اختتام قمة الجزائر.. دعم القضية الفلسطينية ورفض التدخلات الخارجية
أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، اليوم الأربعاء، اختتام أشغال القمة العربية العادية الـ31 التي ناقشت على مدار يومين ملفات أزمات المنطقة العربية وقضايا اقتصادية هامة.
وصدر البيان الختامي للقمة العربية بالتأكيد على رفض التدخلات الخارجية بجميع أشكالها في الشؤون الداخلية للدول العربية، إضافة إلى الالتزام بمبادئ عدم الانحياز وبالموقف العربي المشترك من الحرب في أوكرانيا.
كما رحب إعلان الجزائر بـ"توقيع الأشقاء الفلسطينيين على "إعلان الجزائر" من أجل تحقيق الوحدة الوطنية"، والتأكيد على دعم التحرك الفلسطيني للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة.
وجدد القادة العرب في قمتهم "التضامن مع لبنان والتطلع لأن يقوم مجلس النواب بانتخاب رئيس جديد للبلاد"، إضافة إلى دعم الحكومات في اليمن والعراق وليبيا.
كما أكد القادة على ثقتهم في قدرة دولة قطر على تنظيم دورة مميزة لكأس العالم ورفضهم لحملات التشويه المغرضة ضدها.
كلمات القادة العرب
وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمة له، التمسّك بمبادرة السلام العربية التي تقوم على حل الدولتين، مشيرًا إلى أنّها تكفل قيام دولة فلسطينية على حدود 1967.
من جهته، توجّه الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى القادة العرب، متطلّعًا إلى دعمهم لحصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة ومنع نقل سفارات الدول إلى القدس.
وفي كلمته، دعا رئيس المجلس الرئاسي الليبي إلى توظيف أي حوار نحو استكمال خارطة طريق وإجراء الانتخابات في أقرب الآجال.
أما رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان فأعرب عن أمله في التوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية، وفي التوصل إلى انتخابات شفافة تنهي المرحلة الانتقالية في السودان.
وفي الملف اليمني، أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي تطلع بلاده إلى دعم الدول العربية لاستعادة مؤسسات الدولة في اليمن، متهمًا جماعة الحوثي بالتنصل من كل تعهداتها الدولية.
وأشار رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي في كلمته، إلى أن لبنان يمر بظروف استثنائية تتمثل بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخ البلاد، معوّلًا على مساعدة "جميع الإخوة العرب"، وفق قوله.
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أعطى خلال كلمته في افتتاح أعمال القمة التوجهات العامة لنقاشات مؤتمر القادة.
وقال تبون إن القضية الفلسطينية تبقى على رأس الأولويات بدعم "صمود الفلسطينيين" والدفاع عن حصول فلسطين على عضوية كاملة في الأمم المتحدة.
كما دعا إلى "إلى ضرورة الإسراع في القيام بإصلاحات جذرية عميقة وشاملة لمنظومة العمل العربي المشترك".
السيسي: لنبذ أي محاولة لتوفير غطاء سياسي للإرهاب
وفي كلمته أمام القادة العرب، اعتبر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أنّ "تدخل أطراف خارجية في شؤوننا عبر تغذية النزاعات يهدد أمننا القومي"، داعيًا إلى "تبني مقاربة شاملة لتعزيز قدراتنا الجماعية لمواجهة مختلف الأزمات".
ودعا الرئيس المصري كذلك إلى "تبني مقاربة مشتركة لتكريس مفهوم الأمة العربية الواحدة ومفهوم دولة المواطنة"، مشدّدًا على أنّ "ضمان وحدة قوة الصف العربي خطوة أساسية تستند على مبادئ غير قابلة للمساومة واحترام سيادة دولنا".
وفيما رأى السيسي أنّ "الاستقطاب الدولي باتت له تبعات سلبية على التناول الدولي لأزماتنا العربية"، شدّد على جوب "نبذ أي محاولة لتوفير غطاء سياسي للإرهاب"، على حدّ وصفه.
وإذ لفت إلى أنّ "قدرتنا على العمل الجماعي لاسترجاع الحقوق الفلسطينية تبقى المعيار الحقيقي لمدى تماسكنا"، اعتبر أنّ "المبادرة العربية للسلام تكفل قيام دولة فلسطينية على حدود 1967"، مضيفًا: "متمسكون بمبادرة السلام العربية التي تقوم على حل الدولتين".
وطلب الرئيس المصري دعم القادة العرب لمساعي القاهرة في ليبيا "بهدف إجراء الانتخابات بعيدًا عن التدخلات الخارجية وخروج القوات الأجنبية".
كما جدّد التأكيد على ضرورة الاستمرار في حث إثيوبيا على التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن سد النهضة.
وختم كلمته بدعوة الشعوب العربية إلى أن تثق في أمتها وفي حرص مصر على تماسك الكيان العربي.
عباس: إسرائيل تبطش بنا ولا أحد يقول لها كفى
من جهته، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى تنقية الأجواء العربية لمواجهة التحديات التي تواجههنا كأمة عربية.
وفيما اعتبر أنّ مؤتمر لم الشمل لتحقيق المصالحة الفلسطينية في الجزائر يسعى لتوحيد الصف الفلسطيني، توجّه بالشكر إلى الجزائر والدول العربية التي تساهم في تهيئة الأجواء لتحقيق المصالحة الفلسطينية.
وحذر الرئيس الفلسطيني من إسرائيل تتصرف كدولة فوق القانون مستندة إلى صمت دولي بعيدًا عن أي مساءلة أو محاسبة. وأشار إلى أنّ سلطات الاحتلال تواصل فرض سياسة الأمر الواقع عبر الاستيطان وإرهاب الفلسطينيين وتهجيرهم.
وإذ لفت إلى أنّ الاحتلال يصر على تقويض حل الدولتين ويتصرف فوق القانون في ظل الصمت الدولي، شدّد على أنّ إسرائيل تمارس تدميرًا ممنهجًا لحلّ الدولتين، "ولم تترك لنا خيارًا سوى إعادة النظر في مجمل العلاقة معها"، على حدّ وصفه.
وتوجه الرئيس الفلسطيني إلى القادة العرب بالقول: "نتطلع إلى دعم عربي وإصدار قرار من القمة بتشكيل لجنة وزارية للتحرك على المستوى الدولي لفضح سلطات الاحتلال"، مضيفًا: "بدعمكم يمكننا الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة ومنع نقل سفارات الدول إلى القدس".
وفيما لاحظ عباس أنّ الفلسطنيين لا يتمتعون بأي حماية "وإسرائيل تبطش بنا ولا أحد يقول لها كفى"، قال: "نتطلع لتشكيل لجنة قانونية لمتابعة الجرائم التي ارتكبت بحق شعبنا جراء إصدار بريطانيا وعد بلفور".
وشدّد على أنّ "الشعب الفلسطيني ينتظر من أشقائه تفعيل قرارات القمم العربية السابقة بشأن الدعم المالي لموازنة دولة فلسطين".
ونبّه عباس إلى أنّ الفلسطينيين يتعرّضون "لأشرس حملة إسرائيلية لتهويد القدس والأقصى وإعادة بناء الهيكل المزعوم"، مشيرًا إلى أنّ سلطات الاحتلال والداعمين لها أنفقوا عشرات المليارات خلال السنوات الماضية لتهويد القدس.
وطلب الرئيس الفلسطيني دعوة الأزهر والفاتيكان والمرجعيات الدينية لحضور مؤتمر القدس مطلع العام المقبل في القاهرة، كما تمنّى لدولة قطر النجاح في تنظيم كأس العالم لكرة القدم والتي تقام لأول مرة في دولة عربية شقيقة.
الرئيس العراقي: وحدتنا عامل حاسم في دحر الإرهاب
وفي كلمته، أكد الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد أن "التغييرات الحاصلة في بعض بلداننا تؤكد أهمية القمة للخروج بقرارات لتقدير خطورة اللحظة وتحقيق تفاهم بناء".
وتطرق رشيد إلى القضية الفلسطينية، حيث لفت إلى أن "الشعب الفلسطيني ما زال في صدارة اهتماماتنا"، مضيفًا: "نحن متمسكون بقيام الدولة الفلسطينية وندين إجراءات الاحتلال".
وفيما أمل من القمة تنقية الأجواء وتعزيز العمل العربي المشترك، تمنى استمرار المحادثات السياسية بين الأطراف السورية لإنهاء "الأزمة التي يعاني منها الأشقاء"، وفق قوله.
ودعا الرئيس العراقي أطراف النزاع في اليمن إلى الحوار لإيجاد حل يحافظ على وحدة أراضيهم، كما أكد دعمه جهود تحقيق المصالحة في ليبيا وإنهاء العنف وتحقيق الاستقرار السياسي في السودان.
وشدّد رشيد على أن وحدة العراقيين كانت عاملًا حاسمًا في دحر الإرهاب، مشيرًا إلى أنّ "بلدنا يحرص اليوم ليكون مصدر الاستقرار في المحيط الإقليمي والدولي بعد دحر الإرهاب".
كما دعا إلى تطوير التفاهم بين تركيا وإيران بخصوص مشكلة مياه أزمة النهرين بعد انخفاض منسوبهما.
القضية الفلسطينية "تمر بظرف صعب"
أما الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، فلفت إلى أن القمة تنعقد في ظرف استثنائي في ظل انتشار التطرف والعنف والإرهاب والحرب في أوكرانيا.
وأشار إلى أنّ استضافة قطر لكأس العالم تشكل نموذجًا لتعزيز الحضور العربي في الأحداث والفعاليات الدولية الكبرى.
وفي السياق، دعا الرئيس الموريتاني إلى "تكثيف التنسيق في محاربة الإرهاب ونبذ الفرقة والتعصب الطائفي وما يهدد استقرار عالمنا العربي".
وتطرق إلى القضية الفلسطينية، حيث لفت إلى أنّها تمر بظرف صعب بفعل تجاهل المبادرة العربية وكل القرارات الدولية.
وإذ أكد التمسك بإقامة دولة فلسطينية، قال إنّه "يستبشر خيرًا" بتوقيع اتفاق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية برعاية الجزائر.
وحضرت القضية الفلسطينية كذلك في كلمة رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيلي الذي رحّب باتفاق الفصائل الفلسطينية في الجزائر وترسيخ المشروع الوطني لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني.
كما دعا رئيس جيبوتي الليبيين للانخراط في حوار شامل، مجدّدًا أهمية الوصول إلى تسوية سياسية لإنهاء الأزمة.
ليبيا والسودان على طاولة القمة العربية
وحضر الملف الليبي على طاولة القمة العربية بقوة من خلال كلمة رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي الذي دعا إلى موقف عربي موحّد تجاه الأوضاع في ليبيا.
ولفت المنفي إلى وجوب أن يكون على رأس المطالب رحيل القوات الأجنبية ووقف التدخلات.
وشدّد على أنّ استمرار المراحل الانتقالية لا يخدم الاستقرار الدائم لليبيا لأنه يفاقم الأزمات، داعيًا إلى توظيف أي حوار نحو استكمال خارطة طريق وإجراء الانتخابات في أقرب الآجال.
وتطرق المنفي في كلمته إلى القضية الفلسطينية حيث أكد أنّ لا حل دائمًا أو مرحليًا يعد مقبولًا ما لم يعترف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة
أما الملف السوداني، فعبّر عنه رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان الذي أكد أنّ السودان يمر بمرحلة انتقالية استثنائية في تاريخه ويأمل في دعم أشقائه العرب.
وأمل البرهان التوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية مقبولة محليًا وإقليميًا ودوليًا، كما عبّر عن أمله أيضًا في التوصل إلى انتخابات شفافة تنهي المرحلة الانتقالية في السودان.
وفيما أعرب عن أمله في أن تتبنى القمة قرارات تحث المنظمات العربية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، جدّد موقف بلاده الثابت بضرورة إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفقًا لحل الدولتين.
اليمن يتطلع إلى دعم الدول العربية لاستعادة المؤسسات
ولم يغب ملف حرب اليمن عن مداولات اليوم الثاني والأخير من القمة العربية، حيث أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي تطلع بلاده إلى دعم الدول العربية لاستعادة مؤسسات الدولة في اليمن.
وأشار إلى أنّ "الميليشيات الحوثية رفضت تجديد الهدنة وسعت لتأزيم الوضع الاقتصادي، لكنّ الحكومة التزمت بشروط الهدنة كافة ولا تزال ملتزمة بها حتى اليوم"، وفق تعبيره.
وفيما لفت إلى أنّ "الميليشيات تنصلت من كل تعهداتها الدولية، وما زالت تعلن عن تهديدات يومية للمنشآت الاقتصادية الوطنية"، قال: "راعينا المخاوف التي يشعر بها البعض تجاه تصنيفنا الحوثيين جماعة إرهابية".
واعتبر العليمي أنّ الأوان قد حان "للقيام بعمل عربي جماعي يتصدى للمشروع الانقلابي في اليمن"، داعيًا في هذا السياق إلى "وجوب عزل النظام الإيراني الذي يقدم الدعم للإرهابيين الحوثيين"، على حدّ تعبيره.
ورأى أنّ مصلحة إيران في الشراكة مع جيرانها وفي الكف عن زعزعة استقرار شعوبنا. كما نبّه كذلك إلى أنّ تداعيات الوضع الدولي كانت كبيرة على الأمن الغذائي في اليمن.
"لبنان تغيّر"
وحضرت أزمة لبنان في القمّة العربية من خلال كلمة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي ترأس الوفد اللبناني، في ظلّ الشغور الرئاسي الذي بدأ في لبنان مطلع الشهر، مع تعثر انتخاب رئيس جديد.
وفي كلمته، أكد ميقاتي أنّ "لبنان تغيّر"، مشيرًا إلى أنّ "المنارة المشرقة انطفأت، والمرفأ الذي كان يعتبر باب الشرق انفجر، والمطار الذي يعتبر منصة للتلاقي تنطفئ فيه الأنوار لعدم وجود المحروقات".
وأعلن ميقاتي "أننا في دولة تعاني اقتصاديًا وحياتيًا واجتماعيًا وبيئيًا، ونحارب الأوبئة بأقل الإمكانات"، مشيرًا إلى "أننا نواجه منذ سنوات عدة، أسوأ ازمة اقتصادية واجتماعية في تاريخنا، نالت من سائر المؤسسات ووضعت غالبية اللبنانيين تحت خط الفقر، وتسببت بهجرة الكثير من الطاقات الشابة والواعدة، وخسارة الوطن خيرة أبنائه".
وأشار إلى أن لبنان نجح مؤخرًا، في التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود الجنوبية لمنطقته الإقتصادية الخالصة، "ونأمل في أن يكون ذلك بداية مسار يقود إلى ازدهار لبنان ورخاء اللبنانيين والتوافق على انتخاب رئيس جديد يلم شمل اللبنانيين". وعوّل الرئيس ميقاتي في كلمته على مساعدة "جميع الأخوة العرب للبنان"، وفق قوله.
دعوات إلى عمل جماعي عربي تكاملي
وخلال جلسة الأربعاء أيضًا، تحدّث ولي العهد الكويتي مشعل الأحمد الجابر الصباح الذي دعا إلى "تعزيز العمل العربي المشترك عبر وضع تصورات وأهداف محددة تلبي طموحات شعوبنا".
وفيما أكد دعم بلاده جهود الجزائر في تحقيق المصالحة الفلسطينية، شدّد على رفض التدخلات الخارجية التي تمس سيادة أي دولة عربية.
كما دعا إلى تضافر الجهود الرامية لمكافحة الإرهاب والتطرف وتجفيف منابع تمويله.
من جهته، لفت ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبد الله الثاني إلى أن الأزمات التي يشهدها العالم تتطلب عملًا عربيًا تكامليًا لمواجهة خطورة تداعياتها على المجتمع الدولي.
وشدّد ولي العهد الأردني على أنّ السلام الشامل على أساس مبادرة السلام العربية والقرارات الدولية ما يزال خيارًا استراتيجيًا.
كما اعتبر أن "لا بديل عن عمل جماعي لإيجاد حل سياسي لحفظ سيادة سوريا والعودة الطوعية للاجئين".
أما الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود فأكد في كلمته، أنّ "شعبنا يناضل لتحقيق الاستقرار بعد سنوات من محاربة الإرهاب".
وفيما أشار إلى أنّ "منطقتنا تواجه أزمات وتحديات تهدد أمنها واستقرارها"، لفت إلى أنّ الحكومة الصومالية ما تزال بحاجة لدعم القادة العرب من أجل استكمال بناء المؤسسات.