نتيجة صراع على الأرض والنفوذ بين أكبر مجموعتين عرقيتين، تحوّلت ولاية مانيبور الهندية إلى ما يُشبه ساحة حرب أهلية، تسبّبت في مقتل أكثر من مئة شخص وإصابة العشرات ونزوح الآلاف.
وتنقل الأخبار الواردة من الولاية النائية شمال شرقي الهند، صورة قاتمة للوضع على الأرض، إذ جهّزت آلاف قطع السلاح لقتالٍ قد يدوم أشهرًا طويلة بين أفراد عرقية "الميتي" الهندوسية وبين شعب "الكوكي"، وأثار الصراع استياءً حول العالم.
وتمثّل عرقية "الميتي" نسبة 53% من سكان الولاية، وغالبية أفرادها من الهندوس، بينما يمثّل شعب "الكوكي" نسبة 47%، ومعظمهم من المسيحيين.
جذور الصراع في ولاية مانيبور الهندية
تعود جذور الصراع إلى أربعة عقود مضت، في ولاية تشهد حالات من التمرّد المستمر، وحالة من انعدام الثقة بين الأهالي وقوات الأمن أو الجيش.
وفي مايو/ أيار الماضي، تفاقمت التوترات بين المجموعتين العرقيتين بعد احتجاج أقلية "الكوكي" على مطالبات لأغلبية "الميتي" بمنحها وضعًا قبليًا رسميًا في الولاية، ما سيُمكّنها بموجب القانون الهندي من الحصول على حصص إضافية في الوظائف الحكومية، والاندماج في الجامعات.
وتعتقد أقلية "الكوكي" أنّ هذا الإجراء سيُعزّز نفوذ شعب "الميتي" على حكومة الولاية، وسيسمح له لاحقًا بالسيطرة على مناطق يسكنها شعب "الكوكي"، وأراضي الغابات الموروثة عن الأجداد.
وتتزامن حالة الغضب التي تسود أقلية "الكوكي" مع اتهامات تُوجّهها لرئيس وزراء الولاية بسبب حربه ضد زراعة نبات الخشخاش الذي يُستخدم في تجارة الهيروين، بشنّ حرب تستهدف الجماعة ومناطق سيطرتها.
أعمال عنف "فظيعة"
ولم تأخذ التوترات التي صاحبت الاحتجاجات منحى سلميًا على الإطلاق، إذ تُشير تقارير حقوقية إلى وقوع أعمال عنف فظيعة، بينها قطع رؤوس وجرائم اغتصاب وتدمير مئات الكنائس وأكثر من 10 معابد.
كما شهدت الولاية أيضًا عمليات استيلاء الميليشيات التابعة للمجموعتين العرقيتين على آلاف قطع السلاح، ما دفع السلطات إلى إرسال عشرات الآلاف من الجنود وقطع الإنترنت وفرض حظر للتجوال في الولاية.
ما موقف رئيس الوزراء الهندي؟
وعلى الرغم من اضطرار أكثر من 60 ألف شخص إلى الهرب من بيوتهم، التزم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الصمت لأسابيع طويلة، وهو الذي لطالما اتُّهم بالتسبّب في إشعال النزاعات العرقية في البلاد ويقود حزبه حكومة الولاية.
وبعد انتشار مقطع مصوّر صادم على مواقع التواصل الاجتماعي، يُظهر سيدتين من أقلية "الكوكي" تُساقان عاريتين في الشارع وتتعرّضان للتحرّش والمضايقة من قبل رجال من أغلبية "الميتي"، اضطر مودي إلى وصف ما جرى بأنّه "عار على أي مجتمع متحضّر"، متوعدًا بمحاسبة المعتدين.
لكنّ شكوكًا كثيرة تحوم حول مدى جدية أو قدرة السلطات الاتحادية على مواجهة الموقف المشتعل في الولاية الواقعة على الحدود مع ميانمار.
وسلّط انتشار مقطع الفيديو أنظار العالم مجددًا على كيفية استخدام الاعتداءات الجنسية والاغتصاب كأدوات للعنف في النزاعات العرقية السائدة في البلد ذي الكثافة السكانية الأعلى في العالم.