في وقت بات قرار منع سفر بعض قادة حركة النهضة التونسية وعلى رأسهم رئيسها ورئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي، يشغل الأوساط التونسية، أكد الناطق باسم الحركة، عماد الخميري، اليوم الأربعاء، أن الغنوشي لن يسافر إلى الخارج، إلا بعد "إسقاط الانقلاب"، في إشارة إلى الإجراءات التي اتخذها الرئيس قيس سعيّد قبل أقل من سنة.
وخلال مؤتمر صحافي للنهضة بالعاصمة تونس للرد على الاتهامات الموجهة لها من قبل لجنة الدفاع عن معارضين تونسيين وقع اغتيالهما خلال عام 2013، اعتبر الخميري، أن "قرار تحجير (منع) السفر عن الغنوشي هو قرار سياسي غرضه الأساسي إلهاء الرأي العام عن فشل الانقلاب، ولا سيما بعد صدور قرار لجنة البندقية الذي أشار إلى أن كل ما صدر بعد 25 يوليو لا يستند إلى مرجعية دستورية أو قانونية".
وأعلن القضاء التونسي، السبت الماضي، منع الغنوشي و33 شخصًا من السفر، على خلفية القضية المعروفة إعلاميًا بـ"الجهاز السري".
وتعتبر لجنة الدفاع عن المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، أن حركة النهضة تمتلك جهازًا سرّيًا ضالعًا في اغتيالهما.
والمعارض اليساري شكري بلعيد جرى اغتياله في 6 فبراير/ شباط 2013، على زمن حكومة حمادي الجبالي، بينما اغتيل المعارض القومي محمد البراهمي في 25 يوليو/ تموز 2013 زمن حكومة علي العريض.
"ضحك على العقول"
وأضاف الخميري: "نحن نطالب بكشف الحقيقة كاملة في اغتيال بلعيد والبراهمي ولكن ليس للإتجار بدماء الشهداء".
وتساءل الخميري: "هل هناك حاجة لحركة النهضة في الحكم لجهاز خاص، وهي تشرف على وزارات السيادة؟".
واعتبر القيادي في النهضة، أن "اتهامات هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي "ضحك على العقول واعتبار تونسيات والتونسيين بلهاء".
واتهم الخميري، هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي، بأنها "داعمة للانقلاب وتريد توظيف القضاء والزج به في المعارك السياسية".
وعبّر الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي، عن تضامنه مع راشد الغنوشي وعدد من قيادات حركة النهضة، معتبرًا حجر السفر عنهم "قرارًا يندرج في سلسلة قرارات من نفس النوع بخصوص العديد من المواطنين ناهيك عن الحكم بالسجن على المدونين ونواب ائتلاف الكرامة والسنوات الأربع (مع التنفيذ العاجل) بحقي"، وفق ما كتب في تدوينة على صفحته بـ فيسبوك.
تأزم جديد في المشهد التونسي
ودخل المشهد التونسي في طور أزمة مفتوحة، بعدما اتسعت رقعة الرفض للحوار الوطني بشكله ومضامينه التي أقرها الرئيس التونسي قيس سعيّد، والساعي إلى تنظيم استفتاء على دستور جديد للبلاد، يرى معارضوه أنه "سيدفع تونس إلى المجهول".
وفي سياق ذلك، أكّد الأمين العام لاتحاد الشغل في تونس نور الدين الطبوبي، اليوم الأربعاء، أنه لا يمكن إصلاح الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد من دون استقرار سياسي، معتبرًا أن الوضع "معقد وصعب".
وأتت تصريحات أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يعد أكبر منظمة عمالية في البلاد، بعد يوم واحد من الإعلان رسميًا عن إطلاق جبهة الخلاص الوطني بقيادة أحمد نجيب الشابي وبمشاركة قوى سياسية ومدنية رافضة لإجراءات الرئيس التونسي قيس سعيّد التي اتخذها منذ 25 يوليو/ تموز الماضي.
ومنذ 25 يوليو/ تموز 2021، تعاني تونس أزمة سياسية حادة، حين بدأ سعيّد، الذي بدأ عام 2019 فترة رئاسية تستمر 5 سنوات، فرض إجراءات استثنائية منها إقالة الحكومة وحل البرلمان ومجلس القضاء وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية.
كما قرر سعيد تبكير الانتخابات البرلمانية إلى 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، ومنح نفسه حق تعيين ثلاثة من أعضاء هيئة الانتخابات السبعة، بما في ذلك رئيسها.
وتعتبر قوى تونسية أن هذه الإجراءات تمثل "انقلابًا على الدستور"، بينما ترى فيها قوى أخرى "تصحيحًا لمسار ثورة 2011"، أما سعيّد ذاته، فاعتبر أن إجراءاته "تدابير في إطار الدستور لحماية الدولة من خطر داهم".