الأحد 17 نوفمبر / November 2024

"فيزيا وعسل".. مسرحية "مشاكسة" تحاكي الفكر عبر قصة حب "ساحرة"

"فيزيا وعسل".. مسرحية "مشاكسة" تحاكي الفكر عبر قصة حب "ساحرة"
الأربعاء 8 مايو 2024

شارك القصة

"فيزيا وعسل" بطولة ريتا حايك وآلان سعادة تُعَدّ مسرحية "مضحكة مبكية مشاكسة"
"فيزيا وعسل" بطولة ريتا حايك وآلان سعادة تُعَدّ مسرحية "مضحكة مبكية مشاكسة"

بعد سنوات من الغياب، منذ "حكي رجال" (2018)، تعود المخرجة والكاتبة اللبنانية لينا خوري عبر "فيزيا وعسل" إلى خشبة المسرح، وقد اختارت لبطولته الممثلَين ريتا حايك وآلان سعادة.

في "فيزيا وعسل"، اقتبست خوري نصًا مسرحيًا للكاتب البريطاني نيك باين، وهو المعروف بأنّه يلجأ إلى العِلم باعتباره مصدرًا للاستعارات، ويستخدم مسارات الفيزياء والرياضيات للتحدث عن التجربة الإنسانية.

وبصيغتها "اللبنانية"، تروي المسرحية قصّة حب بين عالمة فيزياء ورجل يعمل في تربية النحل، لكنّها تذهب أبعد من ذلك إلى "العمق"، فتبحث في معاني الأمل والقدر وحرية الاختيار، مع توظيف الكوميديا أحيانًا.

تعرض مسرحية "فيزيا وعسل" على خشبة مسرح المدينة في بيروت
تعرض مسرحية "فيزيا وعسل" على خشبة مسرح المدينة في بيروت

"فيزيا وعسل".. قصّة حب تتخطّى الواقع

يعرّف القيّمون على العمل "فيزيا وعسل"، بأنّه قصّة حب "استثنائية وساحرة"، تتخطّى الواقع الذي نظنّ أننا نعيشه، وتتحدّى حدود فهمنا للزمان والمكان.

إنّها باختصار، قصّة امرأة ورجل في علاقة واحدة، ولكن باحتمالات متعدّدة، تعرضها المسرحية من خلال سلسلة من اللحظات المتوازية والمسارات اللانهائية، التي يمكن أن يتخذها الحب لتجمعنا أو تفرّقنا.

في نبذة العمل، تلفت الإشارة إلى "فيزيا وعسل" بوصفها مسرحية "مضحكة مبكية مشاكسة" في آن، حيث "تحاكي الفكر وتأسر القلب"، بل أكثر من ذلك "تأخذ الجمهور في رحلة مغرية ومشوّقة".

وفي حين تتنوّع الموضوعات التي تثيرها المسرحية، بين الحب والأمل والحياة والقدر وحرية الخيار والفيزياء والعسل، يبدو لافتًا أنّ القيّمين عليها يصفونها بـ"العمل المتين والمعاصر"، حيث "الفكر التقليدي هالك لا محالة".

أسئلة "عميقة" وأكثر

لم تكن لينا خوري العائدة بعد ثماني سنوات، ترغب أن تكون عودتها عادية، أو أن "تستسهل" من خلالها المحتوى، كما يفعل البعض اليوم، بحسب ما تكشف في حديث لـ"العربي"، خصوصًا بعد الأزمات المتتالية منذ العام 2019.

من هنا، جاءت فكرة اقتباس عمل تعتبره "استثنائيًا"، هو "كونستاليشنز" لنيك باين، الذي تعرّفت عليه قبل ستّ سنوات، "وأغرِمت به" كما تقول لـ"العربي"، واصفة إياه بـ"العبقريّ".

أكثر ما أعجب خوري في هذا العمل هو أنه يتحدث عن أفكار لطالما كانت تراودها، ويطرح أسئلة عميقة "نطرحها جميعًا كبشر"، وفق ما تقول.

تعود الكاتبة والمخرجة لينا خوري إلى المسرح بعد غياب 8 سنوات
تعود الكاتبة والمخرجة لينا خوري إلى المسرح بعد غياب 8 سنوات

من هذه الأسئلة مثلاً: "هل لدينا حرية الخيار فعلاً؟ هل قدرنا هو الذي يسيّرنا أم أننا نستطيع صنعه؟ كيف نفسّر وجودنا؟ ما مفهومنا للحياة وللموت وللحب وللخيانة وللعلاقات وللمرض؟".

تقول خوري إنّ النص الذي اقتبست منه "فيزيا وعسل" يطرح كلّ هذه الأسئلة وغيرها ويعالج كلّ هذه الأفكار والمفاهيم بطريقة تصفها بـ"الذكية"، وذلك من خلال قصّة حب استثنائية، "رائعة وساحرة".

وأهمّ ما في الأمر أنّها المرّة الأولى التي تُطرَح فيها مثل هذه الأمور على خشبة المسرح، ولو أنّها طرحت سابقًا في السينما حيث توجد الكثير من المؤثرات التي تساعد على إيصال هذه الأفكار.

ريتا حايك وآلان سعادة

استنادًا إلى ما تقدّم، اتخذت لينا خوري قرارها بـ"لبننة" المسرحية، إن صحّ التعبير، وتقديمها بصيغة جديدة تحاكي الواقع اللبناني بصورة أو بأخرى، وكان اختيارها للممثلين اللبنانيين ريتا حايك وآلان سعادة لأداء دور البطولة.

تقول خوري: إنّ حايك وسعادة كانا "خيارها الأول"، بل إنّه لم يكن لديها "خيار آخر"، لأنّها كانت بحاجة لممثلَين ينتميان إلى هذه المرحلة العمرية، ويكون لديهما الكاريزما والحضور والطاقة والذكاء والحب.

توضح لينا خوري أنّ المسرحية "صعبة ودقيقة"، وتنطوي على الكثير من الأبعاد المكثّفة، بل يمكن القول إنّها "تقوم على أكتاف الممثلين"، اللذين عليهما أن يغيّرا 48 إحساسًا في 48 مشهد، في أقلّ من ثوانٍ.

يصف بطلا "فيزيا وعسل" ريتا حايك وآلا سعادة المسرحية التي كتبتها وأخرجتها لينا خوري بـ"الصعبة"
يصف بطلا "فيزيا وعسل" ريتا حايك وآلان سعادة المسرحية التي كتبتها وأخرجتها لينا خوري بـ"الصعبة" - فيسبوك

بطلا العمل لـ"العربي": مسرحية "صعبة"

وفيما تؤكد خوري أنّ البطلين ريتا حايك وآلان سعادة لم يتردّدا لثانية في الموافقة على المشاركة، تتحدّث عن "انسجام كامل" بينهم، ولا سيما أنّهم يعملون وفق الطريقة نفسها.

تعرب عن سعادتها بالخيار، الذي كان "موفّقًا"، بدليل ردود الفعل "الإيجابية" التي تحصدها المسرحية من الجمهور، ردود الفعل يعكسها البطلان أيضًا في تصريحات لـ"العربي"، يتقاطعان خلالها على وصف العمل بـ"الصعب".

فبالنسبة إلى ريتا حايك، المسرحية "صعبة جدًا وغير عادية"، بل إنّ ثمّة "ممثلاً ثالثًا" فيها هو الجمهور نفسه، الذي "يجب أن يفكّر ويحلّل معنا، ويدخل في أكوان موازية" على حدّ وصفها.

أما سعادة فيقول: إنّ "صعوبة" المسرحية جعلته يخاف، ويخشى ألا يستطيع الجمهور استيعاب أبعادها، لكنه يضيف: "عندما تخاف تشعر أنّه من المهم جدًا أن تقوم بشيء لست معتادًا عليه، فهذا يشكّل تحدّيًا بالنسبة لك".

"لماذا نحن هنا؟"

في الخلاصة، تقول الكاتبة والمخرجة اللبنانية لينا خوري لـ"العربي"، إنّ ما أرادت إيصاله من خلال "فيزيا وعسل"، هو تحفيز الجمهور على طرح بعض الأسئلة الوجودية، من طراز "لماذا نحن هنا؟".

من هنا، فإنّ المسرحية تأتي لطرح هذه الأسئلة، "فكيف يجب أن نعيش هذه الحياة؟ وكيف نستطيع فهمها لنعيشها بطريقة جميلة، وحتى نقدر أن نحب ونسامح ونتقبل الموت ونخلق الصداقات والعلاقات".

لا تَعِد خوري بتقديم أجوبة على هذه الأسئلة في "فيزيا وعسل"، فالمسرح بالنسبة إليها مهمّته طرح الأسئلة لا تقديم الأجوبة، وبالتالي تحفيز المُشاهِد حتى يفكّر بها جدّيًا، ويرى الأمور من منظار آخر ربما.

هكذا، أرادت خوري طرح هذه الأسئلة بأسلوب "راقٍ فنيًا" وفق ما تقول، لتصبح بذلك الكرة في ملعب المشاهِد، الذي عليه أن يبحث عن الإجابات المناسبة، كلٌ وفق منظوره وتفكيره..


للمزيد عن مسرحية "فيزيا وعسل"، تجدون في الفيديو المرفق المقابلة الخاصة مع الكاتبة والمخرجة اللبنانية لينا خوري ضمن برنامج "ضفاف" عبر شاشة "العربي 2".
المصادر:
العربي
Close