فشلت الأمم المتحدة، اليوم الاثنين، في الحصول على مبلغ 3,85 مليار دولار الذي تحتاجه لتجنّب "مجاعة واسعة النطاق" في اليمن.
وأبدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خيبة أمله، بعد أن تعهّدت الدول المشاركة في المؤتمر الإفتراضي الذي عقدته المنظمة الدولية، بتقديم 1.7 مليار دولار فقط كمساعدات إنسانية لليمن لعام 2021.
وحذّر غوتيريش من أن "قطع المساعدات يمثل عقوبة الإعدام"، معتبرًا أن مبلغ 1.7 مليار دولار "أقلّ ممًا تلقّيناه لخطة الإستجابة الإنسانية لعام 2020، وأقلّ بمليار دولار ممّا تمّ التعهّد به في المؤتمر الذي عقدناه في 2019".
وإذ شكر الدول المانحة، اعتبر غوتيريش أن الأموال التي جُمعت اليوم "يمثّل دفعة أولى"، وطلب من الآخرين "التفكير مرة أخرى في ما يمكنهم فعله للمساعدة في تجنّب أسوأ مجاعة يشهدها العالم منذ عقود".
كما اعتبر أن "الطريق الوحيد لتحقيق السلام هو من خلال وقف فوري شامل لإطلاق النار (...) ومجموعة من تدابير بناء الثقة، تليها عملية سياسية شاملة بقيادة يمنية تحت رعاية الأمم المتحدة وبدعم من المجتمع الدولي".
وأضاف: "ليس هناك حل آخر"، مشددًا على أنّ الامم المتحدة "ستواصل تضامنها مع الشعب اليمني الجائع".
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنها قدّمت 191 مليون دولار كمساعدة إنسانية، كما تعهّدت السعودية بمبلغ 430 مليون دولار لدعم الخطة، فيما استبقت الامارات عقد المؤتمر، حيث أعلنت، الجمعة، التزامها بتقديم 230 مليون دولار.
ونظّمت الأمم المتحدة بالشراكة مع سويسرا والسويد المؤتمر الذي يهدف إلى جمع 3,85 مليارات دولار لتمويل عمليات الإغاثة ومنع "مجاعة واسعة النطاق" في اليمن الغارق بالحرب منذ أكثر من ست سنوات. وشارك في المؤتمر ممثلون عن أكثر من 100 دولة وجهة مانحة.
وكان غويتريش ناشد، خلال افتتاح المؤتمر، الدول المانحة التبرّع بسخاء لتجنّب مجاعة واسعة النطاق في اليمن.
وقال غوتيريش: "أناشد جميع المانحين أن يموّلوا نداءنا بسخاء لوقف المجاعة التي تخيم على البلاد"، مضيفًا أن "كل دولار مهم، وخفض المساعدات هو بمثابة عقوبة إعدام لعائلات بأكملها".
ووفقًا للأمم المتحدة، أدى النزاع المتواصل منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في العالم 2014، إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ووضع ملايين السكان على حافة المجاعة، ناهيك عن مقتل وإصابة عشرات آلاف المدنيين.
وينعقد المؤتمر في وقت يتصاعد النزاع مع محاولة الحوثيين السيطرة على مدينة مأرب، آخر معاقل السلطة المعترف بها دوليًا في الشمال، فيما تتكّثف الهجمات ضد السعودية الداعم العسكري الأكبر للحكومة.
وقال غوتيريش في كلمته: "المجاعة ستثقل كاهل اليمن. نحن في سباق إذا ما أردنا منع الجوع والمجاعة من إزهاق أرواح الملايين"، مضيفًا "ليست هناك من مبالغة في وصف شدة المعاناة في اليمن".
واعتبر أنه "بالنسبة لمعظم الناس، أصبحت الحياة في اليمن الآن لا تطاق. وتمثّل الطفولة في اليمن نوعًا خاصًا من الجحيم. هذه الحرب تبتلع جيلًا كاملًا من اليمنيين. يجب أن نُنهيها الآن ونبدأ بالتعامل مع عواقبها على الفور".
ووفقًا للأمم المتحدة، يواجه أكثر من 16 مليون شخص من أصل 29 مليون يمني، الجوع هذا العام، وهناك حوالي 50 ألف يمني "يموتون جوعًا بالفعل في ظروف تشبه المجاعة".
وفي زيادة بنسبة 22 بالمئة عن العام 2020، يواجه 400 ألف طفل تحت سن الخامسة خطر الموت جرّاء سوء التغذية الحاد في العام 2021.
والعام الماضي، جمعت الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية 1,9 مليار دولار من أصل 3,4 مليارات دولار كان يحتاجها البلد الفقير.
وفي نهاية سبتمبر/ أيلول، أفادت الأمم المتحدة أن نقص التمويل في العام 2020 أدى إلى وقف 15 من 41 برنامجًا إنسانيًا رئيسيًا في اليمن، فيما تراجعت نسبة توزيع المواد الغذائية وتوقّفت الخدمات الصحية في أكثر من 300 مرفق صحي.
وكان الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أوك لوتسما حذّر من أن الحرب تحوّل اليمن إلى "دولة غير قابلة للحياة"، مضيفًا أن "عوامل التنمية تبخّرت على مدار الحرب" وأصبح اليمن يشهد "أسوأ أزمة تنموية في العالم".
كما حذّرت 12 منظمة إنسانية من بينها "سايف ذي تشيلدرن" و"المجلس النروجي للاجئين" من "كارثة" في حال استمرار تخفيض التمويل، مشيرة إلى أن "هناك ستة ملايين شخص، بينهم ثلاثة ملايين طفل من دون مياه نظيفة وخدمات صرف صحي خلال جائحة عالمية" في إشارة إلى فيروس كوفيد-19.
"أسوأ مجاعة"
ويتزامن المؤتمر مع تحرّكات للإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن لإعادة الحرب في أفقر دول شبه الجزيرة العربية إلى مسار الدبلوماسية، خصوصًا بعدما انهت دعمها للتحالف العسكري الذي تقوده السعودية في هذا البلد منذ 2015.
وفي الوقت نفسه، يلتئم الاجتماع على وقع تصعيد عسكري كبير على الأرض مع مقتل مئات من الحوثيين والقوات الموالية للحكومة في معارك طاحنة قرب مدينة مأرب، آخر معاقل السلطة في شمال اليمن، وتكثيف الحوثيين هجماتهم ضد السعودية.
وتُعتبر محافظة مأرب وعاصمتها ملجأ للكثير من النازحين الذين فرّوا هربًا من المعارك. وتضمّ المحافظة 139 مخيمًا، تستقبل نحو 2,2 مليون شخص من بين 3,3 ملايين في أنحاء اليمن. لكن المعارك الأخيرة، أجبرت العائلات التي تعيش في هذه المخيمات على الفرار نحو مخيمات أخرى.
وقبيل انطلاق المؤتمر، التزمت الإمارات، الجمعة، بتقديم 230 مليون دولار.
واعتبر وكيل الأمين العام للامم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن لوكوك، في بيان، أن المجتمع الدولي أمام مفترق طرق في اليمن. يمكننا اختيار طريق السلام أو السماح بانزلاق إلى أسوأ مجاعة في العالم منذ عقود".