعدات بصورة أكثر انتظامًا وبالكميات المناسبة لإنقاذ أهالي غزة".

ويضيف في حديثه إلى "العربي" من القاهرة، أن "هذا الميناء ليس فقط يساهم في تدعيم موقف إسرائيل، بل يرفع الضغط عنها أكثر مما يرفعه عن الفلسطينيين".

ويرى أن "إسرائيل تحاول تجربة الوضع الجديد الذي تريد فرضه بعد الحرب، وهو احتلال محور فلادليفيا وقطع التواصل الجغرافي بين مصر وقطاع غزة، وبالتالي تقسم دور مصر وكذلك تجريب إسرائيل التحكّم بإيصال المساعدات بعيدًا عن المجتمع الدولي، وهذا تطور خطير".

ونوه خليل: "إلى أن الطريق الأسرع هو إيصال المساعدات برًا، وبالتالي الرصيف هو يعني إيصال المساعدات من الطريق البعيد".

واستدرك قائلًا: "إن اقتراح الميناء مع قبرص هو أول من طرحه وزير خارجية إسرائيل وأيده رئيس قبرص وقتها وكذلك أشارت الصحف الأميركية إلى أن نتنياهو عرضه على بايدن وعلى الرئيس القبرصي، وبالتالي هو فكرة إسرائيلية وليست أميركية".

وتابع: "إسرائيل طرحت أيضًا نقل الفلسطينيين إلى جزر في البحر المتوسط، وبالتالي هذه الأفكار الغريبة تشير إلى نوايا إسرائيل بمحاولة عزل القطاع وفرض الحصار والفوضى حتى تجبر المجتمع الدولي إلى إيصال المساعدات عن طريقها". 

المجاعة كسلاح حرب

من جانبه، يقول جيمس موران، الدبلوماسي السابق وزميل في مركز دراسة السياسات الأوروبية: "بما يتعلق بنزوح الفلسطينيين إلى الخارج فإن الأغلبية من الشعب الأوروبي يجدون هذا سيئًا ومرفوضًا وهذا ضد القانون الدولي والقيم الأوروبية".

ويضيف موران في حديث لـ "العربي" من بروكسل، أن "هذا الأمر لا يحصل على أي دعم في أوروبا ولكن السؤال كيف يمكن أن نقوم في أوروبا للحفاظ على حياة المواطنين في غزة؟ وهذا صعب للغاية لأن الاتحاد الأوروبي قال إن الوضع بغزة تستخدم فيه المجاعة كسلاح حرب".

ويعتبر أن "الإسقاط الجوي للمساعدات والمعابر البحرية هي مجرد خطوات بسيطة للضغط على إسرائيل لفتح المعابر البرية إلى غزة لإدخال المساعدات".

واستدرك قائلًا: "الضغط غير موجود على إسرائيل للقيام بالصواب واحترام القانون الدولي وخاصة أن قرار محكمة العدل الدولية كان واضحًا بأن السياسات الإسرائيلية الحالية بإنكار حق الفلسطينيين وتأمين الأغذية والأدوية هو ضد القانون الدولي بشكل تام".

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة
Close