انتُخب أشرف غني رئيسًا لأفغانستان في العام 2014 إثر حملة تعهّد فيها إصلاح الأوضاع في البلاد ووضع حد للفساد الذي ينخرها، لكنّه في نهاية المطاف لم ينفّذ أيًا من هذه التعهّدين واضطر للتخلي عن السلطة بعدما حاصرت حركة طالبان العاصمة كابل.
فبمجرّد اقتراب مقاتلي الحركة من العاصمة الأفغانية، حتى بدأت الأنباء تتوالى عن استقالة أشرف غني ومغادرته البلاد، ولو أنّ "وجهته" لم تتّضح بعد، في ظلّ الكثير من الأنباء والمعلومات المتضاربة في هذا الإطار.
وانتُخب غني، الذي غادر أفغانستان، اليوم الأحد، بعد التقدم السريع لمقاتلي حركة طالبان في أنحاء البلاد، مرتين رئيسًا لأفغانستان، فضلًا عن كونه أحد أشهر الأكاديميين في بلاده.
وفي أول تعليقٍ له بعد مغادرته، أعلن غني أنه فر من بلاده لتفادي "إراقة الدماء"، مع إقراره بأن "طالبان انتصرت".
ومن دون أن يحدد مكان وجوده، أبدى غني ثقته بأن "عددًا كبيرًا من المواطنين كانوا سيقتلون وأن كابل كانت ستدمر" لو بقي في أفغانستان، مضيفًا في رسالة عبر فيسبوك "انتصرت طالبان (..) وهي مسؤولة الآن عن شرف الحفاظ على بلادها".
وجاء إعلان غني بعد سيطرة قوات طالبان على القصر الرئاسي في كابل، وفق ما أفاد مراسل "العربي"، في وقتٍ نقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن مسؤول في الحركة قوله: إنّها ستعلن تأسيس "إمارة أفغانستان الإسلامية".
من هو أشرف غني؟
نشأ غني البالغ 72 عامًا في أفغانستان وغادر البلاد عام 1977 إلى الولايات المتحدة حيث درس الأنثروبولوجيا والعلوم السياسية في جامعة كولومبيا في نيويورك.
وعمل أشرف غني في مجال التدريس في عدة جامعات أميركية خلال الاحتلال السوفياتي لأفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي.
كما عمل في البنك الدولي منذ العام 1991، وعاد إلى كابل مستشارًا خاصًا للأمم المتحدة بعيد إطاحة طالبان من الحكم عام 2001.
وقضى غني تقريبًا ربع قرن خارج أفغانستان خلال عقود مضطربة من الحكم السوفياتي والحرب الأهلية وحكم طالبان.
وغني متزوج من رولا التي تعرّف إليها خلال دراسته في الجامعة الأميركية في بيروت، ولديهما ولدان، وقد شفي مؤخرًا من سرطان في المعدة.
غني رئيسًا لأفغانستان
أتت الانتخابات الرئاسية الأفغانية بغني أول مرة عام 2014، وتولى المنصب خلفًا لحامد كرزاي الذي قاد أفغانستان بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2001.
وأشرف غني على انتهاء المهمة القتالية الأميركية والانسحاب شبه الكامل للقوات الأجنبية من البلاد، وكذلك على عملية سلام متعثرة مع حركة طالبان، لكن علاقته بواشنطن وعواصم غربية أخرى لم تكن سلسة.
وكان منتقدًا مفوهًا لما وصفه بالمساعدات الدولية المهدرة في أفغانستان وعادة لم تتفق رؤيته مع رؤية الغرب للاستراتيجية الأفغانية، ولا سيّما فيما يتعلق ببحث تسريع وتيرة عملية السلام البطيئة والصعبة مع طالبان.
وبذل غني جهودًا لجعل إنهاء الحرب المستمرة منذ نحو 20 عامًا على رأس أولوياته، على الرغم من استمرار هجمات طالبان على حكومته وعلى قوات الأمن، وبدأ العام الماضي محادثات سلام مع الحركة في العاصمة القطرية الدوحة.
وعود بالمقاومة ثم هروب.. ما قصة "الاستسلام" السريع لأمراء الحرب في #أفغانستان؟ https://t.co/euSppN12mn
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) August 15, 2021
وخلال فترة رئاسته، تمكن غني من تعيين جيل جديد من الشبان الأفغان المتعلمين في مناصب قيادية في وقت كانت مفاصل السلطة في البلاد تسيطر عليها حفنة من شخصيات النخبة وشبكات المحسوبية.
وتعهد بمحاربة الفساد المستشري وإصلاح الاقتصاد المعطل وتحويل البلاد إلى مركز تجاري إقليمي بين وسط وجنوب آسيا، لكنه لم يتمكن من الوفاء بمعظم هذه الوعود.
غني .."المهمّش"
وتعرّضت علاقاته بواشنطن لنكسة بعدما جرى تهميشه في المفاوضات التي أجرتها الولايات المتحدة مع طالبان في الدوحة.
وكانت واشنطن استبعدته من المحادثات بعدما رفضت حركة طالبان مشاركته، وقد أجبر لاحقًا على إطلاق سراح خمسة آلاف من عناصرها في إطار مفاوضات سلام لم تثمر.
وباستثناء وقف لإطلاق النار خلال شهر رمضان في يونيو/ حزيران 2018، رفضت طالبان كل مبادرات السلام التي أطلقها غني، وقد وصفته بأنّه "دمية" بيد واشنطن.
وتوعّد غني بمحاربة الحركة "لأجيال" إذا ما أخفقت المفاوضات.
وفي مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) قال غني: "المستقبل سيحدده شعب أفغانستان وليس بيد شخص يجلس وراء مكتب وهو يحلم".
وكان رئيس لجنة المصالحة عبد الله عبد الله قال إن غني غادر البلاد و"ورطها وورط الشعب بهذه الحالة". وأضاف أن "الشعب سيحكم على الرئيس السابق وسيحاسبه الله".
#كابل تنهار أمام #طالبان ودعوات دولية إلى اجتماع طارىء لمجلس الأمن الدولي#أفغانستان pic.twitter.com/p8NFQYZXgX
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) August 15, 2021