"قِبلة لليهود" بقرار قضائي.. المسجد الأقصى "تحت قبضة" المتطرفين
سيصبح المسجد الأقصى، الذي يعدّه المسلمون أولى القِبلتين وثالث الحرمين، "قِبلة لليهود" أيضًا بحكم القانون الإسرائيلي.
يأتي ذلك عقب صدور قرار عن محكمة إسرائيلية يسمح للمستوطنين بأداء الصلوات في باحات المسجد الأقصى.
ويُعَدّ هذا القرار انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، على اعتبار أن القدس الشرقية يدرجها القانون الدولي منطقة محتلة من طرف إسرائيل بقرار أممي.
وفيما توالت ردود الفعل الفلسطينية المندّدة بالقرار، وسط دعوات للأمة العربية والإسلامية إلى الوقوف في وجهه، بدا كأنّ البعض "تناسى" أن عددًا من الدول الإسلامية المدعوة إلى الوقوف في وجه حكم المحكمة الإسرائيلية مطبّعة مع إسرائيل، وأخرى تقف في الطابور تنتظر دورها، وثالثة تلتزم الصمت.
وقائع جديدة في المسجد الأقصى
في ردود الفعل، حذر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية من محاولات إسرائيل فرض وقائع جديدة في المسجد الأقصى.
وطالب أشتية الإدارة الأميركية بالوفاء بتعهداتها بالحفاظ على الوضع المعمول به في الأقصى وعدم السماح بإحداث أي تغيير فيه، مؤكدًا مواصلة التنسيق مع الأردن الدولة العربية الوصية على المسجد الأقصى والأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة.
من جانبه، قال مندوب فلسطين الدائم في الأمم المتحدة رياض منصور: إنّ العمل جارٍ مع الأردن لوضع خطة لاستنفار كل مكونات المجتمع الدولي لوضع حدّ لانتهاكات الاحتلال في القدس.
وشجبت الهيئات والمرجعيات الإسلامية في القدس السماح للمتطرفين اليهود بالصلاة في المسجد الأقصى، داعية الأمة العربية والإسلامية إلى الوقوف في وجه مخططات قالت إنّها ترمي إلى تغيير الوضع الديني والتاريخي والقانوني للأقصى
"عدوان خطير ومؤامرة"
وأكد المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين أنّ لا ولاية لأيّ محكمة إسرائيلية على المسجد الأقصى، ودعا العرب والمسلين لإنقاذ مدينة القدس والمسجد الأقصى ممّا يحاك ضدّهما قبل فوات الأوان.
من جانبها، وصفت فصائل المقاومة الإسلامية قرار إقامة الصلوات الصامتة في المسجد الأقصى بالقرار الغاشم، وقالت الفصائل في بيان: إنّ قرار الاحتلال إقامة الصلوات الصامتة في المسجد الأقصى "عدوان خطير" بحق المقدسات الإسلامية، ومقدّمة لما وصفته بمؤامرة التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى.
وحذرت الاحتلال من استمرار في جرائمه ضدّ الأقصى والقدس، كما دعت أبناء الشعب الفلسطيني إلى الاحتشاد في المسجد الأقصى، مؤكدة أنّ الدفاع عن القدس واجب للمسلمين للجميع.
تركيا ومصر تدينان
على المستوى الدولي، أدانت وزارة الخارجية التركية القرار، مؤكدة أنّه يفتح الطريق أمام توترات جديدة، وسيشجع من وصفتهم بالأوساط المتعصبة التي تحاول تقويض الوضع الراهن في المسجد الأقصى. ودعت المجتمع الدولي إلى رفض القرار.
وأدانت الخارجية المصرية كذلك القرار، معربة عن قلقها البالغ من التبعات التي ستنتج عنه وتداعياته على الأمن والاستقرار في المنطقة. وأكدت على ضرورة احترام الوضع التاريخي والقانوني القائم للقدس ومقدّساتها الإسلامية والمسيحية.
إضفاء شرعية قانونية على الطقوس
ويرى الباحث في جمعية الدراسات العربية مازن الجعبري أنّ قرار المحكمة الإسرائيلية بشرعنة صلوات اليهود ستؤدي إلى خلق وفرض واقع جديد مخالف لوضعية المسجد الأقصى خلال كل السنوات الماضية.
ويشير الجعبري، في حديث إلى "العربي"، من القدس، إلى أنّ موضوع صلاة اليهود بدأت خلال أعياد اليهود في الشهر الماضي حيث قامت جماعات المستوطنين بأداء كل الطقوس التوراتية والدينية داخل المسجد بحماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي.
ويلفت إلى أنّ قرار المحكمة الإسرائيلية يضفي شرعية قانونية على هذه الطقوس وعلى هذه الممارسات داخل المجلس الأقصى، وبذلك تصبح صلاة اليهود صلاة علنية داخل المسجد الأقصى وهذا ما تسعى إليه الحكومة الإسرائيلية منذ عام 2019.
"مكان لليهود والمسلمين"
ويشدّد الجعبري على أنّ ما سيحدث في الأقصى وما تحاول الحكومة الإسرائيلية من خلال الجماعات المتطرفة اليهودية هو تقسيم المكان كما حدث في المسجد الإبراهيمي قبل 27 عامًا وهو جعل المكان مكانًا لليهود والمسلمين، مشيرًا إلى أنّ "هذا مخالف لمكانة المسجد الأقصى وواقعه ومخالف أيضًا للقانون الدولي باعتبار أنّ القدس مدينة محتلة ومخالف كذلك لاتفاق السلام الذي وقّعته الحكومة الإسرائيلية مع الأردن سابقًا".
ويتحدّث عن دور كبير على المملكة الأردنية بصفتها الوصية وبصفتها أيضًا لديها علاقات سلام وتعاون مع الحكومة الإسرائيلي، لافتًا إلى أنّها تستطيع أن تقوم بدور سياسي ودبلوماسي كبير لوقف الإجراءات داخل المسجد الأقصى بما فيها اللجوء إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن وحتى محكمة الجنايات الدولية.
كما يلفت إلى دور أيضًا على الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامية بالتوجه إلى المنظمات الدولية وكذلك إلى الإدارة الأميركية.