أزمة معقدة في العراق.. الصراع يتحول إلى الشارع وسط غياب الحلول
في انعكاس لاستمرار الخلافات السياسية، شهدت العاصمة العراقية بغداد تظاهرات للتيارين المتنافسين الإطار التنسيقي والتيار الصدري، حيث يطالب الأخير بحل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
بينما يواصل الإطار التنسيقي الضغط من أجل تشكيل الحكومة بعيدًا عن التيار الصدري، داعيًا إلى انعقاد جلسات البرلمان فورًا.
وفي ظل هذه التطورات، يعيش العراقيون تحت وطأة واقع اقتصادي متدهور وغلاء معيشي مستفحل، وشح بالمياه وانقطاع للكهرباء.
ويأتي التصعيد المتبادل بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري في أجواء من دعوات مكثفة من قبل قيادات سياسية ودول عدة إلى التهدئة وعدم التصعيد واللجوء إلى خيار الحوار بين الفرقاء باعتباره السبيل الوحيد للخروج من الأزمة الراهنة التي تتخوف قوى محلية وإقليمية ودولية من مخاطر الانزلاق نحو الفوضى.
ومنذ 30 يوليو/ تموز الماضي، يواصل أتباع التيار الصدري اعتصامهم داخل المنطقة الخضراء رفضًا لترشيح الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني لمنصب رئاسة الوزراء، فيما تستمر الخلافات بين القوى السياسية التي تحول دون تشكيل حكومة جديدة منذ إجراء الانتخابات الأخيرة في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021.
"صراع على المناصب والنفوذ"
وفي هذا الإطار، يرى الكاتب الصحافي العراقي إياد الدليمي أن ما يجري في العراق هو أزمة مستحكمة ليست وليدة اللحظة، بل هي ممتدة منذ وقت طويل، مشيرًا إلى أن العملية السياسية في البلاد فشلت منذ وقت طويل في تلبية طموحات الشعب العراقي بتشكيل نظام سياسي جديد على أنقاض ما تم هدمه عام 2003 إبان الغزو الأميركي.
ويضيف في حديث إلى "العربي" من العاصمة القطرية الدوحة أن ما يجري اليوم هو محاولة أخرى من محاولات "تكسير العظام" بين الفرقاء السياسيين الذين شاركوا وأسهموا في عملية ما بعد 2003، وتشكيل النظام السياسي الجديد، مشيرًا إلى أن هؤلاء يدركون أو الوضع السياسي في العراق بات على شفا حفرة وبات أقرب إلى الانهيار بشكل تام.
ويعتبر الدليمي أن ما يجري في البلاد هو عملية صراع على المناصب والنفوذ والاستحكام والتحكم بالمشهد السياسي في البلاد.
"ثورة لا شعارات"
ويشدد على أن العراق بحاجة إلى ثورة وليس إلى شعارات ترفعها القوى التي أسهمت في وصول البلاد إلى الوضع المتردي، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي متواطئ أيضًا مع هذه القوى والأحزاب الحاكمة في المشهد العراقي.
وحول تحويل الصدر الصراع إلى الشارع بعدما ما أخطأ بالانسحاب من البرلمان حسبما يقول البعض، أوضح الدليمي أن الصدر اعتقد بانسحابه من البرلمان أنه سيحرج بقية القوى السياسية، ولكن ما حدث أن الإطار التنسيقي قفز بنوابه لأخذ مكان الكتلة الصدرية في البرلمان وأفرغ خطة الصدر من محتواها، مضيفًا أن الصدر لجأ إلى الشارع لاعتقاده بأن الإطار لن ينجح في تحشيد الشارع.
ويتوقع الكاتب الصحافي طرح مبادرات ومفاوضات وإجراء محادثات ما بين التيار الصدري والإطار التنسيقي لحل المشهد العراقي المستعصي.
ويردف أن الإطار التنسيقي قد يعقد جلسة برلمانية بالتوافق مع بقية القوى السياسية في مقر جامعة بغداد، مما سيسحب البساط من ما تبقى من الصدر وجمهوره.
ويرى أن حل البرلمان العراقي ربما سيخلق حلولًا للخلافات السياسية ما بين القوى السياسية، لكنه اعتبر أن الخطوة لا تشكل حلًا للوضع العراقي المأزم.
ويخلص الدليمي إلى أن الحلول التي تطرح الآن هي لإنهاء الأزمة ما بين فرقاء العملية السياسية الذين كتبوا الدستور وسنوا القوانين، والذين أوصلوا العراق إلى الهاوية، مشددًا على أنها حلول لإطالة عمر العملية السياسية وبقاء القوى المتحكمة بالمشهد السياسي لخمس أو 10 سنوات مقبلة.