دعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك الجمعة بكين لمطالبة "المعتدي الروسي بوقف الحرب" في أوكرانيا، معتبرةً أنه "لا توجد دولة أخرى لها تأثير على روسيا أكثر من الصين".
وجاءت تصريحات بيربوك خلال مؤتمر صحافي في بكين إلى جانب نظيرها الصيني تشين غانغ قالت فيه: "يجب أن أقول بصراحة إنني أتساءل لماذا لا يتضمن الموقف الصيني حتى الآن طلبًا للمعتدي الروسي بوقف الحرب".
ورأت بيربوك أن زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ مؤخرًا إلى موسكو أظهرت "أنه لا يوجد بلد آخر له تأثير على روسيا أكثر من الصين وأن قرار استخدام هذا التأثير يؤثر بشكل مباشر على المصالح الأساسية لأوروبا".
وأضافت بيربوك خلال أول زيارة لها إلى الصين: "بالطريقة عينها التي نجحت بها الصين في تحقيق توازن سلمي بين إيران والسعودية، نتمنى أن تضغط الصين على روسيا لتضع حدًا لعدوانها أخيرًا، وتشارك في حل سلمي للنزاع".
الموقف الصيني
بالمقابل، قال وزير الخارجية الصيني تشين غانغ في المؤتمر نفسه، إن بلاده مستعدة للعمل مع ألمانيا في مجالي الاقتصاد والتجارة وإن البلدين شريكان لا خصمان. مضيفًا أن تعمد كبح التعاون الاقتصادي والتجاري الطبيعي سيأتي بنتائج عكسية.
وتأتي زيارة وزير الخارجية الألمانية إلى الصين بعد أسبوع من زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين اللذين حثّا أيضًا بكين، المقرّبة من موسكو، على لعب دور في السلام في أوكرانيا.
ولطالما كررت الصين موقفها الرسمي بأنها محايدة في الحرب الأوكرانية، لكنها لم تُدن الهجوم الروسي منذ بدايته في 24 فبراير/ شباط العام الماضي 2024.
وتطرق تشين في المؤتمر إلى مسألة أوكرانيا قائلًا إن الصين مستعدة لمواصلة العمل من أجل السلام، وعبر عن أمله في أن تتحلى جميع أطراف الأزمة بالموضوعية والهدوء وتعمل معًا.
وأضاف: "ثمة نقطة أود التأكيد عليها وهي أن دور الصين في مسألة أوكرانيا، مقترحها، يتلخص في نقطة واحدة وهي الإقناع والدعوة للمحادثات ولن نفعل أي شيء لصب الزيت على النار".
#أوكرانيا تؤكد صد 45 هجوما روسيا خلال 24 ساعة والغرب يناشد #الصين لوقف دعم #موسكو👇 تقرير: حنان البلخي pic.twitter.com/t5HYGL5B0X
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 5, 2023
يذكر أن تشين التقى بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرتين، لكنه لم يتحدث مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي منذ بداية الحرب، وأعلنت الصين صراحة معارضتها للهجمات على المدنيين والمنشآت النووية في ورقة لإبداء موقفها بشأن أوكرانيا نُشرت في فبراير/شباط الماضي من دون انتقاد موسكو مباشرة.
الموقف الأوروبي
في غضون ذلك، برز موقف لافت من جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، الذي قال إنه سيكون من الصعب جدًا، إن لم يكن مستحيلًا، أن تثق أوروبا بالصين إذا لم تحاول الأخيرة إيجاد حل سياسي للأزمة الأوكرانية.
وجاء ذلك في تصريحات منشورة على الموقع الإلكتروني للاتحاد الأوروبي، كان من المقرر أن يدلي بها بوريل في مؤسسة بحثية في بكين اليوم الجمعة، لكنه اضطر إلى إلغاء رحلته إلى الصين بسبب إصابته بكوفيد-19.
وأضاف بوريل: "الحياد في ظل انتهاك القانون الدولي أمر لا يمكن اعتماده"، مناشدًا الرئيس الصيني التحدث إلى زيلينسكي، وداعيًا بكين إلى تقديم المزيد من المساعدات الإنسانية للشعب الأوكراني.
ملف مضيق تايوان
ووسط هذه التحركات الأوروبية تجاه بكين، تبرز قضية التوتر في محيط جزيرة تايوان، المسألة التي لم تفوتها الوزيرة الألمانية، خلال المؤتمر الصحفي المشترك اليوم، حيث بدت بيربوك حازمةً في الأمر. وقالت: إن "تصعيدًا عسكريًا في مضيق تايوان الذي تمر عبره 50% من التجارة العالمية كل يوم، سيكون سيناريو كارثيًا للعالم بأسره".
وكان ماكرون، قد أثار الجدل في الولايات المتحدة وأوروبا لدى عودته من الصين باعتباره أن الاتحاد الأوروبي لا ينبغي أن يكون "تابعاً" لواشنطن أو بكين في ما يتعلق بقضية تايوان، وهي مواقف تُفسَّر أحيانًا بعدم اهتمام فرنسا بالوضع في هذه المنطقة.
واعتبرت بيربوك أن زعزعة الاستقرار في مضيق تايوان "ستكون لها عواقب وخيمة على كل دول العالم وبالتالي على الاقتصاد العالمي بأسره"، داعية الأطراف إلى "منع أي تصعيد". وأكدت بيربوك الخميس أن الأوروبيين موحّدون في سياستهم تجاه بكين. وقالت: "لا يوجد شريك آخر ننسق معه عن كثب في الاتحاد الأوروبي مثل أصدقائنا الفرنسيين".
من جانبه، ذكر تشين أنه إذا رغبت الدول في احترام مبدأ (صين واحدة) فإن التحرك الملائم هو معارضة استقلال تايوان بحزم.
وكانت الصين قد أجرت في الآونة الأخيرة تدريبات عسكرية حول تايوان، قائلة إنها اختبرت قدرات عسكرية متكاملة في ظل ظروف قتالية فعلية وتدربت على تنفيذ ضربات موجهة، ومحاكاة حصار للجزيرة التي تعتبرها جزءًا منها.
وأعربت بيربوك الجمعة خلال اليوم الثاني من زيارتها إلى الصين أيضًا عن مخاوف بشأن حقوق الإنسان في البلاد، قائلة "إننا قلقون لرؤية استمرار تقلص نطاق عمل المجتمع المدني في الصين، وتقييد حقوق الإنسان".