نجح الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، في أن ينسينا النسخة التي كانت عليها الولايات المتحدة قبل وصوله إلى الرئاسة، ولا سيما في سياسة تعاطيها مع قضايا المنطقة العربية التي تهمنا. سياسة كانت تلاقي الكثير من الانتقادات والاعتراضات من قوى سياسية وثقافية في الوطن العربي، خصوصاً في ما يتعلق بفلسطين، وكان ينظر إليها بأنها امتداد لفكرة الهيمنة الأميركية ومحاباة إسرائيل، والتي لم نكن نتصور أنها من الممكن أن تتجاوز الحدود التي كانت عليها في الإدارات الأميركية السابقة، إلى أن جاء دونالد ترمب.
لم يترك ترمب أي بابٍ من أبواب السياسة الأميركية إلا وذهب به إلى الحد الأقصى من التطرف، حتى بات القلق عالمياً من احتمال نجاحه في الانتخابات وبقائه في البيت الأبيض لأربع سنوات أخرى، وأصبحت العودة إلى السياسة الأميركية القديمة أمنية، وتحديداً في ظل الحكم الديمقراطي، أمنية يجاهر بها سياسيون ومثقفون عرب وغربيون. وهو ما يفسر الحالة الاحتفالية التي عمت العالم مع تنصيب جو بايدن يوم الأربعاء الماضي، معلنا نهاية الكابوس الترامبي، ولو مؤقتاً.
في غمرة هذه الاحتفالات، نسي الجميع كيف كان التعاطي الأميركي قبل سنوات حكم ترمب، واعتبروا أن أميركا جديدة في طريقها للولادة، لكنها نفسها أميركا القديمة التي لم تحد كثيراً عن المسار السياسي لترامب، إلا أن تعاطيها سيكون أقل وقاحة، ومعتمداً على القوة الناعمة، وهي الأسلوب الذي دأب الديمقراطيون في الولايات المتحدة على اعتماده، من دون أن يحمل أبعاداً إيجابية، خصوصاً للقضايا التي تهمنا في الوطن العربي.