الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

مع تلويح إسرائيل بقرب اجتياح رفح.. ما موقف أميركا ومصير المفاوضات؟

مع تلويح إسرائيل بقرب اجتياح رفح.. ما موقف أميركا ومصير المفاوضات؟

شارك القصة

تتصاعد الانتقادات الدولية المحذرة من عواقب كارثية لاجتياح إسرائيل مدينة رفح - غيتي
تتصاعد الانتقادات الدولية المحذرة من عواقب كارثية لاجتياح إسرائيل مدينة رفح - غيتي
يؤكد المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية أن تل أبيب ستمضي قدمًا في الاستعدادات لاستهداف حركة "حماس" في رفح، رغم التحذيرات الدولية من التداعيات الإنسانية.

يتسارع التلويح الإسرائيلي باقتراب عملية اجتياح مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، التي تحتضن نحو 1.5 مليون نازح فلسطيني.

وعلى الرغم من أن واشنطن لم تخف قلقها من اجتياح رفح، إلا أنها أقرت مساعدات عسكرية جديدة لدعم إسرائيل في ظل غياب سيناريو واضح لليوم التالي في غزة.

أما في أوروبا، فتتصاعد الانتقادات على لسان مسؤوليها الذين يحذرون من عواقب إنسانية كارثية في حال اجتياح رفح الذي تجدد تل أبيب عزمها تنفيذه.

خطط اجتياح رفح

ويثير غياب الوضوح عن طبيعة الهجوم المرتقب ومدى إمكانية تحقيق أهدافه قلق البنتاغون، علاوة عن فقدان أي رؤية تمتلكها تل أبيب لسيناريو اليوم التالي للعملية على الصعد الإنسانية والعسكرية والسياسية.

إلا أن ذلك لم يثن مجلس الشيوخ عن التصديق على تمرير حزمة مساعدات لإسرائيل تقدر بعشرات المليارات، جزءٌ كبيرٌ منها عسكري، تراها واشنطن ضروريةً لحماية أمن حليفها الإستراتيجي.

الأوروبيون من جانبهم، أجمعوا باستثناء دولة واحدة من مغبّة إقدام إسرائيل على اجتياح رفح لما لها من آثار إنسانية كارثية ستلحق بالمدينة المتكدسة باللاجئين والمرضى.

فقد نبه جوزيب بوريل الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسية الأمنية الأوروبية إلى استحالة تجنب الخسائر في صفوف المدنيين كما تدعي إسرائيل.

ولفت بوريل إلى أن عملية رفح ستكون مخالفةً لاحترام القانون الإنساني، داعيًا إلى هدنة إنسانية فورية من شأنها أن تؤدي إلى وقف مستدام لإطلاق النار.

كل هذه المواقف يبدو أنها لا تؤثر في إصرار إسرائيل على اجتياح رفح، التي استقدمت ألوية جديدة من الشمال إلى قطاع غزة للزج بها في المعركة المرتقبة مع خططٍ تضمن إسنادًا ناريًا متواصلًا مغطى بالدعم الأميركي، وإيجاد حلٍ لمسألة المدنيين النازحين كما أظهرته صور الأقمار الاصطناعية.

وعملية الإجلاء هذه كانت قد حذرت منها منظماتٌ إنسانية واعتبرتها غير ممكنة وأيدتها مصر، إذ رأت أن الخطوة الإسرائيلية في رفح ستؤدي إلى مذابح بشرية.

ويأتي ذلك في وقت تؤكد مصادر إعلامية إسرائيلية أن وفدًا أمنيًا إسرائيليًا يتباحثُ سرًا في القاهرة، أحرز تقدمًا في الاستعدادات لإجلاء المدنيين من رفح، والجميع ينتظر موافقة نتنياهو إعلانه لحظة الصفر.

منعطف إنهاء المباحثات

متابعةً لهذا الملف لا يرى مهند مصطفى الباحث في مركز مدى الكرمل للدراسات أن عودة الحديث عن اجتياح رفح يستخدم فقط كورقة للضغط على "حماس"، إذ إن سيناريو اجتياح بري واسع للمدينة من قبل الجيش الإسرائيلي معناه إنهاء مباحثات وقف إطلاق النار مع الحركة، على حد قوله.

ويوضح مصطفى من اسطنبول أن الوضع الحالي المتمثل بالقصف المتواصل على رفح هو ما يمكن أن يكون من وجهة نظر إسرائيلية محاولة للضغط على "حماس" عسكريًا، إلا أن اجتياحًا واسعًا معناه إنهاء المباحثات وعدم إمكانية التوصل إلى أية صفقة أو اتفاق تهدئة.

ويتابع في حديث إلى "العربي": "معنى ذلك أيضًا الحكم بالإعدام على أغلب الأسرى والرهائن في مدينة رفح، ولذلك تتصاعد الاحتجاجات في إسرائيل ضد هذه العملية لأن معناها إغلاق ملف المحتجزين لدى حماس".

وعليه، يعتقد مصطفى أن الهدف الأساسي من عملية رفح يتعلق بما يراه بنيامين نتنياهو أن النصر في هذه الحرب يتطلب اجتياحًا واسعًا للمدينة وهو لن يتنازل عنها لأنها مرتبطة لديه بفكرة الانتصار والقضاء على حركة "حماس"، بحسب قوله.

كذلك يلفت الباحث في مركز مدى الكرمل إلى أن "نتنياهو لا يملك أي تصور عملي أو واقعي حول اليوم التالي للحرب في غزة" ويستخدم عملية رفح كذريعة لإطالة أمد العدوان.

ويردف: "نتنياهو ما زال يعيش في الحرب ويريد الاستمرار عسكريًا إذ لا تفكر إسرائيل بشكل جدي باليوم التالي للحرب ولا تربط بين ذلك وبين العملية العسكرية في رفح".

القلق الأميركي 

وعن القلق الأميركي من عملية واسعة في رفح في وقت تستمر واشنطن في دعم جيش الاحتلال عسكريًا، تقول سيسيل شي المستشارة السياسية والعسكرية السابقة في الخارجية الأميركية إن هذه هي المرة الأولى التي تكون فيها حكومة إسرائيلية راغبة في تجاهل رغبات وتحذيرات الإدارة الأميركية.

وتصف شي التطورات الأخيرة بـ"الأيام الاستثنائية"، وسبب ذلك سياسي بامتياز إذ يريد نتنياهو 64 مقعدًا في الحكومة على حد قولها.

وترى المستشارة السياسية والعسكرية السابقة في الخارجية الأميركية، أن الخارجية الأميركية "ينتابها قلق ليس فقط بشأن مستقبل غزة ولكن أيضًا بشأن مستقبل إسرائيل".

وتكمل شي من كاليفورنيا، أن القيادة السياسية الإسرائيلية ليس لديها رؤية بشأن اليوم التالي بعد أن تضع الحرب في غزة أوزارها، مشيرةً إلى أن من يتحدثون معهم في إسرائيل لا يلقون باللوم على الشق العسكري إنما على نتنياهو.

الموقف المصري

من جهته، يتطرق الخبير العسكري والإستراتيجي محمد عبد الواحد إلى بواعث القلق المصرية من عملية عسكرية في رفح التي تقع على الحدود مع مصر، ويلفت إلى أن القاهرة عبرت أكثر من مرة بشكل رسمي عن رفضها بشكل قاطع أي اجتياح لرفح.

فذلك من وجهة النظر المصرية، يقوّض اتفاق السلام الموقّع وبروتوكول التعاون الخاص بمحور فيلادلفيا بسبب الوجود العسكري الإسرائيلي، الذي يشكل تهديدًا واضحًا للأمن القومي المصري بحسب عبد الواحد.

ويذكّر عبد الواحد من القاهرة بأن اتفاقية السلام تنص على وجود قوات رمزية من الشرطة وحرس الحدود على الحدود المشتركة، بحيث لا يكون هناك معدات عسكرية ثقيلة على أي جانب.

ويضيف لـ"العربي": "الوجود العسكري في رفح يعجّل من عملية التهجير القسري للفلسطينيين، ومصر ترفض أي نوع من التهجير.. ويروّج هذا الوجود أيضًا لفكرة الفصل العنصري لقطاع غزة وهذه جريمة كبيرة لا تريد مصر المشاركة بها".

كذلك، يشددّ عبد الواحد أن هذه المخاوف المصرية طُرحت للجانب الأميركي والإسرائيلي لتقدير الضغوط المتزايدة التي تعاني منها القاهرة، لا سيما وأن البلاد تواجه أيضًا تهديدات على حدودها الغربية والجنوبية.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة
Close