كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أمس السبت أن عملية اغتيال إسرائيل للعالِم النووي الإيراني محسن فخري زادة أواخر العام الماضي تمّت باستخدام "روبوت قاتل".
جاء ذلك في تقرير نشرته الصحيفة استنادًا إلى مقابلات مع مسؤولين أميركيين وإسرائيليين وإيرانيين، بينهم مسؤولان استخباريان مطلعان على تفاصيل التخطيط للعملية وتنفيذها، من دون الكشف عن هوية أي منهم لحساسية القضية.
وأشار التقرير إلى أن "عملية الاغتيال جرت من دون وجود أي عملاء على الأرض، بواسطة روبوت قاتل قادر على إطلاق 600 طلقة في الدقيقة، وهو سلاح جديد عالي التقنية مزوّد بذكاء اصطناعي وكاميرات متعدّدة تعمل عبر الأقمار الاصطناعية".
"بيك آب زمياد"
وأوضح مسؤول استخباري مطّلع على الخطة أن "إسرائيل اختارت نموذجًا متطورًا من مدفع رشاش بلجيكي الصنع من طراز FN MAG، مرتبط بروبوت ذكي متطوّر".
وأضاف أن "النظام لم يكن مختلفًا عن نظيره Sentinel 20، الذي تقوم شركة Escribano الإسبانية بتصنيعه".
وبلغ وزن المدفع الرشاش مع الروبوت وباقي الملحقات مجتمعة نحو طن تقريبًا، لذلك تم تفكيك المعدّات إلى قطع صغيرة، ومن ثم جرى تهريبها إلى إيران بطرق وأوقات مختلفة، ثم أعيد تجميعها سرًا هناك، بحسب المصدر نفسه.
وبيّن التقرير أنه "تم بناء الروبوت ليتناسب مع حجم حوض سيارة بيك آب من طراز زامياد، شائعة الاستخدام في إيران، وكذلك تم تركيب كاميرات في اتجاهات متعددة على الشاحنة لمنح غرفة القيادة صورة كاملة ليس فقط للهدف وتفاصيله الأمنية، ولكن للبيئة المحيطة".
الفاجعة تصيب الإيرانيين باغتيال #فخري_زاده قبل أن تجف دموعهم على #سليماني.. فما خياراتهم للرد؟#تقدير_موقف pic.twitter.com/Ckq51oiwWD
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) December 6, 2020
وفي النهاية، تم تفخيخ الشاحنة حتى يمكن تفجيرها عن بعد وتحويلها إلى أجزاء صغيرة بعد انتهاء عملية القتل، من أجل إتلاف جميع الأدلة، بحسب "نيويورك تايمز".
وبغرض تحديد الهدف بدقة، تم وضع سيارة على جانب الطريق الذي يسلكه فخري زادة، والتظاهر بأنها معطلة، فيما تم تزويدها بكاميرا مرتبطة بأقمار اصطناعية ترسل الصور مباشرة إلى مقر قيادة العملية.
وأكد التقرير أن "العملية بكاملها استغرقت أقل من دقيقة، وتم خلالها إطلاق 15 رصاصة فقط، حيث أشار محققون إيرانيون إلى أن الرصاصات لم تصب زوجة فخري زادة، التي كانت تجلس على بعد سنتمترات قليلة".
استغرقت قرابة 3 دقائق
وعن تفاصيل العملية، كشفت وكالة "أنباء فارس" شبه الرسمية آنذاك أنها "استغرقت قرابة 3 دقائق فقط، ولم يكن هناك عامل بشري في مكان الاغتيال، ولم يتم إطلاق النار إلا بأسلحة آلية يتم التحكم بها عن بعد".
وأوضحت أن فخري زادة وزوجته كانت تقلّهما يوم الحادث سيارة مضادة للرصاص، بمرافقة 3 سيارات حراسة في طريقهما إلى منطقة "دماوند" قرب طهران.
وأضافت أن إحدى سيارات الحراسة انفصلت عن الموكب على بعد كيلومترات من موقع الحادث، بهدف التحقق ورصد أي حركة مشبوهة.
وأشارت إلى أنه في تلك الأثناء، تسبّب صوت بضع رصاصات استهدفت السيارة في لفت نظر "فخري زادة" وإيقاف السيارة.
وتابعت أن فخري زادة خرج من السيارة معتقدًا أن الصوت ناتج عن اصطدام بعائق خارجي أو مشكلة في محرك السيارة.
وعقب نزوله من السيارة، قام مدفع رشاش آلي يتم التحكم به عن بعد مثبت على شاحنه صغيرة مركونة على بعد 150 مترًا، بإطلاق وابل من الرصاص عليه لتصيبه 3 رصاصات، قطعت واحدة منها نخاعه الشوكي.
وبعد لحظات تم تفجير الشاحنة المركونة.
"موقع محتمل"
وتوقفت الصحيفة عند ما أفاد به نجل محسن فخري زادة ومسؤولون إيرانيون، من حيث أن الفريق الأمني كان قد حذّره في ذلك اليوم من تهديد ضده وطلب منه عدم السفر.
ونقلت عن أبنائه إشارتهم إلى قول فخري زادة إنه كانت لديه محاضرة في الجامعة بطهران في اليوم التالي، ولا يمكنه القيام بذلك من بعد.
ولفتت إلى أن علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، قال في وقت لاحق لوسائل الإعلام الإيرانية "إن وكالات المخابرات كانت على علم بالموقع المحتمل لمحاولة اغتيال، رغم أنها لم تكن متأكدة من التاريخ".
وكشفت الصحيفة أنها لم تستطع التحقّق مما إذا كانت لدى هؤلاء مثل هذه المعلومات المحدّدة، أو ما إذا كان الادعاء محاولة للسيطرة على الضرر بعد فشل استخباراتي محرج.
وفي 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، أعلنت إيران اغتيال فخري زادة المعروف بـ"عراب الاتفاق النووي" عن 63 عامًا، إثر استهداف سيارة كانت تقلّه قرب العاصمة طهران.
وعقب الحادث، اتهم الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني إسرائيل بتدبير اغتيال العالِم. وتوعدت طهران بالرد.
يُذكر أن صحيفة "ذا جويش كرونيكل" كانت كشفت في فبراير/ شباط الماضي، أنّ العالِم النووي الإيراني "قُتل بواسطة سلاح يزن طنًا"، جرى تهريبه إلى إيران بواسطة جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد" بعد تفكيكه إلى عدة أجزاء.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مخابراتية قولها إن "مجموعة تضم أكثر من 20 عميلًا بينهم مواطنون إسرائيليون وإيرانيون نصبت كمينًا للعالم محسن فخري زادة بعد مراقبته على مدى ثمانية أشهر".