فتحت صباح اليوم الثلاثاء مراكز الاقتراع أبوابها في الانتخابات التشريعية الإسرائيلية الرابعة خلال عامين.
ويحق لنحو 6,5 ملايين إسرائيلي التوجه إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في محاولة لإنهاء حالة التشرذم السياسي ووضع حد لأطول فترة جمود تشهدها إسرائيل، وتحديد مصير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي قاد حملة تطعيم طموحة ضد فيروس كورونا ربما تمنحه ولاية جديدة.
ونتنياهو المستمرّ في منصبه منذ العام 2009 من دون انقطاع، والذي يُعتبر من أكثر الشخصيات السياسية شعبية، أثبت على مدى سنوات عدة عدم قدرته على تشكيل حكومة أغلبية مستقرّة.
وتختلف مواجهة نتنياهو هذه المرة، إذ إنّها تأتي بعد قيادته جهودًا حثيثة للتطعيم ضد فيروس كورونا في حملة تلقيح حقّقت نجاحًا كبيرًا بعد تطعيم أكثر من نصف سكان إسرائيل، الذين يزيد تعدادهم عن تسعة ملايين نسمة، وهي وتيرة تعتبر الأسرع على مستوى العالم.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أنّ نتنياهو (71 عامًا) وحزب الليكود الذي يتزعمه سيحصلان على أكبر عدد من المقاعد داخل البرلمان، لكن سيبقى رئيس الوزراء بحاجة إلى التحالف مع أحزاب أخرى لضمان الأغلبية في الكنيست المؤلف من 120 مقعدًا.
وعليه، فإنّ إسرائيل أمام ثلاث نتائج محتملة: إما ائتلاف جديد بقيادة نتنياهو أو حكومة منقسمة توحّدها المعارضة، أو انتخابات مبكرة خامسة.
أحزاب صغيرة من أجل تشكيل الحكومة
ويُحاكم نتنياهو حاليًا بتهم تتعلّق بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، وهي تهم ينفيها جميعًا، إلا أنها ساعدت في تأجيج التظاهرات الأسبوعية التي تخرج ضدّه أمام مقرّ إقامته في القدس.
وكرّر نتنياهو أنه لن يسعى إلى عرقلة محاكمته وأنه يتطلع إلى تبرئته، وهو أمر يشكّك فيه منتقدوه الذين يعتقدون أنّه وفي حال حصل على الأغلبية فإنه سيعمل على اتخاذ إجراء برلماني لتاجيل محاكمته أو إغلاق الملف.
ولكي يتمكّن من تشكيل الحكومة، يتعيّن على نتنياهو التحالف مع الأحزاب الصغيرة التي تسيطر على عدد قليل من المقاعد، وقد يشكل تحالفًا جديدًا أكثر يمينية مع حزب "الصهيونية الدينية".
وفي حال تجاوز حزب "الصهيونية الدينية" نسبة الحسم البالغة 3,25% على ما توقّعت له استطلاعات الرأي، فسوف يصل إلى الكنيست إيتمار بن غفير الذي رحّب بقتل 29 مصليًا فلسطينيًا في الخليل في العام 1994 على يد المتشدد باروخ غولدشتاين.
وتلقى احتمالية دخول بن غفير الكنيست معارضة أعضاء بارزين في البرلمان مثل العضو البارز في الليكود ووزير الطاقة يوفال شتاينتس، الذي صرّح بأنّه من غير المناسب الجلوس مع بن غفير الذي لم يوافق على الانضمام إلى نتنياهو دون ضمان دور بارز له في الكنيست.
جنوح نحو اليمين
ووفق تقرير نشرته وكالة" فرانس برس"، أدّت اتفاقية أوسلو التي وقّعت بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني في 1993، إلى هجرة الناخبين الإسرائيليين نحو اليمين، قبل أن تأتي الانتفاضة الفلسطينية الثانية لتعزّز هذه الهجرة.
وتشير محلّلة استطلاعات الرأي داليا شيندلين إلى احتمالية حصول الأحزاب اليمينية على 80 مقعدًا، ما يعني أنّه "أيًا كان الفائز في رئاسة الوزراء فإنّ البلاد ستجنح على الأرجح أكثر نحو اليمين".
وهذا السيناريو سيتطلب من المنافس الرئيسي لنتنياهو، مذيع الأخبار السابق يائير لابيد، التحالف مع خصوم نتنياهو من اليمين، بما فيهم العضو البارز السابق في الليكود حدعون ساعر زعيم حزب "الأمل الجديد" الذي قد يحصد عشرة مقاعد، والذي لطالما استبعد التحالف مع رئيس الوزراء.
ويمكن أن يتحالف لابيد أيضًا مع زعيم حزب (يمينا) رجل الأعمال نفتالي بينيت، الذي كان وزيرًا سابقًا في عهد نتنياهو لكنّه ما لبث أن هاجمه ولا سيّما في الحملة الانتخابية.
وينظر إلى حزب يمينا وزعيمه على أنّهما صانعا ملوك محتملين.
وقال لابيد إنّه لن يتمسّك بالوصول إلى كرسي رئاسة الوزراء في ائتلاف مناهض لنتنياهو، طالما أن ذلك سيساعد على الإطاحة بزعيم الليكود.
هل تتجه إسرائيل إلى انتخابات خامسة؟
وتجري هذه الانتخابات المبكرة للمرة الرابعة خلال نحو عامين بعدما تسبّب نتنياهو في انهيار حكومة الوحدة الوطنية، التي شكّلها مع منافسه بيني غانتس في أعقاب الانتخابات السابقة التي لم تكن نتائجها حاسمة.
ولفت وزير الدفاع إلى أنه قَبِل التحالف مع نتنياهو رغبة منه في إحلال الاستقرار، لا سيما بعد تفشّي وباء كورونا وفرض الإغلاق الشامل.
ونصّ الاتفاق الذي كان يفترض أن يمتدّ لثلاث سنوات على تقاسم الرجلين للسلطة بواقع 18 شهرًا لكلّ منهما، لكنّ المراقبين توقّعوا أن لا يلتزم نتنياهو بالاتفاق.
وبعد الانتخابات وفي حال لم يتمكن نتنياهو من الحصول على أغلبية المقاعد اللازمة أو لم يتمكن خصومه من إيجاد أرضية مشتركة، فمن المرجح أن يتم إجراء انتخابات جديدة، ستكون الخامسة في غضون ثلاث سنوات.
ويرجّح المحلّل السياسي جدعون راهط هذا الاحتمال الذي قد يناسب رئيس الوزراء، لا سيما وأنّه يركّز على هدف أساسي يتمثّل في البقاء في السلطة حتى وإن بصفة رئيس وزراء مؤقت.
وقال راهط: إنّ نتنياهو "يمكن أن يذهب بسهولة إلى انتخابات خامسة أو سادسة أو سابعة".