عشر سنوات من الموت والخراب والدمار.. كيف "خُطِفت" الثورة السورية؟
مرّت عشر سنوات على الثورة السورية، الحدث الأكبر والأعظم في تاريخ سوريا الحديث، والحدث الأكثر ملحمية ومأساوية في القرن الحادي والعشرين.
لكن، بعد مرور عقد، لا يزال الكفاح السوري المرير والطويل نحو العدل والحرية والكرامة الإنسانية مفتوحًا على المجهول، مع تحوّل الثورة على يد النظام وحلفائه إلى حرب أهلية.
وفي النتيجة، عاش السوريون عشر سنوات من الموت والخراب والدمار وهدم البيوت وتهجير المواطنين، عقابًا لهم على المطالبة بالعدالة والحرية والكرامة الإنسانية.
كيف بدأت الثورة السورية؟
كانت البداية في السادس من مارس/ آذار 2011، عندما ألقت قوات الأمن القبض على الأطفال في درعا واعتقلتهم من دون الالتفات إلى أعمارهم، وظهرت صور وفيديوهات تشير إلى تعذيبهم وانتهاك طفولتهم.
يومها، نزل أهل درعا إلى الشوارع احتجاجًا، وامتدّت المظاهرات إلى سوريا بأكملها. لكنّ قوات النظام تعاملت مع المظاهرات بمنتهى العنف واعتقلت عشرات الآلاف من السوريين.
واستمرت الثورة السورية لستة أشهر كاملة ثورة سلمية، تحمل شعارات مدنية ومطالبات مستحقة بالعدالة والحرية والكرامة الإنسانية.
النظام السوري يزداد توحّشًا
ازداد النظام توحّشًا وبلغ درجة لم يتحمّلها قطاع من الجيش. وفي يوليو/ تموز 2011 تأسس "الجيش الحر" من مدنيين قرّروا حمل السلاح ومنشقّين عن جيش النظام السوري، قرروا القيام بدورهم الوطني وحماية المدنيين من بطش النظام.
وشهدت أواخر 2011 بدايات اقتحام قوات النظام للمدن السورية وارتكابه لمذابح طائفية بشعة. وفي منتصف 2013 بدأت معارك التحرير وبدا أنّ الثورة في طريقها إلى الانتصار.
هنا ظهرت "داعش"، وقصف النظام السوري مدنًا بأكملها بالصواريخ والبراميل المتفجرة بحجة محاربة "الإرهاب".
تدخلات خارجية على خط الثورة السورية
في أبريل/ نيسان 2013، استعان النظام السوري بـ"حزب الله" اللبناني الذي جاء بدعم مادي وعسكري إيراني و"جهاديين" من شيعة العراق وأفغانستان وباكستان.
وفي سبتمبر/ أيلول 2015، أعلنت روسيا التدخل في الشأن السوري بحجّة محاربة "داعش"، وأعادت القوات الروسية ما يزيد على 70 في المئة من الأراضي السورية إلى نظام بشار الأسد، وسقط آلاف الشهداء من المواطنين السوريين، فيما اضطر آخرون لترك بلادهم.
وفي أغسطس/ آب 2016 أعلنت تركيا تدخلها في الحرب السورية عبر عملية درع الفرات بحجة محاربة داعش وما وصفته بـ"الإرهاب الكردي" على حدودها. وفي يناير/ كانون الثاني 2018 عادت تركيا لشن عملية جديدة داخل الأراضي السورية فيما عرف بعملية "غصن الزيتون".
لكن، في يناير 2019، اتخذ الدعم الروسي لنظام بشار الأسد مسارًا تفاوضيًا، وأطلقت روسيا النسخة الأولى من محادثات أستانة بين النظام والمعارضة السورية، ما أسفر عن عودة أغلب الأراضي المحررة إلى النظام السوري.
الثورة فجّرت واقع القمع والقهر في سوريا
يرى الأكاديمي وأستاذ علم الاجتماع السياسي والرئيس السابق للمجلس الوطني السوري برهان غليون أنّ الثورة الشعبية ضد النظام الجائر هي الوليد الذي يجب النظر إليها في ذكرى الثورة، بدل تركيز الصورة على الدماء والحرب الأهلية.
ويدعو غليون، في حديث إلى "العربي"، لمعالجة الأخطاء والنقائص ونقاط الضعف التي جعلت إنجازات الثورة ضعيفة، وتحديدًا ضعف التنظيم الاجتماعي المدني والسياسي في الوقت نفسه، مشيرًا إلى أنه لم يكن هناك حياة سياسية إطلاقًا في سوريا، طيلة أكثر من نصف قرن عاش خلالها البلد تحت حكم استبدادي ظالم.
ويلفت إلى أنّ الثورة فجّرت هذا الواقع الذي كان مفروضًا على الشعب السوري، وهو واقع القمع والقهر، ولكنها دخلت في مسار جديد.
استراتيجية النظام.. الدفع نحو مواجهة عسكرية
ويشدّد الأكاديمي والسياسي السوري على أنّ استراتيجية النظام القائم كانت الدفع نحو مواجهة عسكرية من أجل تشتيت قوى الثورة ووضعها أمام تحدٍ لا تستطيع الرد عليه، في مقابل جيوش جرارة وقوات كبيرة في مواجهتها.
ويعرب عن اعتقاده بأنّ قيادة الثورة لم تنجح في الدفع نحو تفاعل الضباط المنشقين مع الفصائل التي تكوّنت بشكل عفوي، للدفاع عن النفس في القرى والأحياء والمدن، وتأطيرها.
كما يلفت إلى أنّ معظم الدول لم يكن لديها رغبة في توحيد قيادة الفصائل لتكون تحت سلطة سياسية تعطي للسوريين قوة أكبر في تقرير مصيرهم.