كأنما هناك جبهة من الساسة والخبراء الأمريكيين تتطوع "على الأقل" بإسداء النصائح لبايدن في الشأن السوري، العنوان العريض هو فشل إدارتي أوباما وترامب في إدارته، وهذا يلاقي آراء كثر من المتابعين في العالم، لكنه يُفترض أن يلاقي أولاً توجهات سيد البيت الأبيض. أصحاب البضاعة الجديدة، من أمثال روبرت فورد وهراير باليان وجيفري فيلتمان، لا يقدّمون ضمانة لنجاح طروحاتهم، هم ينطلقون من حوالى عقد ضائع في سياسة أمريكية فاشلة، وبناء عليه لا خسارة في القول: لنجرّبْ ونرَ.
الشأن السوري كما نعلم غير موجود في أولويات إدارة بايدن، ولم تعين "وقد لا تعين في المدى المنظور" مبعوثاً خاصاً بسوريا، في دلالة على عدم إبداء اهتمام خاص وأيضاً على عدم وجود سياسة خاصة ناضجة. في المقابل، يظهر الملف الإيراني مستعجلاً مع تكثيف طهران خطواتها التي تقرّبها من امتلاك سلاح نووي، أما العلاقة مع موسكو فهي بطبيعة الحال ضمن مشاغل أية إدارة؛ سلباً أو إيجاباً أو الاثنين معاً.
ينطلق ناصحو بايدن في الشأن السوري من واقع عدم امتلاك واشنطن سلاحاً مؤثراً سوى العقوبات، وهي مستخدمة الآن بمثابة عصا، بينما يجب استخدامها على نحو إيجابي كجزرة. أي أن على الإدارة الأمريكية التوجه إلى بشار ومقايضته، وكل "تنازل" من قبله "كوقف إطلاق النار وإطلاق سراح معتقلين وبعض الإصلاحات السياسية" يُقابل بإزالة عقوبات. لا حديث عن محاسبة الأسد على جرائمه، إذ مرة أخرى باسم الواقعية السياسية لا تملك واشنطن أمر محاسبته بينما لا تملك نفوذاً عليه أسوة بموسكو وطهران.