أكد صندوق النقد الدولي، اليوم الجمعة، أن الاضطرابات التي سببتها حرب أوكرانيا المستمرة للشهر الثامن على التوالي، على تدفقات الحبوب والأسمدة، أدت إلى أسوأ أزمة للأمن الغذائي، منذ تلك التي أعقبت الانهيار المالي العالمي 2007-2008 على الأقل، مشيرًا إلى أن نحو 345 مليون شخص الآن يواجهون نقصًا يهدد حياتهم.
ويقدر تقرير بحثي جديد لصندوق النقد الدولي، أن 48 دولة الأكثر عرضة لنقص الغذاء تواجه زيادة في فواتير وارداتها بقيمة تسعة مليارات دولار في عامي 2022 و2023، بسبب القفزة المفاجئة في أسعار المواد الغذائية والأسمدة بسبب الهجوم الروسي على أوكرانيا الذي تفجر في 24 فبراير/ شباط الماضي.
ويلفت التقرير إلى أن الحرب ستؤدي لتآكل الاحتياطيات للكثير من الدول الهشة المتضررة من الصراع، والتي تواجه بالفعل مشاكل في ميزان المدفوعات بعد الجائحة الطاحنة وارتفاع تكاليف الطاقة.
وفرضت الحرب توقف تدفق الأسمدة الروسية إلى الأسواق العالمية، ولذلك سعت الأمم المتحدة، لإقناع موسكو بالسماح بخروج الشحنات أسوة باتفاقية الحبوب التي جرت في 22 يوليو/ تموز الماضي، في إسطنبول.
وجرى وقتها برعاية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، توقيع "وثيقة مبادرة الشحن الآمن للحبوب والمواد الغذائية من الموانئ الأوكرانية" بين تركيا وروسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة.
وتبلغ مدة الاتفاق 120 يومًا، ويتضمن تأمين صادرات الحبوب العالقة في الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود (شرقي أوروبا) إلى الخارج، لمعالجة أزمة نقص الغذاء العالمي والتي تهدد بكارثة إنسانية.
فمنذ انطلاق الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا، أضر الحصار على الموانئ الأوكرانية بقطاعي الغذاء والطاقة على مستوى العالم، ودفع عواصم عديدة إلى فرض عقوبات اقتصادية ومالية ودبلوماسية على موسكو.
وتحاول الأمم المتحدة الآن التوسط لاستئناف صادرات الأمونيا، وهي عنصر رئيس في سماد النترات، حيث أُغلق خط أنابيب ينقل الأمونيا من منطقة الفولجا في روسيا إلى ميناء يوزني الأوكراني على البحر الأسود منذ انطلاق الحرب.
الحرب زادت أزمة الغذاء المتفاقمة
وفي هذا الإطار، قدرت المديرة العامة كريستالينا جورجيفا، ومسؤولون آخرون في صندوق النقد الدولي، في منشور على مدونة المنظمة: "احتياجات البلدان الأكثر انكشافًا على التداعيات لهذا العام وحده بما يصل إلى سبعة مليارات دولار لمساعدة الأسر الأكثر فقرًا على مواجهة الأمر".
وأضافوا أن الحرب زادت أزمة الغذاء المتفاقمة منذ عام 2018 سوءًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى زيادة وتيرة وشدة الصدمات المناخية، والصراعات الإقليمية.
الأمين العام للأمم المتحدة يتفقد سير عمليات نقل الحبوب الأوكرانية في #اسطنبول تقرير: عدنان جان#تركيا #أوكرانيا pic.twitter.com/uWQNYcYqcC
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) August 21, 2022
ودعا الصندوق إلى زيادة سريعة في المساعدات الإنسانية من خلال برنامج الأغذية العالمي ومنظمات أخرى، وكذلك إلى إجراءات مالية مستهدفة في البلدان المتضررة لمساعدة الفقراء، لكنه قال إن على الحكومات إعطاء الأولوية لمكافحة التضخم.
كما دعا الصندوق إلى إلغاء حظر تصدير المواد الغذائية وإلى إجراءات حمائية أخرى، مشيرًا إلى أبحاث البنك الدولي التي أظهرت أن هذا الحظر هو سبب ما يصل إلى 9% من الزيادة في أسعار القمح العالمية.
نافذة جديدة للقروض
من ناحية أخرى، قال صندوق النقد اليوم إن مجلسه التنفيذي وافق على نافذة جديدة لقروض مواجهة الصدمات الغذائية.
وبين أن نافذة الصدمات الغذائية، ستفتح لمدة عام واحد من خلال برنامجي (التسهيل الائتماني السريع) و(أداة التمويل السريع) للبلدان التي يعاني ميزان مدفوعاتها من احتياجات ملحة والتي "تعاني من نقص حاد في الأمن الغذائي، أو أزمة حادة في الواردات الغذائية، أو أزمة في واردات الحبوب".
ووفقًا للصندوق، فإن تحسين إنتاج المحاصيل وتوزيعها، بما في ذلك عبر زيادة تمويل التجارة، أمر حيوي أيضًا لمواجهة صدمة أسعار الغذاء الحالية.
ومضى يقول: إن الاستثمارات في الزراعة المقاومة لتغيرات المناخ وإدارة المياه والتأمين على المحاصيل عوامل ضرورية، أيضًا لمواجهة الجفاف وغيره من الأحداث المناخية التي لا يمكن التنبؤ بها.
وحدد الصندوق السودان وقيرغيزستان وروسيا البيضاء وأرمينيا وجورجيا على أنها الأكثر اعتمادًا على الواردات الغذائية الأوكرانية والروسية كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي.
وتشمل البلدان الأكثر اعتمادًا على الأسمدة الأوكرانية والروسية مولدوفا ولاتفيا وإستونيا وباراعواي وقيرغيزستان.
وقبل بدء الاجتياح العسكري الروسي لأراضيها في 24 فبراير/ شباط، كانت أوكرانيا تصدّر شهريًا حوالي 5 ملايين طن من المنتجات الزراعية، ما أدى لإبطاء كييف وتيرة تصدير الحبوب قبل أن توقفها تمامًا.
وزادت الحرب من مخاوف حدوث أزمة غذاء عالمية لكون أوكرانيا أحد أكبر منتجي الحبوب ومصدريها في العالم.