داعب حلم عام 1966 مخيلة الإنكليز صيف 2020، حين وصل منتخب "الأسود" إلى نهائي كأس الأمم الأوروبية ليواجه المنتخب الإيطالي في ويملبي حيث شاهدت الملكة الراحلة إليزابيث أبناءها يرفعون كأس العالم في ستينيات القرن الماضي.
لم يتكرر المشهد بعدها، فلا إنكلترا التي تفتخر أنها "أم لعبة كرة القدم" استطاعت الفوز على إيطاليا، ولا استطاع منتخبها المكون من لاعبين في أكثر البطولات المحلية إثارة تكرار إنجاز كأس العالم 1966، ولو لمرّة واحدة.
ويردّ العديد من النقاد هذه المعضلة لعدة أسباب، منها أن اللاعب الإنكليزي يخوض مباريات أكثر من غيره في أوروبا بسبب البطولات العديدة التي يشترك بها مع فريقه المحلي.
ويشهد الموسم الإنكليزي الكروي، عدة مسابقات محلية في 10 أشهر، فبالاضافة للدوري الممتاز، هناك كأس الرابطة وكأس الاتحاد، وطبعًا، المسابقات الأوروبية التي أضيفت إليها مسابقة دوري المؤتمر الأوروبي قبل عام.
"جوع كبير"
تملك إنكلترا كل ما يلزم للفوز بالكأس، فلديها منتخب قوي مكون من أجنحة موهوبين كسترلينغ وراشفورد ومهاجم فذ كهاري كين، وساكا المتألق مع آرسنال، وماوسن ماونت وسط تشيلسي، وآرنولد ظهير ليفربول الرائع، بالإضافة لمدرب اقترب كثيرًا من الحلم صيف 2021، بنهائي يورو، كساوثغايت.
وقدّمت تشكيلة الأسود، تصفيات شبه مثالية، حيث فازت في 8 مباريات وتعادلت في 2 من دون هزيمة، وتمكن لاعبو المنتخب الإنكليزي من دك شباك الخصوم 36 مرة، مقابل تلقي 3 أهداف فقط في مرماهم خلال 10 مباريات.
كما أن توق إنكلترا لحمل الألقاب تفسره الاحتفالية الضخمة التي شهدها ميدان ترافالغار وسط لندن، في الأول من سبتمبر/ أيلول، عقب فوز سيدات كرة القدم ببطولة أوروبا، وهو أول فوز كروي رسمي للمنتخبات منذ كأس العالم 1966.
أما الأرقام التي شهدها هذا الفوز فهي أفضل تجسيد لـ"الجوع" السائد بين الجماهير، حيث شهدت المباراة التي جرت على ملعب "ويمبلي" في لندن رقمًا قياسيًا لعدد المتفرجين في بطولة كأس أمم أوروبا لكرة القدم سواء للرجال أو النساء، حيث حضر المباراة 87000 متفرج.
وقد جذبت المباراة النهائية في أواخر يوليو/ تموز المنصرم جمهورًا تلفزيونيًا بلغ 17.4 مليونًا، وهو رقم قياسي لمباراة كرة قدم للسيدات في المملكة المتحدة، وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
أحلام الكبار
هكذا استعادت إنكلترا حلمًا، ولو لأيام كان بطله القائد بوبي مور ورفاقه، من الحارس الرائع غوردن بانكس، وصولًا للعبقري بوبي تشارلتون، وتشكيلة متجانسة حققت لقب مونديال 1966، وضمنها 3 نجوا من حادثة تحطم طائرة فريق مانشستر يونايتد في 6 فبراير/ شباط 1958، حين لقي 23 شخصًا و44 لاعبًا وفنيًا حتفهم.
ولم يأت الفوز الإنكليزي من باب الصدفة، فقد واجه المنتخب الأبيض واحدة من أهم تشكيلات المنتخبات حينها، حيث تقدم "القيصر" فرانتز بكنباور كتيبة ألمانيا التي تضم نخبة من لاعبين ساهموا في صناعة الكرة الألمانية في السبعينات التي تألقت على صعيد الأندية والمنتخب الفائز ببطولة 1974.
ورغم الهدف الأكيد الذي ألغاه الحكم لألمانيا في المباراة التي انتهت (4-2) لصالح إنكلترا في ويمبلي حينها، يرى النقاد أن منتخب الأسود ضم تشكيلة فريدة من نوعها، فغوردن بانكس لم يتلق أكثر من هدف واحد في طريقه إلى النهائي، أما الدفاع فيكفي أنه ضم القائد بوبي مور إضافة لجاكي تشارلتون شقيق بوبي، الذي اشتهر بتدخلاته القوية وقوته. ويعد بوبي مور أسطورة الملاعب الإنكليزية على مر التاريخ.
ولا يعادل خيبة هزيمة يورو 2020، إلا هزيمة يورو 1996 حين ضمت إنكلترا ترسانة من لاعبين تركوا بصمة لا تنسى في الملاعب، كشيرنيغهام وماكمانمان جناح ليفربول، والآن شيرر هداف نيوكاسل الشهير، وبول غاسكوين آخر مواهب إنكلترا الفنية، وغاري نيفيل ظهير مانشستر التاريخي، وبول آينس، وديفيد بلات.
وسيكون مونديال قطر 2022، فرصة جديدة لأحلام ملايين الإنكليز الذين يقدمون للعالم واحدة من أفضل البطولات المحلية، حيث استطاع البريمييرليغ أن يكون وجهة عشاق كرة القدم في أيام السبت والأحد، كما ستكون الدوحة من 20 نوفمبر/ تشرين الثاني، حتى 18 ديسمبر/ كانون الأول المقبلين.