شهد الفلسطينيون في القدس المحتلة أمس الأحد يومًا عصيبًا، بعد انطلاق مسيرة الأعلام الإسرائيلية الاستفزازية، والتي احتشدت في باب العامود وسط تعزيزات كبيرة لشرطة الاحتلال.
وتنظَم المسيرة سنويًا و"يحتفل" فيها المستوطنون باحتلال إسرائيل البلدة القديمة في حرب عام 1967. وقد شهدت هتافات معادية للعرب لدى دخول المستوطنين من باب العامود، وهي البوابة الرئيسة للحي الإسلامي بالبلدة القديمة.
مواجهات واعتقالات
وأسفرت المسيرة عن مواجهات بين قوات الاحتلال والفلسطينيين في شارع صلاح الدين وأحياء أخرى، وأفضت إلى اعتقال عشرات الفلسطينيين المشاركين في مسيرة أعلام فلسطينية مضادة.
وأكد الهلال الأحمر في القدس المحتلة إصابة 62 مقدسيًا جراء اعتداء عناصر الشرطة الإسرائيلية ومستوطنين على الأهالي في البلدة القديمة ومحيطها. كما اقتحمت قوات الاحتلال مستشفى المقاصد.
مواجهات في مدن الضفة الغربية على خلفية مسيرة الأعلام الإسرائيلية بـ #القدس#للخبر_بقية #فلسطين pic.twitter.com/4md25IFWB4
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) May 29, 2022
واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت أن رفع العلم الإسرائيلي في ما سماها "عاصمة إسرائيل" أمر طبيعي.
من ناحيته، دخل رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو على خط الأحداث محتفلًا بما يسميه يوم توحيد القدس.
ويرى البعض في خطوة نتنياهو جزءًا من مزايدات الداخل الإسرائيلي على من ينتهك حقوق الفلسطينيين أكثر.
"ما جرى لن يغتفر"
وأججت مسيرة الأعلام الإسرائيلية صراعًا متأججًا أصلًا مع الفلسطينيين، الذين يعتبرون الخطوة الإسرائيلية استعراضًا للقوة وجزءًا من حملة للهيمنة وبسط النفوذ في أنحاء المدينة المقدسة، التي لم تتوقف فيها يومًا محاولات التهويد والاستيطان.
إلى ذلك، أفاد مراسل "العربي" أن عدد الذين اقتحموا المسجد الأقصى المبارك أمس الأحد تجاوز 2600 مستوطن، في سابقة هي الأولى منذ احتلال الأقصى.
وشارك في الاقتحامات عضو الكنيست المتطرّف إيتمار بن غفير، حيث أدّى المستوطنون صلوات تلمودية تحت حماية جنود الاحتلال الإسرائيلي.
وأكد رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، أن ما جرى في مدينة القدس والمسجد الأقصى "لن يغتفر".
وأشار المستشار الإعلامي لهنية، طاهر النونو، إلى أن "بعض الأطراف بدأت الاتصال برئيس الحركة من أجل العمل على احتواء الموقف، وعدم تدهور الأمور أكثر مما جرى حسب قولهم".
وأفاد أن "رئيس الحركة أكد لهذه الأطراف أن ما جرى في القدس والمسجد الأقصى لن يغتفر، وأن المقاومة ستواصل طريقها حتى اجتثاث الاحتلال عن أرضنا وقدسنا".
ولفت إلى أن هنية رفض أن يعطي تعهدًا أو ضمانات لأي طرف لما يمكن أن تكون عليه الأوضاع داخل فلسطين المحتلة، بل إن ما جرى هو اعتداء على كل مسلم وحر في هذا العالم".
قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتدي على نساء فلسطينيات في شارع صلاح الدين بـ #القدس المحتلة#فلسطين pic.twitter.com/Ih5ICpkcqz
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) May 29, 2022
من ناحيته، يرى الخبير بالشأن الإسرائيلي عصمت منصور أن المسيرة لم تحمل فقط دلالات سلبية.
ويشرح في حديثه إلى "العربي" من رام الله، أنه إلى جانب الوحشية التي تصرفوا بها، وتدنيس المقدسات والشتم للعرب وللأنبياء، رأى العالم مدينة مقسمة وتخضع لاحتلال عسكري يُفرض بالقوة العسكرية على شعب يقاومه، ولا يُسمح له حتى برفع العلم في وجه هذا الاحتلال.
ويلفت إلى أنه حتى عندما أراد الاحتلال إظهار المسيرة على أنها تعبير عن وحدة المدينة، ظهرت القدس أمام كل العالم كمدينة تخضع لاحتلال وشعب أصلي يعيش فيها تحت نظام فصل عنصري يقاوم هذا الاحتلال.
"انتهاك صارخ للقانون الدولي"
إلى ذلك، أثارت التطورات في القدس ردود فعل عربية وإسلامية، حيث أدانت وزارة الخارجية القطرية بأشد العبارات الاقتحام، ووصفته بأنه انتهاك صارخ للقانون الدولي وامتداد لمحاولات تغيير الوضع التاريخي والقانوني للمسجد الأقصى.
وحذرت من أن "استمرار الانتهاكات الخطيرة والاستفزازية بحق المسجد يمثل رغبة واضحة من جانب الاحتلال في توجيه الصراع إلى حرب دينية".
وجدّدت تأكيد أن دولة قطر على موقفها الثابت من عدالة القضية الفلسطينية وحقوق شعب فلسطين وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأدانت الخارجية المصرية ما حدث في الأقصى، محذرة من "مغبة هذه التطورات والممارسات الاستفزازية على استقرار الأوضاع في الأراضي الفلسطينية".
وكذلك أكدت خارجية الكويت، أن ما حدث بحق الأقصى "يشكل استفزازًا لمشاعر المسلمين ويزيد من فرص المواجهات الدينية"، داعية لتحرك المجتمع الدولي.
بدورها، جدّدت الخارجية التركية مطالبتها إسرائيل باتخاذ تدابير تحافظ على الوضع الراهن للأماكن المقدسة في مدينة القدس وعدم السماح لأي أعمال استفزازية، معتبرة ما حدث انتهاكًا صارخًا للوضع القائم بالمسجد الأقصى.
وفي سياق متصل، دعت الجامعة العربية إلى تحرك دولي لوقف إسرائيل عن تلك "الاستفزازات التي تؤجج المشاعر الدينية".
وحذر مجلس التعاون الخليجي، من "تفاقم الأوضاع بالقدس"، داعيًا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته للحفاظ على سلامة المسجد الأقصى.
كما أدانت منظمة التعاون الإسلامي، "التصعيد الخطير بحق الأقصى، الذي يشكل تحديًا سافرًا لمشاعر الأمة الإسلامية"، داعية المجتمع الدولي إلى "التحرك من أجل وضع حد لهذه الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة".
بدورها، أدانت جماعة الإخوان "الممارسات القمعية" بحق المسجد الأقصى، موضحةً أن "القدس مدينتنا والأقصى قبلتنا لن نتخلى عنها ولن نفرط فيها، وعلى الأمم المتحدة والقوى الكبرى الكف عن ازدواجية المعايير".