يحذّر كل من برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة الفاو من أزمة غذاء تلوح في أفق الكوكب؛ أسبابها مناخية كالجفاف ووبائية كجائحة كورونا وتنازعية كالحرب في أوكرانيا.
يؤكد المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي، أن الأزمة ستهدد ملايين الأسر، لافتًا إلى أن الظروف الحالية أسوأ بكثير مما كانت عليه عام 2011، في نحو 48 دولة.
خمس دول عربية
وتمس أزمة الغذاء المقبلة خمس دول عربية هي اليمن والصومال والسودان وسوريا ولبنان، إضافة إلى نحو 800 ألف شخص يواجهون الجوع والموت، في دول تصنف على أنها في حالة تأهب قصوى.
وتخطى معدل الجوع والموت من الجوع في إقليم تيغراي الإثيوبي الرقم القياسي، الذي سُجل بسبب مجاعة الصومال عام 2011.
إلى ذلك، يدعو التقرير الأممي إلى اتخاذ إجراءات إنسانية عاجلة تساعد الجائعين في المناطق الساخنة على الوصول إلى قوتهم.
ولا تتفاءل التوقعات بأفول الأزمة، بل بتفاقهما خلال أشهر، لا سيما وأن الحرب في أوكرانيا رفعت أسعار الغذاء والطاقة في جميع أنحاء العالم.
"مؤشرات خطيرة عن الأمن الغذائي"
يشير الخبير الاقتصادي في منظمة "الفاو" أحمد مختار، إلى أن التقرير الذي يتحدث عن النقاط الساخنة في الفقر يعطي مؤشرات خطيرة عن الأمن الغذائي.
ويشرح في حديثه إلى "العربي" من القاهرة، أن التقرير يتحدث عن عشرين منطقة ساخنة للجوع، حيث اعتقدنا أن بعض هذه الدول هي الأكثر تأثرًا بسبب الأزمات مثل جائحة كوفيد والصراعات.
ويشير إلى أن لدى هذه الدول تاريخ طويل يتعلق على سبيل المثال بالتغيّر المناخي والصراعات والنزاعات.
ويلفت إلى أن التقرير يحدد بعض المخاوف الوشيكة في الأشهر الثلاثة إلى الستة القادمة، وما يجب فعله، معتبرًا أنه تحذير من الأزمة والتحديات القادمة التي نواجهها.
ويقول مختار إن ما يجب فعله إزاء المخاوف الوشيكة "هو التدخل سريعًا إما عن طريق التوريد للدول التي لا تستطيع ذلك مثل لبنان، أو على سبيل المثال تقديم إعانات مالية لدول مثل سوريا واليمن، فيمكنها شراء الاحتياجات الأساسية.
ويذكر أن الفاو قامت بعمل تسهيلات، وتعطي منحة مليون دولار للدول الأكثر تعرضًا لهذه المشكلة، داعيًا إلى تضافر الجهود الدولية.
"يمكن للسودان أن يسعف نفسه"
من ناحيته، يؤكد وزير الري والموارد المائية السوداني السابق عثمان التوم أن السودان فيه الحل، والتغيّر المناخي لم يؤثر كثيرًا عليه.
ويلفت في حديثه إلى "العربي" من الخرطوم، إلى أن لدى بلاده مناخات متعددة، والأراضي المستوية الخصبة، والمياه والإنسان، أي كل العناصر التي يمكن أن يساعد فيها.
ويقول إن السودان صُنف بناء على ذلك كواحدة من خمس دول يمكن أن تنقذ العالم في هذا المجال.
ويأسف إلى كون بلاده تواجه مشكلة في عدم الحصول على مساندة من الجهات المانحة لتطوير أراضيه الزراعية.
ويعرب عن اعتقاده بأنه، إذا وُجدت الإرادة القوية لدى جهات، يمكن أن تستثمر في السودان فسيسعف نفسه ويسعف دول الجوار، لا سيما منطقة الخليج وإثيوبيا وغيرهما، عبر التوسع في الزراعة.
"للتفكير باستثمار الأراضي العربية"
من ناحيته، يرى الباحث الاقتصادي حسن عبيد أن تقريرًا أمميًا كالذي صدر اليوم لن يغيّر من واقع الحال فيما يخص القرار السياسي والعسكري في الحرب على أوكرانيا، بل الأهداف التي تسعى كل من روسيا والولايات المتحدة إلى تحقيقها، هي التي تفعل.
ويقول في حديثه إلى "العربي" من باريس، إذا ما وصلت روسيا إلى أهدافها تصل إلى نوع من المفاوضات، وإذا ما وصلت الولايات المتحدة من جانبها إلى هدف معين ستذهب بأوكرانيا إلى مفاوضات معينة.
وفيما يتوقف عند واقع الزراعة في العالم، وتوفير أوكرانيا وروسيا 30% من القمح والشعير للعالم وخمس الذرة.. يؤكد أن "ذاك واقع غير طبيعي"، مذكرًا بالسودان ومصر باعتبارهما دولتين كبيرتين، ويمكنهما تصدير القمح والقطن والذرة إلى العديد من الدول.
ويلفت إلى أن سوريا بالإمكان أيضًا اعتمادها لتكون إحدى الدول المصدّرة للإنتاج الزراعي في العالم.
ويقول يكفي أن يُمد السودان برأس المال النقدي، ليقوم بالاستثمار بالأرض، ويَمد الدول الأخرى، لا سيما دول الخليج، بالمزروعات.
ويشدد على وجوب وضع الأمور في نصابها، والتفكير بطريقة صحيحة لاستثمار الأراضي العربية استثمارًا سليمًا لمصلحة الشعوب العربية، والعالم أجمع في المدى الثاني.