دعا رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد اليوم الثلاثاء، "جميع الإثيوبيين المؤهلين والبالغين" للانضمام إلى القوات المسلحة، في وقت امتد النزاع الجاري في تيغراي منذ تسعة أشهر إلى منطقتين في شمال البلاد خلال الأسابيع الأخيرة.
وقال رئيس الوزراء، في بيان له: "حان الوقت لجميع الإثيوبيين المؤهلين والبالغين للانضمام إلى قوات الدفاع والقوات الخاصة والميليشيات وإظهار وطنيتهم"، وذلك بعدما أعلن آبي قبل أقل من شهرين وقف إطلاق نار من طرف واحد.
تعليمات "بإنهاء الدمار"
ويشهد النزاع في تيغراي تغيرًا كبيرًا للوضع منذ نهاية يونيو/ حزيران.فقد بدأت المعارك في نوفمبر/ تشرين الثاني، بعدما أرسل رئيس الوزراء الجيش الفدرالي إلى تيغراي للإطاحة بجبهة تحرير شعب تيغراي، الحزب الحاكم في الإقليم والذي هيمن على الساحة السياسية الوطنية على مدى ثلاثة عقود، قبل تسلّم آبي السلطة في 2018.
وبحسب آبي الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2019، فإن هذه العملية جاءت ردًا على هجمات نفّذتها الجبهة ضد معسكرات للجيش.
وبعدما أعلن آبي النصر في نهاية نوفمبر إثر السيطرة على عاصمة الإقليم ميكيلي، اتّخذت الحرب منعطفا مفاجئًا في يونيو؛ عندما استعادت قوات موالية لجبهة تحرير شعب تيغراي ميكيلي وانسحب منه القسم الأكبر من القوات الإثيوبية.
الجيش الإثيوبي يهدد بالتصعيد بعد تقدم مسلحي #تيغراي شرقًا وجنوبًا والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر pic.twitter.com/cymB1hAFiU
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) August 8, 2021
وبعد إعلان آبي وقف إطلاق نار من جانب واحد برره رسميًا باعتبارات إنسانية، وانسحاب الجنود الإثيوبيين، واصلت جبهة تحرير شعب تيغراي هجومها شرقًا باتّجاه عفر وجنوبًا باتّجاه أمهرة.
وسيطرت الأسبوع الماضي على مدينة لاليبيلا، وهي منطقة في أمهرة تضم كنائس مصنفة من التراث العالمي من قبل اليونسكو.
وفي بيانه، كشف مكتب رئيس الوزراء أن قوات الأمن بات لديها تعليمات "بإنهاء الدمار الذي تقوم به منظمة جبهة تحرير شعب تيغراي، الإرهابية والخائنة والمكائد الأجنبية بشكل نهائي".
مقتل مدنيين في عفر
وأعلن مسؤول في مستشفى عفر اليوم الثلاثاء أن 12 شخصًا على الأقل قُتلوا، وأُصيب عشرات آخرون في 5 أغسطس/ آب في هجوم على مدنيين في بلدة غاليكوما.
وأوضح مدير مستشفى بلدة دوبتي أبو بكر محمود، أنه "تم نقل 12 جثة إلى المستشفى". وتحدث أيضًا عن حوالي خمسين جريحًا بينهم "75% أصيبوا بالرصاص".
ونقل الطبيب عن ناجين أن المهاجمين ينتمون إلى جبهة تحرير شعب تيغراي.
من جهتهم، تحدث مسؤولون في الحكومة المحلية في عفر عن حصيلة 200 قتيل على الأقل في غاليكوما، لكن لم يتسنَ التأكد منها بشكل مستقل.
وقالت عاييش ياسين، مديرة مكتب النساء والأطفال في الحكومة المحلية: "تم العثور على 200 جثة لمدنيين، ولا يزال أكثر من 48 مفقودين"؛ وأضافت: "من بين الجثث الـ 200 هناك 107 لأطفال".
وأوضحت أنهم مدنيون قُتلوا بنيران المدفعية ودُفنوا على الفور.
وأفاد متحدث باسم صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) الثلاثاء، بأنه "تلقى معلومات ذات صدقية من شركاء حول هجمات الخميس الفائت على مخيم للنازحين" في عفر.
وأشار إلى أن بعثة تضم وكالات أممية تعتزم التوجه إلى المكان "ما أن يسمح الوضع الأمني بذلك".
حالات طوارئ غذائية
وبحسب مسؤولي الحكومة المحلية، فإن هذا الهجوم يثبت رغبة جبهة تحرير شعب تيغراي في الأعمال الحربية وازدراءها للوضع الإنساني الكارثي في شمال إثيوبيا.
وقال الناطق باسم الجبهة غيتاشو رضا على تويتر: إن القوات الحكومية "شنت هجومًا في 5 أغسطس على قواته في غاليكوما". ولفت إلى أن الجبهة "ستعمل مع الهيئات المختصة للتحقيق حول كل حادث".
ولا تزال هناك صعوبات أمام وصول المساعدة الإنسانية إلى المنطقة. وحذّرت الأمم المتحدة بأن نحو 400 ألف شخص في تيغراي "يعانون من المجاعة".
كما أفاد المدير الإقليمي لشرق إفريقيا في برنامج الأغذية العالمي مايكل دانفورد أمس الإثنين؛ بأن خطر المجاعة يهدد المدنيين في عفر وأمهرة بسبب النزاع، وذلك في بيان أكّد فيه أن 300 ألف شخص في هاتين المنطقتين يواجهون "حالات طوارئ" غذائية.
وأعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين اليوم الثلاثاء، أنها تمكنت من الوصول مجددًا إلى مخيمي أدي هاروش وماي عيني للاجئين الإريتريين في إقليم تيغراي الإثيوبي الذي يشهد حربًا.
وقال المتحدث باسم المنظمة بوريس تشيشيركوف في تصريح في جنيف: إن "معارك عنيفة في المنطقة منعت موظفي المفوضية من الوصول إلى هذين المخيمين منذ 13 يوليو".
واستؤنف تسليم المساعدة الطارئة إلى مخيمي أدي هاروش وماي عيني في 5 أغسطس للاجئين الـ 23 ألفًا الموجودين فيهما.
وأضاف المتحدث باسم المفوضية أنه "رغم ذلك، يبقى الوصول محدودًا بسبب الوضع الأمني المعقد وغير المستقر، ولا يزال اللاجئون يواجهون ظروفًا معيشية صعبة. لا تزال الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية غير متوافرة، ومياه الشرب باتت نادرة".
وطلبت المنظمة "ممرًا آمنًا" من أجل السماح بنقل اللاجئين من ماي عيني وأدي هاروش إلى موقع اليمواش الجديد، قرب مدينة دابات الواقعة خارج إقليم تيغراي.
وتكرر جبهة تحرير شعب تيغراي القول: إنها لا ترغب في السيطرة على أراضي أمهرة وعفر، وإنما تريد تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المنطقة وتجنّب أن تعيد القوات الموالية للحكومة تجميع صفوفها.