الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

12 عامًا على الثورة.. ما الذي حوّل أحلام الليبيين إلى كابوس صراعات؟

12 عامًا على الثورة.. ما الذي حوّل أحلام الليبيين إلى كابوس صراعات؟

شارك القصة

حلقة من برنامج "للخبر بقية" تبحث في ملامح الأزمة المستفحلة في ليبيا مع مرور 12 عامًا على الثورة في ظل الانسداد السياسي المستمر وتصاعد الخلافات بين الفرقاء (الصورة: غيتي)
على مدى 12 عامًا واجهت ليبيا اصطفافات وانقسامات تحولت إلى اشتباكات مسلحة أحيانًا، فيما فشلت كل المحاولات الأممية في احتواء الخلافات.

تتوالى الجهود الأممية والدولية لإيجاد مخرج للأزمة المشتعلة في ليبيا، إلا أنها لم تنجح على مدار 12 عامًا في انتشال الليبيين من بئر مصائبهم السياسية والاقتصادية والأمنية.

فتسعة مبعوثين أممين وحكومة مؤقتة ومبادرات إقليمية ودولية، فضلًا عن اجتماعات ماراثونية لمت كل أطياف المشهد، لم تصل بالليبيين إلى شاطئ الأمان وبقيت الأمور تراوح مكانها.

وكانت أولى المبادرات الأممية مع انطلاق الثورة عام 2011 تحت بند "حماية المدنيين" ليكون الملف بأكمله فيما بعد تحت القيادة الأممية .

وعانت الأزمة الليبية طوال تلك السنوات من غياب التوافق الدولي ما أخر كثيرًا من الحلول.

وتخلل تلك الأوضاع داء عضال تمثل بالانقسامات والاصطفافات مع غياب مؤسسات دولة قوية تستطيع إدارة البلاد وبناء هياكلها من جديد، فيما فشلت كل المحاولات الأممية في احتواء الخلافات أو بإقناع الفرقاء بالجلوس إلى طاولة واحدة.

وما زالت الأزمة الليبية تصطدم بجدار من العقبات بينها إمكانية إجراء الانتخابات خصوصًا مع استحالة التقارب بين شطري البلاد الشرقي والغربي واستفحال النزاع على السلطة والموارد النفطية بين القادة السياسيين.

كما لم يتفق الفرقاء بعد على قاعدة دستورية ناظمة للترشح إلى الانتخابات وهي عقبة تقف في طريق انعقاد العملية الانتخابية وتوحيد البرلمان.

"بداية المشكلة"

وفي هذا الإطار، يقول الصحفي المتخصص بالشأن الليبي ميركو كليبيرث: إن أول الاخطاء التي ارتكبها بعض الثوار هو حصولهم على المال مقابل المشاركة في الثورة.

ويلفت في حديث إلى "العربي" من تونس إلى أن تقاضي هؤلاء الأموال يرمز إلى بداية المشكلة في ليبيا منذ ذلك الحين والتي استمرت حتى اليوم، وهي تتعلق بتوزيع الثروة والأموال على المقاتلين.

كما تحدث كليبيرث عن قانون العزل الذي عزل الكثير من المواطنين في المؤسسات والجامعات وغيرها بعيدًا عن المشهد السياسي، معتبرًا أنه أبعد كثيرًا من الناس الذين كانوا مستعدين للتفاوض والوصول إلى حلول وسط.

كليبيرث شدد على أنه كان يمكن لليبيا أن تكون في حال أفضل حاليًا لو استثمرت الأموال بشكل متساو في القطاعات الهامة.

وانتقد الخطاب المتكرر الذي لا يزال موجودًا بأن العاصمة طرابلس أغنى بكثير من الجنوب، مؤكدًا أنها منطقة منسية ولا يتم الالتفات إليها.

"رغبة بتنصيب عائلة بديلة لآل القذافي"

بدوره، يرى وزير التخطيط الليبي السابق عيسى التويجري أن الليبيين أثبتوا في بداية الثورة عام 2011 أنهم يريدون التحول إلى نظام جديد، وذهبوا إلى الانتخابات وانتخبوا برلمانًا شكل بدوره حكومة.

التويجري الذي لفت في حديث إلى "العربي" من العاصمة طرابلس إلى أن الأمور سارت في البداية بشكل جيد، اعتبر أن "الأمور تغيرت فيما بعد؛ حيث كان العامل الحاسم هو التدخل الأجنبي الذي لا يرغب في أن تكون ليبيا دولة ديمقراطية وخاصة في أعقاب ثورة".

وأكد أن "عدم الرغبة في قيام دولة ديمقراطية في ليبيا يعود إلى أن هذا الأمر يشكل تهديدًا كبيرًا على دول أخرى لديها أنظمة استبدادية"، معتبرًا أن ليبيا ليست الدولة الوحيدة التي مُنعت من هذا التحول بل طال هذا الأمر أيضًا تونس ومصر بحسب التويجري.

وقال: "في البداية كان التدخل واضحًا من الإمارات العربية المتحدة ومن مصر حيث دعمتا الثورة المضادة بالسلاح"، كما تحدث عن تدخلات أخرى وصفها بـ"السلبية" من قبل فرنسا وروسيا، إضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية في فترة حكم دونالد ترمب.

وشدد على أن هناك رغبة بتنصيب عائلة بديلة لعائلة القذافي الحكم، معتبرًا أن المشكلة لم تكن حول طبيعة النظام بل مع القذافي نفسه.

"غياب الثقة بالدولة"

الكاتب والباحث السياسي علي أبو زيد أوضح أن "الثورة في ليبيا جاءت نتيجة تراكم الفشل في السلطة لمدة 40 عامًا غابت فيها التنمية ووجوه النهضة في ظل ديكتاتورية مطلقة".

ولفت إلى "العربي" من مصراتة إلى أن الليبيين وجدوا نفسهم أمام فراغ سياسي في ظل نقص للخبرة وغياب لمؤسسات حقيقية لإدارة الدولة والعقد الاجتماعي والدستور المحكم الذي يتفقون عليه. كما تحدث عن أزمة على صعيد النخبة التي تقود البلاد.

وأشار أبو زيد إلى أن كل هذه الأمور أدت إلى غياب الثقة بالدولة وبدء الصراعات الداخلية في ظل وجود تدخل خارجي تهمه بالدرجة الأولى مصلحته.

وقال: إن الدول التي تشكل منظومة المجتمع الدولي وجدت نفسها بعد سقوط القذافي مطالبة بالتدخل لحماية مصالحها ولدعم طرف على حساب آخر.

وخلص إلى أن ما حصل هو "توليفة من الفشل الداخلي الذي ولّد صراعًا وصل أكثر من مرة إلى المواجهة المسلحة، إضافة إلى دعم دولي خارج المنظومة الدولية"، مشددًا على أن الليبيين يتحملون بالدرجة الأولى مسؤولية حل مشاكلهم الداخلية.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close