توفي فجر اليوم الأحد، الشاعر اللبناني محمد علي شمس الدين، الذي يعتبر واحدًا من أهم شعراء البلاد في العقود الأخيرة، عن عمر ناهز 80 عامًا بعد وعكة صحية ألمت به منذ أيام.
وكتبت ابنة شمس الدين على حسابها الشخصي في منصة فيسبوك، صباحًا: "ننعي إليكم وفاة شاعر وأديب لبنان، وجبل عامل فقيدنا المقاوم الدكتور محمد علي علي شمس الدين".
وتفاعل اللبنانيون مع الحدث الجلل، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، حيث استعادوا أبياتًا شعرية من قصائده التي تركها.
محمد علي شمس الدين شاعرٌ من أمتي يرتقي ليصبح نجماً ......وداعاً أيها العملاق الكبير .
— مصطفى عبد الفتاح (@r2VaX6ABgN5Owd6) September 11, 2022
"أحلام من الجنوب"
وشمس الدين، هو من مواليد قرية بيت ياحون، جنوب لبنان ويحمل دكتوراه الدولة في التاريخ، وإجازة في الحقوق، كما ذاع صيته عربيًا من خلال مشاركته في العديد من المهرجانات الشعرية العربية، وكتاباته في صحف عديدة بالعالم العربي.
وفي لقاء سابق مع "العربي"، قال شمس الدين: "لقد أردت من صغري أن أحقق شيئًا، ولطالما تخيلت نفسي منذ العاشرة من عمري قائدًا لأوركسترا، لكن أحلامي في الصغر تبين لاحقًا أنها لم تملأ الشغور في نفسي، حتى بدأت كتابة ما يمكن أن يسمى شعرًا حينها".
مات محمد علي شمس الدين ، صاحب قصيدة لديها كل ما يلزم ، عينها ، أذنها عقلها، قلبها ، انسانيتها . "الدمعة وجه الأرض ، الأرض دخان ". ماتت حكاية اخاذة ، لقصيدة اخاذة .
— abido bacha (@AbidoBacha) September 11, 2022
"أميرال الطيور"
وقالت صحيفة النهار اللبنانية: "صباح الأحد، والأرض في نومها الهادئ، والنسيم البارد يغازل الأزهار، رحل "أميرال الطيور" محمد علي شمس الدين، الشاعر المتنوّر والمؤمن، ابن بيت ياحون الجنوبية المفتوحة للشمس والغبار والرياح".
وأضافت أن الصروح الثقافية عرفت شمس الدين كمتخصّص في التاريخ وغائص في الأدب الإسلاميّ، وملمّ بالحقوق والمحاماة والشعر الفرنسي والثقافة الفرنسية.
وكشف شمس الدين لـ"العربي" في لقائه السابق، تأثره بالأشعار الحزينة التي كان جده يقرأها بصوت شجي، وكذلك المواويل التي كان يرددها الفلاحون، والمجالس الكربلائية التي كانت تُقرأ في جنوب لبنان. وقال: "هكذا ترعرت، من طبيعة حرة، وحزن عميق".
يا عبدَ اللهْ ما نفعُ الثورةِ إنْ ماتَ بها المظلومُ وعاشَ الظالمْ؟ يا عبدَ اللهْ للثورةِ بابٌ مقفلْ لا يُفتحُ إن لم تُقتلْ! يا عبدَ اللهْ يا صوتًا يصرخُ في البرّيّةْ ولَدَتْني أمّي كي أشهدَ للحرّيّةْ!! الشاعر محمد علي شمس الدين.. لروحك الف سلام ورحمة pic.twitter.com/5XSOaD2c8d
— Diaaeddine Noureddine (@DiaaeddineNour1) September 11, 2022
وكان الشاعر عضوًا في الهيئة الإدارية في اتحاد الكتّاب اللبنانيين، وكذلك عمل كمدير للتفتيش والمراقبة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي اللبناني، وكان رئيس المفتشين في الضمان الاجتماعي ومن موظفي الفئة الأولى.
خسارة وطنية
وأصدر الاتحاد بيانًا نعى فيه شمس الدين، وقال: "الخسارة الوطنية والفكرية فادحة، وخسارة اتحاد الكتّاب الّلبنانيّين كبيرة برحيل هذه القامة الباسقة، لكن ما يعزينا أنّ أثره وتراثه سيبقيان ذخرًا للأجيال ومنارة للشعراء وطلائع الإبداع".
بي لوعة المتروك في وادٍ بلا أسبابْ أغث.. لا باب يوصلني إلى المحراب أنت البابْ وأنت الباب والمحراب والأعتابُ.... والسَّاعي إلى الأعتابْ ___________________ الشعر يفقد عطره محمد علي شمس الدين وداعًا.. pic.twitter.com/suhF6KmfGi
— yaacoub (@yaacoubmoqashar) September 11, 2022
ولشمس الدين مجموعة كبيرة من المؤلفات، شعرًا وأبحاثًا، أهمها "يحرث في آبار"، و"منازل النرد"، و"غرباء في مكانهم"، و"أميرال الطيور"، كما صدرت له الأعمال الكاملة في بيروت عام 2009.
كذلك، ترك شمس الدين، بحثًا تاريخيًا بعنوان "الإصلاح الهادئ"، وكتب قصصًا للأطفال، منها "غنوا غنوا"، و"قصة ملونة"، وله "الكشف والبرهان ونقيضه" وهو عن الشعر والرسم والنحت والموسيقى والفلسفة.
وسيودع لبنان الشاعر الكبير، عصر اليوم، حيث سيوارى الثرى في بلدة عربصاليم الجنوبية التي نشأ فيها وترعرع، بحسب ما أعلنت ابنته الشاعرة رباب شمس الدين.