ذكر مصدر في النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب أن كاهنًا رواندًيا يقيم في فرنسا منذ عشرين عامًا وحصل على الجنسية الفرنسية، أوقف، يوم الأربعاء، بسبب اتهامات حول دوره في مجزرة ذهب ضحيتها أفراد من إثنية التوتسي لجأوا إلى كنيسته في بداية حملة الإبادة في رواندا.
وقال مصدر في مكتب النائب العام لمكافحة الإرهاب لوكالة "فرانس برس": إن مارسيل هيتايزو المولود في عام 1956، اتهم رسميا الأربعاء بـ"حرمان أفراد من التوتسي لجأوا إلى كنيسته من الطعام والمياه" و"تقديم مواد غذائية إلى أعضاء الميليشيا الذين هاجموا هؤلاء اللاجئين التوتسي" في أبرشيته في موبوغا بجنوب رواندا.
وقالت النيابة المكلفة بمتابعة ملفات الجرائم ضد الإنسانية في بيان: إن "مارسيل هيتايزو نفى هذه الوقائع خلال استجوابه أمام قاضي التحقيق".
وأمر باعتقاله قاضٍ من "قطب الجرائم ضد الإنسانية" في محكمة باريس مكلف منذ 26 يوليو/ تموز 2019 بتحقيق يستهدف القس فتح بعد ثلاث سنوات على رفض القضاء الفرنسي نهائيًا في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، تسليم مارسيل هيتايزو إلى رواندا.
وبعد استجوابه، اتُهم القس بارتكاب "إبادة جماعية"، و"التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية"؛ ووضع في الحبس الاحتياطي.
وذكرت صحيفة "لا كروا" أن الرجل أمضى ثلاث سنوات في مخيمات اللاجئين في شرق الكونغو ثم وصل بين 1998 و1999 إلى فرنسا وحصل على اللجوء في "يناير/ كانون الثاني 2011".
اختبأت بين الجثث
ورأى آلان غوتييه أحد مؤسسي جمعية الأطراف المدنية لرواندا، التي تضم أطراف الادعاء في الملف أن توجيه الاتهام لهيتايزو "نبأ ممتاز". وقال: "يجب على الكنيسة أن تسأل نفسها عن كيفية منح مسؤوليات لأشخاص يشتبه في مشاركتهم في إبادة جماعية".
وفي ديسمبر/ كانون الأول، جمع صحافي في فرانس برس رافق آلان غوتييه في تحقيقاته في رواندا، شهادتَي ناجيتين من موبوغا.
وقالت المرأتان: إن الكاهن كان ينشد أمام اللاجئين الخائفين "أغاني يتم ترديدها عادة خلال جلسات الترحم على الأموات"، بينما كان مسلحو ميليشيا الهوتو المتطرفة "انترهاوامي" المسؤولة عن الإبادة في المكان. وصرحت إحداهما: "كنا مثل الأحياء الأموات".
وروت إحداهما، التي كانت في العاشرة من عمرها في 1994، وهي تبكي أنها بقيت في الكنيسة "أسبوعين مختبئة بين جثث أفراد عائلتها" بسبب حالة الهلع التي أصابتها بعد هجوم المسلحين، إلى أن أخرجتها جرافة جاءت تجمع الجثث.
الإبادة الجماعية في رواندا
وبين أبريل/ نيسان ويوليو/ تموز 1994، قتل في الإبادة الجماعية أكثر من 800 ألف شخص حسب الأمم المتحدة، غالبيتهم من أقلية التوتسي.
ويشكل المصير القضائي للمشتبه بتورطهم في هذه المجازر اللاجئين في فرنسا واحدًا من الملفات الخلافية بين باريس وكيغالي التي تسمم العلاقات بينهما، وتثير تساؤلات عن دور السلطات الفرنسية في 1994.
ويميل الجانبان إلى التهدئة منذ نشر تقرير المؤرخ الفرنسي فنسنت دوكلير الذي خلص في مارس/ آذار إلى أن باريس تتحمل "مسؤوليات جسيمة" خلال المجازر.
وأحيل سبعة متهمين إلى محكمة الجنايات في فرنسا لارتكابهم جرائم مرتبطة بهذه الإبادة الجماعية، لكن ثلاثة منهم فقط حوكموا وأدينوا. وما زال نحو ثلاثين تحقيقًا جاريًا.