اتحاد الشغل يصعّد لهجته.. إلى أين يسير المشهد السياسي في تونس؟
أطل الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل نور الدين الطبوبي من نافذة المشهد العام في بلاده، منتقدًا الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأحوال القضاء.
ووصف الانتخابات المقبلة بأنها "بلا لون أو طعم"، معلنًا الرفض والقطيعة مع المسار السياسي للرئيس قيس سعيد.
وفي كلمة بمناسبة الذكرى السبعين لاغتيال الزعيم النقابي فرحات حشّاد، حلل الطبوبي المشهد في تونس بأنه "منقسم وحافل بالتخوين وخانق على المستوى الاقتصادي".
ونالت حكومة نجلاء بودن نصيب الأسد من هجوم الأمين العام لاتحاد الشغل، فهي بنظره حكومة بلا رؤية تكرر أخطاء الحكومات السابقة.
على الجانب الآخر، برز الرئيس قيس سعيد ليعلن للشعب أن الدولة لن تتخلى عن سياسة دعم المواد الأساسية.
ويبدو أن الهدف من الكلام هو التقليل من مخاوف التونسيين إزاء تداعيات الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
ورأى الموالون للرئيس في تصريحاته مبادرة لنزع فتيل أي توتر اجتماعي، ولا سيما مع اقتراب موعد الانتخابات.
ووسط هذا الشد والجذب، والتوتر والتصعيد، بات الترقب يخيم على المشهد في البلاد، مع انضمام الاتحاد التونسي للشغل إلى صف منتقدي الرئيس.
"تكتم وإدارة سيئة"
في هذا السياق، يوضح عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل سمير الشفي، أن الطبوبي في خطابه الذي ألقاه اليوم السبت في التجمّع "الذي أُقيم بالذكرى السبعين لاغتيال الزعيم النقابي والوطني الفذ فرحات حشاد شرح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية العامة في البلاد".
ويصف في حديثه إلى "العربي" من تونس، الخطاب بأنه "خطاب الصراحة والوضوح نظرًا لغياب البعد التشاركي في ملامسة كل هذه الملفات، وهو ما أدى إلى مزيد من التوترات والتخبط والعشوائية في الأداء الحكومي في ما يخص هذه الملفات الرئيسة".
ويلفت إلى أن "هذه القضايا الحارقة ألقت بظلالها على تفاصيل الحياة اليومية لعموم التونسيين والتونسيات، من خلال الارتفاعات غير المسبوقة في أسعار المواد الاستهلاكية وندرتها واحتكارها وعدم توفرها في الأسواق".
ويتحدث عن "نوع من التكتم والإدارة السيئة والانفرادية للقضايا التي تهمّ المواطنين، في ما يخص المفاوضات التي أدارتها الحكومة مع صندوق النقد الدولي، والتي لها تداعيات إضافية سلبية، وقد تكون كارثية على الوضع الاقتصادي والاجتماعي بشكل عام".
"لسنا بحاجة لمزيد من التصعيد"
من جانبه، يؤكد عضو المكتب السياسي لحركة الشعب محمد المسيليني أن الأوضاع في تونس ليست على ما يرام منذ مدة، وهو وضع لا يمكن لأحد أن ينكره.
ويذكر في حديثه إلى "العربي" من تونس، بأن الاتحاد العام التونسي للشغل منظمة نقابية من واجبها الدفاع عن منظورها في ما يتعلق بالوضع الاقتصادي وغلاء الأسعار.
وفيما يلفت إلى أن الاتحاد يتفهم في بعض الأحيان الأوضاع، يقول: "عندما يفيض الكيل من حقه التحرك".
وفيما يشير إلى أن "هذا التصعيد خطابي بجزء منه"، يسأل: "إلى أين نحن ذاهبون؟ هل نريد أن ندخل البلاد في حالة من الفوضى؟"، معربًا عن اعتقاده بأنه لا بد من تفكير عميق في هذه الوضعية.
ويذكر بأنه لا يمكن لتونس أن تشهد تنمية وإصلاحًا للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتقدم إلى الأمام دون الاستقرار، موضحًا أن الأخير يفترض وجود إصلاح من داخل المؤسسات.
وفيما يفيد بأن "هناك الكثير من المعطلات الآن، ونحن ننتقده يوميًا في حركة الشعب"، يقول: "نحن لسنا بحاجة لمزيد من التصعيد والتشنّج".
"استثناء سعيد موقف غير دقيق"
بدوره، يلفت نائب الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي محمد الحامدي إلى أن خطاب الاتحاد التونسي للشغل متوقع ومفهوم، معتبرًا أن الخطاب سيذهب إلى مزيد من التجذر.
ويشير في حديثه إلى "العربي" من تونس، إلى أن الطبوبي أشار اليوم إلى الوضع الاقتصادي وفشل الحكومة في إدارة الأزمة الاقتصادية، أي فشلها في التحاور مع شركائها الاجتماعيين، فضلًا عن شركائها السياسيين أو المعارضة السياسية.
كما يلفت إلى "إشارة الأمين العام إلى وجود أزمة سياسية حادة وتنامي خطاب التخوين وتقسيم التونسيين في وضع يتطلب وحدة وطنية".
ويرى أن هذا الخطاب سيتجذر لأنه ما زال يركز على الحكومة ولأنه ما زال لم يطرح بوضوح أن هذه الحكومة يتحمل مسؤوليتها في نهاية الأمر قيس سعيد بانفراده بالسلطة وبتجميعه لصلاحيات شبه إمبراطورية بعد 25 يوليو/ تموز 2021.
ويردف بأن سعيد "يمعن أيضًا في الفشل وفي إدارة الأزمة بشكل سيء وبشكل يفاقم الأوضاع. فنحن لا نتباكى على أوضاع ما قبل 25، لكن الأوضاع الآن أسوأ بما لا يقارن"، لافتًا إلى أن كل المؤشرات في تدهور وانحدار.
ويتوجه إلى "الأصدقاء والأخوة في اتحاد الشغل بأن تركيز الأمر في الحكومة واستثناء الرئيس من المسألة موقف غير دقيق"، مؤكدًا أن انتظار الإصلاح بتغيير الحكومة موقف ليس دقيقًا؛ فلا يستقيم الظل والعود أعوج".