تناولت الصحافة الإسرائيلية رد المقاومة الفلسطينية، باستهداف عمق الأراضي المحتلة، على صفحاتها الأولى، إذ وصف بعضها ما يحصل بأنه "حالة حرب"، وأنها "ليست جولة ولا معركة أيام". وعلّق البعض الآخر على "ثغرات وإخفاقات استخباراتية" وعن حاجة إسرائيل إلى "خطة استراتيجية للخروج من أزمة غزة".
وكان البعض الآخر صريحًا بما يكفي للاعتراف بأن المقاومة الفلسطينية "تحقق إنجازات مهمة" وهناك "توازن رعب رهيب مع حركة حماس". كما كشفت بعض الصحف عن نية إسرائيل الاستمرار في تصعيد عدوانها على غزة رغم الوساطات.
يديعوت أحرونوت: البلد يحترق
استهلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" وصفها لما جرى أمس في مدن وسط إسرائيل بما فيها تل أبيب بالقول إنه "كان هجومًا لم يعرف مركز البلاد مثيلًا له من قبل".
وكتبت تحت عنوان باللون الأحمر العريض "البلد يحترق"، أن الأصوات المزعجة "أرعبت غوش دان بأكملها ووسط إسرائيل، وملأت أصداء الانفجارات ومسارات الصواريخ السماء، تم إطلاق عشرات الصواريخ من غزة، وكانت إصابة بعضها قاسية".
وغوش دان هي المنطقة الكبرى التي تجمع مدن ومناطق وسط إسرائيل. وإلى جانب هذا العنوان ظهرت صورة لحافلة تحترق.
وكتب يوسي يهوشع في الصحيفة: "المهمة التي حددها رئيس الأركان، أفيف كوخافي، لعملية (حراس الأسوار) ليست الاكتفاء بإعادة الردع بل تعزيز الردع". واستدرك قائلا: "الإشكالية، التي يجب الاعتراف بها، هي أنه من الصعب جعل تحقيق هذا الطموح هدفًا".
ولفت إلى وجود إخفاقات استخبارية إسرائيلية. وقال: "لم يقدّر أحد في الجيش الإسرائيلي أن حماس كانت تتجه نحو الحرب، وأن صفعتها الأولى هي إطلاق النار على القدس".
وأضاف: "استمر الفشل الاستخباراتي: بعد الهجوم الشاهق في غزة. قدرت هيئة الأركان أنه سيكون هناك إطلاق نار على غوش دان- لكن لم يفكر في أكثر من 100 صاروخ وأن بمثل هذا سيكون معدل إطلاق النار".
واعتبر أنه "حتى يتم تحديد الهدف الطموح لرئيس الأركان، ليس لاستعادة الردع ولكن لتعزيز الردع، يبدو أن العملية ستستمر لفترة طويلة".
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مصدر سياسي أنّ "إسرائيل ستكثّف قصفها على غزة رغم الوساطة المصرية".
حالة حرب
من جهته، قال المحلل العسكري في الصحيفة أليكس فيشمان: "نحن في حالة حرب، وهذه ليست جولة وليست معركة أيام". وكتب: "تسجل حماس إنجازات مهمة، نظام القيادة والسيطرة الخاص به لم يتضرر، لم تتضرر قيادتها العسكرية. تتحكم في وتيرة التطوير وجودته، حماس لم تسحب سلاحها الجديد بعد: صاروخ معروف بـ "الرعد"، قادر على تكسير الأسقف الخرسانية برأس ثقيل وبشكل خاص".
وأضاف: "في الساعات الأربع والعشرين القادمة، من المحتمل أن يكون هناك جهد جوي إسرائيلي على نطاق مشابه لما حدث في اليوم الأول. من المحتمل أن تبحث إسرائيل عن القيادات في قطاع غزة، الذين يديرون الحملة من الملاجئ المحمية، ضربهم هو مفتاح وقف إطلاق النار".
وتابع: "القرار، على المستوى العسكري على الأقل، يقول: طالما أنه لا توجد فجوة كبيرة بين إنجازات الجيش الإسرائيلي وإنجازات حماس، فإن القتال سيشتد فقط، وهذه هي توصية الجيش للمستوى السياسي أيضًا".
توازن رعب رهيب
من جهتها، لفتت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية إلى أن الصواريخ وصلت للمرة الأولى منذ الإعلان عن قيام إسرائيل عام 1948 إلى مدينة جفعاتيم، القريبة من تل أبيب.
وكتب المحلل في الصحيفة بن كسبيت "إذا لم نستيقظ قريبًا، فسنكتشف أن لدينا أيضًا توازن رعب رهيب مع حماس، وأننا فقدنا حريتنا في العمل ضد حماس". وقال: "إن دائرة العنف التي نحن فيها تتميز بوتيرة أسرع بكثير مما اعتدنا عليه: بدأ الجيش الإسرائيلي يوم أمس بهدم الأبراج السكنية في حي الرمال، ووصلت حماس والجهاد إلى تل أبيب في الوقت نفسه".
وأضاف: "كما جاء تبادل الاتهامات في وقت أبكر مما كان متوقعًا، وبالأمس، نُقل عن كبار المسؤولين في الحكومة أنهم أعربوا عن خيبة أمل كبيرة من الجيش الإسرائيلي، الذي نام على أهبة الاستعداد ولم يقدّر هذه المرة أن حماس معنية بتفجير".
وأشار بن كسبيت إلى أن "المشكلة ليست في تقييم استخباراتي موضعي، أو في خطة عملياتية تم تأجيلها أو في إطلاق إنذار، المشكلة هي أن إسرائيل ليس لديها استراتيجية منظمة عندما يتعلق الأمر بغزة، ليس لديها هدف، ليس لديها خطة عمل، ليس لديها تفكير منظم".
وأضاف بن كسبيت: "يجب حل مشكلة غزة، إسرائيل بحاجة إلى استراتيجية، إلى خطة، إلى قيادة شجاعة تكون قادرة على وضع مثل هذه الخطة وتنفيذها، تنظيف بحيرة الإرهاب في غزة مهمة شاقة وصعبة ستكلف أرواح العديد من الجنود، لكن ليس لدينا خيار آخر".
واعتبر أن "الاستمرار من جولة إلى أخرى سيسمح لحماس بالاستمرار في تكثيفها بوتيرة مذهلة، وحتى القبة الحديدية لا تستطيع إنقاذها". ودعا إلى تحقيق هذا الهدف دون احتلال غزة.
المزيد من التصعيد
أمّا صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية فقد نقلت عن مسؤول إسرائيلي قوله: "إن إسرائيل لن تتفاوض على وقف لإطلاق النار قبل أن تدفع حماس ثمن هجماتها"، على حدّ تعبيره. وأضاف: "سيكون هناك وقف لإطلاق النار عندما نكون مستعدين لذلك".
وتسببت الانتهاكات الإسرائيلية في مدينة القدس ومحاولات بسط السيادة الكاملة عليها، بانتقال التوتر إلى قطاع غزة، واندلاع جولة القتال الحالية، التي بدأت مساء الإثنين الماضي. ومن أهم الانتهاكات الإسرائيلية التي تسببت بالاحتقان الحالي، صدور قرارات قضائية إسرائيلية بإخلاء 12 منزلًا فلسطينيًّا في حي "الشيخ جراح"، الذي يعد أحد أحياء القدس الشرقية، من قاطنيها وتسليمها للسكان اليهود.