تتجه الأنظار إلى مدينة غلاسكو في إسكتلندا، حيث تعقد قمة المناخ التي تناقش على مدار أسبوعين الاستجابة الدولية المتعلقة بالتغيرات المناخية والحد من الاحتباس الحراري، عن طريق التخفيف في الانبعاثات الكربونية الصافية.
وتثار تساؤلات عن أبرز العراقيل التي تحول دون التوصل لاتفاق يلزم جميع الدول بخفض انبعاثات الكربون والتحول إلى الطاقات البديلة والمتجددة، بالإضافة إلى موقف الدول الصناعية الكبرى والدول النفطية من أي اتفاق محتمل خلال القمة.
وتواجه الأرض في مناخها عدوًا غير تقليدي، وشرس بهجماته، وعاصف بتقلباته، إذ يزداد المناخ الغاضب ضراوة كل عام، تارة يضرب بموجات حر خانقة وتارة أخرى يغرق مدنًا بفيضانات عارمة ويذيب القمم الجليدية ويصحر الغابات من دون هوادة.
وسبب غضب الطبيعة جلي ولأجله استنفرت الدول كافة للحد من تداعياته. في غلاسكو الإسكتلندية توافد قادة وزعماء الدول المتطورة والنامية على حد سواء، متساوين في الحضور والتمثيل، إلا أن مسؤولية كبرى الصناعات والاقتصادات فيما وصل إليه المناخ يصعب تجاهلها.
في غلاسكو أيضًا، ستجرى جردة حساب لاتفاقية باريس 2015 ومراجعة لما حققته الدول الموقعة على الاتفاقية المناخية خلال السنوات الست الماضية، حيث تعهدت الأطراف المشاركة حينها بالعمل على "تجنيب الأرض أسوأ كوابيسها"، لكن الواقع أبعد ما يكون عن تلك الوعود.
"إخفاق" قمة غلاسكو
وفي هذا الإطار، يتحدث مدير سياسات منظمة "غرينبيس" في المملكة المتحدة دوغ بار عن عدد من المسائل التي يتعين أن تنتج عن قمة غلاسكو.
ويرى في حديث إلى "العربي" من أكسفورد أن هناك تساؤلات بشأن "أدوار الدول بموجب اتفاقية باريس، وما الذي ستوقع عليه من خلال موافقتها على درجة الحرارة المستهدفة بموجب اتفاقية 2015".
ويعتبر أن "النقطة الأهم بالنسبة إلى الناس خارج المفاوضات" تتعلق بالتدابير الملموسة التي يمكن أن تتخذها الدول، ومدى التزامها بمستوى خفض الانبعاثات.
ويقول: يبدو أن القمة ستخفق في تحقيق الاتفاق بشأن خفض الانبعاثات، في ظل مسار ارتفاع الحرارة بمعدل 7 درجات في مختلف أنحاء العالم.
ويضيف: "على الرغم من أن هدف الإبقاء على 1.5 درجة، فإن بلوغ معدل الاحترار 1.7 درجة يعني أن هناك مناطق كبيرة من الأرض ستكون غير قابلة للحياة أو العيش فيها".
ويرى أن "من غير المقنع أن نرى التزامات من دول مثل البرازيل أو الهند أو الصين" في هذا الشأن.
ويلفت إلى ضرورة أن تلتزم البلدان المتقدمة وأن تسهم بتمويلات أكبر بهدف مساعدة البلدان الأكثر تأثرًا بالكوارث المناخية، حيث لا يتوقع أن يتمخض عن مفاوضات قمة غلاسكو أي "نتائج دقيقة".
حاجة إلى خطوات عملية
ويرى أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة ليل الفرنسية يونس بلفلاح أن تزايد عقد المؤتمرات التي تتحدث عن موضوع البيئة، بخاصة منذ اعتماد فرنسا لمؤتمر "كوب 21"، كان الغرض منه "الدعاية في الحفاظ على البيئة، أكثر منه وجود خطوات تنفيذية أو سياسية مهمة".
ويعتبر بلفلاح في حديث إلى "العربي" من بروكسل، أن "الدول الكبرى بما فيها الأوروبية التي تتحدث عن ضرورة الحفاظ على البيئة هي أكثر الدول في العالم إنتاجًا لثاني أكسيد الكربون أو التلوث أو استثمارها في المفاعلات النووية".
ويشير إلى أن أكبر اقتصادات في العالم، الصين والولايات المتحدة، هي أكثر إنتاجًا للتلوث، حيث تواصلان سياسة البناء والحفر في المناجم وغيرها من القطاعات من دون الحفاظ على الشروط البيئية.
ويقول: إنّ "اللوبيات الاقتصادية والشركات الكبرى في العالم مسيطرة على القرار السياسي في هذا الأمر".
ويضيف: أنّ "ما يجري التحدث عنه بشأن الحفاظ على البيئة هو مجرد مجهودات إعلامية لإظهار صورة جيدة لبعض القيادات السياسية، لكن في واقع الأمر لا يمكن تفعيلها".
"لا مشكلة في التمويل"
بدوره، لا يرى المستشار في سياسات تغير المناخ وائل حميدان، أنّ المشكلة في التمويل أو اقتصادية لمواجهة التغير المناخي بل أن "هناك قرارًا سياسيًا يجب أن يتخذ".
ويعتبر في حديث إلى "العربي" من بيروت أنه في حال "وجود قرار سياسي سيتم التوجه إلى الاقتصاد الأخضر".
ويلفت إلى أن هناك دولًا عملت على وضع أهداف كبيرة في مواجهة تغير المناخ، حيث قررت الصين والسعودية الوصول إلى صفر انبعاثات عام 2060، بالإضافة إلى الولايات المتحدة عام 2050.
ويرى أن اتفاقية باريس عام 2015 هي الأهم لمواجهة التغير المناخي. ويشير إلى أن عمل القمم اللاحقة يكمن في ضرورة تطبيق ما جاء في اتفاقية باريس "بأسرع وقت ممكن".
ويعتبر أن من مصلحة الدول الاقتصادية "التحول سريعًا إلى الاقتصاد الأخضر".