دفعت الحرب الدائرة في اليمن منذ أكثر من ست سنوات، والتي يرى كثيرون أنها "حرب بالوكالة"، باليمن الفقير إلى أزمة تصفها الأمم المتحدة بأنها أكبر أزمة إنسانية في العالم.
وتشير الأمم المتحدة إلى أن حوالي 16 مليون مواطن يمثلون أكثر من نصف سكان اليمن يعانون الجوع. ويحذر مسؤول الإغاثة الأول في الأمم المتحدة مارك لوكوك من أن خمسة ملايين من هؤلاء على "شفا المجاعة".
وتأمل الأمم المتحدة أن تتمكن يوم الإثنين من جمع حوالي 3.85 مليار دولار في اجتماع لإعلان التعهدات يعقد عبر الإنترنت لتفادي مجاعة واسعة النطاق "من صنع الإنسان" تمثل أسوأ ما شهده العالم من مجاعات منذ عشرات السنين، بحسب ما يحذر لوكوك.
معاناة الشعب اليمني لا تنتهي
قد لا يكون فيما سبق جديدًا، فالحديث عن الأزمة الإنسانية المتفاقمة في اليمن عمره من عمر الحرب، بل سابقٌ لها. إلا أنّ معاناة الشعب اليمني ازدادت بفعل انهيار الاقتصاد والعملة وجائحة كوفيد-19.
لكنّ الحالات الإنسانية لا تزال تفرض نفسها، ومنها حالة الطفلة أحمدية الجعيدي (13 عامًا) التي سلّط تقريرٌ لوكالة "رويترز" الضوء عليها، باعتبارها نموذجًا لأطفال يتضوّرون جوعًا، بسبب سوء التغذية؛ ما يتسبّب لهم بأمراض بالجملة
ووفقًا لتقرير "رويترز"، فقد بدت عينا الطفلة الجعيدي متسعة وهي تحتسي مشروبًا مغذيًا من كوب برتقالي كبير تمسك به بأصابعها النحيلة، بعد ثلاثة أسابيع على دخول المستشفى، بوزن لا يتجاوز تسعة كيلوغرامات.
ومع أنّ وزنها أصبح الآن 15 كيلوغرامًا، إلا أن شقيقها يخشى أن تتدهور حالتها مجدّدًا، "عندما نعود للريف مرّة أخرى بسبب نقص الطعام المغذي"، مضيفًا: "ليس لدينا مصدر دخل".
الإمدادات الغذائية اضطربت بسبب الحرب
ولا تشكّل الطفلة أحمدية الجعيدي حالة فريدة من نوعها في اليمن، الذي يزخر بالنماذج المماثلة، وربما الأقسى، نتيجة الحرب المدمّرة التي لم تترك "الأخضر ولا اليابس"، حيث تكشف الأمم المتحدة أن حوالي 80% من اليمنيين يحتاجون للمساعدة، وأن 400 ألف طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد.
ويعتمد اليمن في الحصول على جانب كبير من احتياجاته من المواد الغذائية على الاستيراد، وقد تسببت الأطراف المتحاربة في اضطراب هذه الإمدادات بشدة.
وقال لوكوك للصحافيين: "قبل الحرب، كان اليمن دولة فقيرة فيها مشكلة سوء تغذية، لكنه كان دولة فيها اقتصاد فعّال وحكومة توفر الخدمات لعدد كبير من أفراد شعبها. وقد دمرت الحرب ذلك إلى حد كبير".
وأضاف لوكوك: "في العالم الحديث المجاعات تتمثل في الأساس في عدم وجود دخل لدى الناس ثم تعطيل آخرين المساعي الرامية لمساعدتهم. وهذا بالضبط هو ما نجده في اليمن".
"الموت هو مصير اليمنيّين المحتّم"
وحذرت 12 منظمة إغاثة من بينها أوكسفام وهيئة إنقاذ الطفولة وكير إنترناشونال من أن 2.3 مليون طفل دون سن الخامسة في اليمن سيعانون الجوع هذا العام إذا لم تعمل الحكومات على زيادة التمويل يوم الإثنين.
وروى محسن صديقي مدير أوكسفام في اليمن حوارًا دار مع يمنية عمرها 18 عامًا تسبب الصراع في نزوحها وأصبحت تعيش في مخيم في شمال اليمن. ونقل عن الفتاة قولها: "جائحة كورونا تجعلنا أمام خيارين قاسيين، فإما البقاء في البيت والموت من الجوع، أو الخروج والموت من المرض".
وفي العامين 2018 و2019، استطاعت الأمم المتحدة منع حدوث مجاعة بفضل نداء لتقديم المساعدات أسفر عن تعهدات كبيرة من بينها تبرعات ضخمة قدمتها السعودية والإمارات والكويت. لكن، في 2020، لم تتلق الأمم المتحدة سوي ما يزيد قليلًا على نصف التبرعات المطلوبة وقدرها 3.4 مليار دولار.