في سابقة تاريخية، قام العلماء بزراعة نباتات في تربة القمر باستخدام عينات تم أخذها خلال بعثات "أبولو" التابعة لـ"ناسا" إلى القمر في عامي 1969 و1972.
وتعد هذه التجربة الأولى التي تنبت فيها النباتات وتنمو على الأرض في تربة من جرم سماوي آخر.
وحول هذا الإنجاز الذي يفتح آفاقًا جديدة لاستخدام نباتات الأرض في بؤر استيطانية بشرية في كواكب أخرى، شرح الباحثون اليوم الخميس أنهم زرعوا بذور عشبة مزهرة صغيرة تسمى "رشاد أذن الفأر" في 12 حاوية صغيرة في كل منها غرام واحد من تربة القمر "الثرى القمري" وشاهدوها وهي تنبت وتنمو.
ويختلف الثرى القمري، ذو الجزيئات الحادة اختلافًا كبيرًا عن تربة الأرض لذلك لم يكن معروفًا ما إذا كانت البذور ستنبت أم لا.
ويمكن أن يشكل هذا البحث الحجر الأساس لزراعة النباتات التي توفر الأكسجين والغذاء على القمر وغيره من الكواكب، في وقت يتطلع برنامج "أرتيميس" التابع "لناسا" إلى القيام بأول هبوط لامرأة وأول شخص ملون في القطب الجنوبي للقمر في وقت لاحق من هذا العقد.
بدورها، قالت آنا ليزا بول، أستاذة علوم زراعة نباتات البساتين، ومديرة المركز متعدد التخصصات لأبحاث التكنولوجيا الحيوية في جامعة فلوريدا والرئيسة المشاركة في الدراسة التي نشرتها مجلة كوميونيكشنز بيولوجي: "يمكن للنباتات أن تنمو في الثرى القمري. هذه العبارة البسيطة لها معنى كبير وتفتح الباب لاستكشاف المستقبل باستخدام الموارد الموجودة على القمر والمريخ على الأرجح".
UF scientists have made history as the first to grow plants in lunar soil, using just a few teaspoons from @NASA’s #Apollo missions. @UF_IFAS’ tiny lunar garden will help pave the way for life on the moon. 🌕 🌱 pic.twitter.com/hB3XaMm6jh
— FLORIDA (@UF) May 12, 2022
خصائص مختلفة لتربة القمر
لكن في المقابل، كان نمو هذه النباتات أضعف من النباتات على تربة الأرض، وأيضًا أبطأ وأصغر حجمًا بشكل عام، حيث كانت جذورها أشد تقزمًا وتظهر عليها سمات تدل على الإجهاد مثل صغر حجم الأوراق ولونها الأسود المشوب بمسحة حمراء داكنة وهو شيء غير معتاد بالنسبة للنباتات التي تنمو نموًا صحيًا.
بالإضافة إلى ذلك، ظهرت عليها علامات جينية تدل على هذا الإجهاد، بصورة تشبه ما يترتب على تفاعلات النبات مع الملح والمعادن وتعرضها لعمليات الأكسدة.
رغم ذلك كان نمو النباتات، بالنسبة للباحثين، شيئًا رائعًا، وهذا ما أكّده روب فيرل، الرئيس المشارك في الدراسة، الذي أشار إلى أن "رؤية النباتات وهي تنمو تعد إنجازًا لأنها تعني أن بإمكاننا الذهاب إلى القمر وزراعة طعامنا وتنظيف هوائنا وإعادة تدوير مياهنا باستخدام النباتات بنفس الطريقة التي نستخدمها بها هنا على الأرض".
يذكر أنه سبق وتم نقل أنواع مختلفة من النباتات، بما في ذلك المحاصيل الغذائية، على متن مركبات فضائية وإلى محطة الفضاء الدولية، حتى أن تم استخدام عينات من النباتات لإثبات أن العينات القمرية ليست ضارة للحياة على الأرض.
سباق عالمي لجمع عينات من القمر
أما هذه التجربة الحالية، فتعد طويلة الأمد حيث مر 15 عامًا منذ أن قدم الباحثون اقتراحهم الأول وطلبوا دراسة عينات من القمر، قبل أن يتم قبول الطلب رسميًا منذ 18 شهرًا بحسب شبكة "سي إن إن".
وفي مارس/ آذار الفائت، فتحت وكالة الفضاء الأميركية إحدى العينات التي تحتوي على تربة وصخور من القمر المختومة لأول مرة بعد نحو 50 عامًا.
وفي ديسمبر/ كانون الأول عام 1972، قام رائدا الفضاء في "ناسا"، يوجين سيرنان وهاريسون شميت، بالتنقيب في سطح القمر لجمع عينات من تربة القمر لنقلها إلى الأرض.
لكن "ناسا" ليست الوحيدة في هذا المضمار، إذ عام 2020 نجحت الصين في جمع عينات من القمر لتصبح ثالث دولة تحقق هذا الإنجاز بعد أميركا والاتحاد السوفيتي سابقًا.
وعاد حينها المسبار الفضائي الصيني "تشانغ-اي5" بسلام إلى الأرض بعد مهمة ناجحة استمرت 23 يومًا، تضمن هبوط المركبة على سطح القمر وجمع ما يقرب من كيلوغرامين من عينات التربة والصخور.