الثلاثاء 19 نوفمبر / November 2024

"كنت هناك".. قصة اغتيال كمال جنبلاط وتداعياتها السياسية والأمنية على لبنان

"كنت هناك".. قصة اغتيال كمال جنبلاط وتداعياتها السياسية والأمنية على لبنان

شارك القصة

بعد أكثر من 40 عامًا على الجريمة، بقيت قضية اغتيال كمال جنبلاط طي الكتمان في أدراج الدولة اللبنانية وخاصة في ظل عدم تقديم الجناة للمحاكمة رغم وجود الكثير من الشهود والأدلة.

في 16 مارس/ آذار من العام 1977 استفاق اللبنانيون على خبر اغتيال الزعيم اللبناني كمال جنبلاط. عملية الاغتيال وقعت في ظل الظروف الصعبة التي عاشتها البلاد آنذاك.

فبعد أن غادر جنبلاط قصر المختارة باتجاه بيروت، عُثر عليه مقتولًا مع عدد من مرافقيه بجانب الطريق.

اسم لامع

كان مسرح الجريمة يحمل الكثير من الأسئلة حول القاتل والدوافع، فجنبلاط لم يكن زعيمًا لبنانيًا فحسب؛ بل كان شخصية مؤثرة ومتشابكة مع المحيط الإقليمي.

ولد كمال جنبلاط في 6 ديسمبر/ كانون الأول من العام 1917 في بلدة المختارة قضاء الشوف في عائلة درزية.

وشارك منذ صغره في فعاليات ونشاطات سياسية كبيرة، وخصوصًا في ظل الاحتلال الفرنسي للبلاد آنذاك. حصل على شهادة في علم النفس والتربية المدنية، وأخرى في علم الاجتماع من جامعة السوربون في فرنسا، إضافة إلى شهادة في المحاماة في لبنان قبل أن ينطلق في الحياة السياسية.

وسرعان ما أصبح اسمه لامعًا في الوطن العربي والعالم.

يقول نائب رئيس مجلس النواب اللبناني إيلي الفرزلي عنه إنه كان من أكثر الشخصيات ذات الثقافة الواسعة والفكر والأدب والشعر.

بدوره يشير القيادي في الحزب التقدمي الاشتراكي كمال أبو الحسن إلى أن جنبلاط كان في تلك الفترة قريبًا من الشباب ومن آرائهم وطموحاتهم، كما كان علمانيًا وغير طائفي، وكان يعتبر أن التعصب الطائفي هو أحد الأسباب الرئيسية للتخلف والعودة إلى الوراء.

الرئيس الأسبق لحزب الكتائب اللبنانية كريم بقرادوني يرى أن مساهمات كمال جنبلاط في لبنان كثيرة، وأهمها أنه أسس الحزب التقدمي الاشتراكي في أبريل/ نيسان من عام 1949، حيث أصر ألا يعلن عن هذه الخطوة إلا في 1 مايو/ أيار لما لهذا الموعد من رمزية تخص العمال والطبقة الفقيرة.

احتدام المعركة

وشكّل كمال جنبلاط تحالفًا مع الفلسطينيين حيث دعم تحركاتهم السياسية والعسكرية داخل لبنان وخارجه في إطار نصرته للقضية الفلسطينية، في ظل الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.

وفي منتصف السبعينيات، خاض جنبلاط حربًا ضد المسيحيين الموارنة في لبنان تأييدًا للفلسطينيين، متهمًا الموارنة بالعمل لصالح إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية، قبل أن يدخل لبنان في حرب طائفية استمرت حتى بداية التسعينيات.

ومع اندلاع الحرب اللبنانية عام 1975 وخاصة بعد تقدم الفلسطينيين والحركة الوطنية اللبنانية بزعامة كمال جنبلاط بشكل كبير في الداخل اللبناني، بدأ النظام السوري بالتحرك العسكري نحو لبنان بعد غطاء عربي لما يسمى بـ"قوات الردع العربية"، وهو أمر عارضه جنبلاط كثيرًا وخاصة في ظل صدامه المباشر مع الرئيس السوري حافظ الأسد، الأمر الذي شكّل نقطة تحول كبيرة في حياة جنبلاط.

ومع احتدام المعركة بين كمال جنبلاط ومحيطه اللبناني والعربي والاحتلال الإسرائيلي، توفرت كل الظروف للقيام بعملية اغتياله في ظل زيادة الأعداء الذين كانوا يعتبرونه خصًما عنيدًا يجب التخلص منه.

فالإسرائيليون كانوا يعتبرونه داعمًا قويًا للفلسطينيين ضد مشروعهم الصهيوني وهو ما يتفق معه اللبنانيون المسيحيون الذين وجدوا في نفوذ الفلسطينيين داخل لبنان مشكلة كبيرة، فلجأوا إلى السوريين لوقف هذا التمدد، وخاصة أن حافظ الأسد كان يرى في جنبلاط عدوًا شخصيًا له.

تفاصيل عملية الاغتيال

في 16 مارس/ آذار من عام 1977 وأثناء خروج جنبلاط من بيته في بيروت، استُهدف بإطلاق نار أدى إلى مقتله على الفور. 

تفاصيل تلك الحادثة كشفت عنها وثائق التحقيق الجنائي، التي أظهرت اعتراض سيارة من نوع "بونتياك" سيارة جنبلاط في محاولة لاختطافه، لكنهم فشلوا ما دفعهم لإطلاق النار عليه من الخلف.

بعدها، حاول الجناة الفرار من المكان لكنهم تفاجأوا بتعطل سيارتهم ما دفعهم لسرقة سيارة لبناني يدعى سليم حداد، ومن ثم توجهوا بها إلى مكتب تابع للمخابرات السورية كان يديره آنذاك النقيب إبراهيم الحويجي، الذي تم تعيينه قائدًا للمخابرات الجوية بعد ترفيعه إلى رتبة لواء.

ومن ثم شهد لبنان تسارعًا شديدًا بالانحدار نحو الحرب الأهلية مرة أخرى.

وبعد أكثر من 40 عامًا على اغتيال كمال جنبلاط، لم يصدر قرار واضح حول الجناة الحقيقيين وبقيت القضية طي الكتمان في أدراج الدولة اللبنانية، وخاصة في ظل عدم تقديم الجناة للمحاكمة رغم وجود الكثير من الشهود والأدلة.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close