يتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي دخل يومه الـ84، وسط تفاقم الأزمة الإنسانية ونقص الغذاء والإمدادات الطبية، حيث سلطت الصحف الأجنبية الضوء على الكارثة الإنسانية المتنامية في القطاع.
فقد أكد منسق منظمة "أطباء بلا حدود" في غزة، جاكوب بيرنز، اليوم الجمعة، أنّ قرار مجلس الأمن الدولي إدخال مساعدات عاجلة إلى قطاع غزة ليس حلّاً طالما لم يتم إعلان وقف إطلاق النار.
المساعدات غير كافية
وفي سياق الوضع الإنساني، تطرقت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، إلى نقص متطلبات الحياة الأساسية بمخيمات النزوح في قطاع غزة.
وقالت الصحيفة، إن الحرب البرية التي تشنها إسرائيل في مختلف أنحاء قطاع غزة تدفع السكان إلى النزوح نحو جنوب القطاع المكتظ، حيث يعاني الأهالي بالفعل من نقص التغذية ويشعرون باليأس في ظل القصف المستمر.
ونقلت الصحيفة عن متحدثة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" أنّ المشكلة تكمن في القيود الإسرائيلية على عدد الشاحنات، وعمليات التفتيش المكثفة للبضائع، فالسماح بعبور 80 إلى 100 شاحنة مساعدات إلى القطاع في زمن الحرب ليس كافيًا.
وأضافت "واشنطن بوست" أنه لا يمكن أيضًا إيصال المساعدات إلى مكان يتعرض لقصف جوي مستمر ويخضع لقيود على الحركة.
وقالت الصحيفة، إن وكالة "الأونروا" تجد نفسها مجبرة على اتخاذ قرارات لا ينبغي لأي منظمة إنسانية أن تتخذها، إذ تضطَر في كثير من الحالات إلى تسليم علبة تونة، أو زجاجة ماء لعائلة مكونة من ستة أو سبعة أشخاص.
جوع وبرد وكارثة صحية
بدورها، توقفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، عند معاناة سكان غزة المستمرة بحثًا عن مكان آمن، إذ "أجبرت الحرب سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة على ترك منازلهم أو الأماكن التي لجأوا إليها للنجاة بحياتهم".
وأشارت الصحيفة إلى أن أوامر الإخلاء الإسرائيلية التي قالت الأمم المتحدة إنها تهدد بالتهجير القسري، الذي يعد جريمة حرب، تسبب أيضًا إرباكًا، "فحتى عندما يتخذ السكان القرار المؤلم بترك منازلهم، يجدون الخيارات مستحيلة، مع عدم وجود أماكن آمنة للذهاب إليها".
وأضافت الصحيفة الأميركية، أن القصف الإسرائيلي و"الحصار على غزة جعلا الملايين يواجهون الجوع والبرد وكارثة صحية في طور التكوين".
مخيمات مكتظة للنازحين
وفي موقع "ذا هيل" الأميركي، كتب "شين كارول" SEAN CARROLL عن زيارته إلى مخيمات النزوح في جنوب قطاع غزة حيث كانت الظروف كارثية والأزمة الإنسانية متفاقمةً بشكل مؤلم، وقال كارول: إن "المناطق التي تم إجلاء غالبية سكان غزة إليها يسود فيها الشعور باليأس والحزن".
وأضاف الكاتب أن "الاكتظاظ في هذه المخيمات، إلى جانب النقص الحاد في الغذاء والماء والمأوى والرعاية الصحية، يجعلان الظروف المعيشية غير محتملة"، وحذر أنه "من دون زيادة المساعدات، فإن أكثرَ من نصف مليون شخص سيكونون على حافة مواجهة ظروف كارثية في الأسابيع المقبلة".
كم لفت الكاتب إلى أنه "يلوح في الأفق خوف من تحول انتباه العالم عن الأزمة الإنسانية في غزة، وهذا لا يمكن حدوثه، فإلى جانب زيادة المساعدات، إن وقف إطلاق النار أمر بالغ الأهمية".
معاناة النساء الحوامل
ونقلت أسيل موسى، في صحيفة "الغارديان" معاناة النساء الحوامل في قطاع غزة، مشيرةً إلى أنه "مع انخفاض عدد المستشفيات العاملة في القطاع من 36 إلى 8، وامتلائها بأعداد من ضحايا الغارات الإسرائيلية يفوق طاقتها، تضطر مئات النساء إلى الولادة بمفردهن في المنازل".
كما لفتت الكاتبة إلى أنه و"بحسب الأمم المتحدة تلد أكثر من 100 امرأة يومياً في القطاع، وسط نقص في الضروريات الأساسية بما في ذلك الغذاء والماء، وفي ظل ندرة فرص الحصول على الرعاية اللازمة".
وأضافت أنه "تتزايد احتمالات الولادة قبل الأوان، أو ولادة أطفال يعانون من مشكلات صحية، فهناك 130 طفلاً حديث الولادة في الحاضنات".
"إبادة جماعية" في غزة
أما موقع "ميديا بارت" الفرنسي، فقد نقل مقابلة أجرتها زينة كوفاتش، مع المقررة الأممية في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز حذرت فيها هذه الأخيرة من أن "الوضع في غزة يتدهور كل ساعة ويمكننا مقارنة ما يحدث في غزة بالإبادة الجماعية التي حصلت في رواندا والبوسنة"، كما أن الإسرائيليين يعرفون أن ما يفعلونه إجرامي.
وتوضح ألبانيز أن "تعريف الإبادة الجماعية المنصوص عليه في المادة الثانية من الاتفاقية، ينطبق على الوضع الراهن في غزة. ومن الأمثلة على ذلك تدمير قدرة المستشفيات على علاج الجرحى، ومنع الإمداد بالأساسيات".
وبينما تشير إلى تقاعس شركاء إسرائيل الغربيين تضيف ألبانيز أنه " إذا كان الهدف من هذه العملية العسكرية الإسرائيلية هو تفكيك حماس، فإن العكس تماماً هو ما يحدث، كما أن حركة حماس لم تكن موجودة قبل الثمانينات؛ فهي نِتاج الاحتلال والقمع".
وترى الكاتبة أنه "يتعين وقف إطلاق النار، ونشر بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام والحماية في الأراضي الفلسطينية، ووضع خطة طويلة الأجل".