ليس الموت وحده ما يُحذَّر منه في الأزمة الأوكرانية، وللجوع أيضًا سطوته على مساحات ممتدة.
ويشير برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، إلى أن أزمة غذاء تلوح في الأفق الأوكراني، وفي آفاق مناطق صراع متعددة، قد تؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي على مستوى العالم.
قيود على تصدير المحاصيل
وكانت أوكرانيا ـ التي تُعدّ الرابعة عالميًا في تصدير الحبوب للعالم وفق تقديرات وزارة الزراعة الأميركية ـ قد فرضت قيودًا على تصدير المحاصيل والمنتجات الزراعية. وبات مطلوبًا الحصول على ترخيص من السلطات لتصدير القمح ولحوم الدواجن والبيض وزيت دوار الشمس.
إلى ذلك، يرتسم اضطراب الأزمة في أوكرانيا على لوحات تسعير مواد الطاقة في أوروبا وبريطانيا. فسعر الغاز الطبيعي بلغ مستوى قياسيًا لمجرد أن أفصحت الولايات المتحدة عن إمكانية مناقشة فرض عقوبات على قطاع الطاقة الروسي في القارة الأوروبية جرّاء الوضع في أوكرانيا.
وعلى الأثر، ارتفع السعر المرجعي للغاز "تي. تي. أف" الهولندي بأكثر من 60%، واقترب سعر خام برنت بحر الشمال من 140 دولارًا للبرميل، وبات في طريقه لتسجيل أعلى سعر له منذ 14 عامًا.
"أزمة في كل السلع الإستراتيجية"
ويقول رئيس قسم الاقتصاد في صحيفة "العربي الجديد" مصطفى عبد السلام، إن من المتوقع حدوث مزيد من الارتفاع في أسعار الغاز والنفط والمواد الغذائية المتعلقة بالقمح والزيت، مشيرًا إلى تحذير الأمم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي من ثورة جياع حول العالم.
ويرى في حديث إلى "العربي" من الدوحة أن العالم يمر بأزمة في كل السلع الإستراتيجية؛ الطاقة والغذاء والمحاصيل الأساسية، عازيًا ذلك إلى سببين: الأول أن هناك تحالفًا غربيًا تقوده الولايات المتحدة لفرض عقوبات على النفط الروسي، علمًا أن روسيا تُعد ثاني أكبر مصدر للنفط في العالم وأحد أبرز مصدري الغاز.
وبحسب عبد السلام، فإن السبب الثاني هو تأخر إبرام الاتفاق النووي الإيراني، الذي ساهم بدوره في قفزات سعر النفط والغاز.
ويتوقّع حدوث شرخ داخل التحالف الغربي إزاء العقوبات على روسيا، مشيرًا إلى أن دولًا أوروبية كثيرة تعارض هذه العقوبات، انطلاقًا من أنها ستضرّ بالاقتصاد والمواطن.
ويصف حديث الغرب عن وجود بدائل بـ"كلام للاستهلاك الإعلامي"، مؤكدًا أن استغناء أوروبا عن الغاز الروسي على سبيل المثال، قد يستغرق سنوات، في ظل عدم وجود بدائل سريعة.