منذ النكبة الفلسطينية في العام 1948 وحتى اليوم، يسود توتر قلّما هدأ بين لبنان وإسرائيل.
فقد شنّت هذه الأخيرة حروبًا عديدة على لبنان واجتاحت العاصمة بيروت في صيف العام 1982، واحتلت مناطق في جنوبه لعقدين من الزمن قبل أن تطبع العام 2000 ذكرى التحرير التي لا تُنسى.
والتوتر تجدد في جنوب لبنان مع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
النكبة عام 1948
في عام 1948، شارك لبنان مع دول عربية في الحرب على العصابات الصهيونية، ودخلت قوات الاحتلال لبنان ضمن عملية حيرام التي بدأت في 29 أكتوبر/ تشرين الأول، واحتلت نحو 15 قرية.
حينها، نفّذت قوات الاحتلال مجزرة في بلدة حولا الحدودية. كان ذلك في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني، واستشهد العشرات خلال المجزرة.
وقد هُجر آلاف الفلسطينيين من أرضهم نتيجة المجازر الصهيونية في العام 1948، وصل نحو 100 ألف فلسطيني إلى لبنان لاجئين مع النكبة. ثم وقّع لبنان وإسرائيل هدنة في رأس الناقورة في 23 مارس/ آذار 1949.
استهداف مطار بيروت 1968
وفي 28 ديسمبر/ كانون الأول 1968، دمّرت إسرائيل عشرات طائرات الركاب في مطار بيروت، ردًا على هجوم مسلّح على الرحلة 253 التابعة لشركة العال الإسرائيلية.
ونفّذت فرقة كوماندوز إسرائيلية واحدة إنزالًا في مطار بيروت لأربعين دقيقة، وحطمت 13 طائرة من الطائرات المدنية لشركة طيران الشرق الأوسط بالكامل ثم غادرت دون أية مواجهة.
وفي العام نفسه، انتقلت منظمة التحرير الفلسطينية من الأردن إلى لبنان.
احتلال الجنوب اللبناني 1978
وفي عام 1978، غزا آلاف الجنود الإسرائليين جنوب لبنان، وأقاموا منطقة احتلال صغيرة في عملية أُطلق عليها اسم "عملية الليطاني" ضد منظمة التحرير الفلسطينية.
كما دعمت إسرائيل آنذاك ميليشيا "جيش لحد" "والقوات اللبنانية" في الحرب الأهلية اللبنانية، وفق ما أوردته وكالة "رويترز".
وزعمت تل أبيب حينها أن الهدف من عمليتها هو حماية مناطقها الشمالية من هجمات مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية. واستشهد في ذلك الاجتياح نحو 400 شخص ونزح نحو 400 ألفًا إلى بيروت وضواحيها.
وفي 19 مارس/ آذار من العام نفسه، أصدرت الأمم المتحدة القرار 425 الذي يطلب من إسرائيل الانسحاب "الفوري" من جنوب لبنان. كما قررت إرسال قوات طوارئ دولية إلى البلاد.
اجتياح بيروت 1982
تجدّد الاجتياح الإسرائيلي للبنان في صيف العام 1982، بعد أن انهار وقف إطلاق النار الذي أقرته الأمم المتحدة، لكن القوات الإسرائليلية وصلت إلى بيروت هذه المرة بهدف طرد التنظيمات الفلسطينية من لبنان، تصفيةً للوجود المقاوم القريب من فلسطين.
وقد أطلق الاحتلال على العملية اسم "عملية السلام للجليل وعملية الصنوبر"، وزعم أن نيته حماية المستوطنات الإسرائيلية من العمليات الفدائية.
وشنّت القوات الإسرائيلية حينها قصفًا عنيفًا على العاصمة اللبنانية، وفرضت حصارًا دمويًا عليها استمر 10 أسابيع.
كما شاركت "القوات اللبنانية" في مجزرتَي صبرا وشاتيلا، وراح ضحيتهما مئات اللاجئين الفلسطينيين بعد خروج مقاتلي منظمة التحرير من لبنان.
ثم انسحبت إسرائيل من الأراضي التي استولت عليها خلال الحصار، لكنها أبقت على احتلال قرى على الشريط الحدودي جنوب لبنان.
مجزرة قانا 1996
ثم شنّ الجيش الإسرائيلي في أبريل/ نيسان 1996 عملية "عناقيد الغضب"، خارقًا اتفاق مايو/ أيار 1993. استمرت العملية 17 يومًا في لبنان.
وأدى العدوان إلى استشهاد 200 شخص، منهم أكثر من مئة استشهدوا بقصف إسرائيلي على مركز قيادة فيجي التابع لقوات اليونيفل في قرية قانا جنوب لبنان، حيث قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بقصف المقر بعد لجوء المدنيين إليه في 18 أبريل/ نيسان 1996.
وقد عقد مجلس الأمن على الأثر جلسة للتصويت على قرار يدين إسرائيل، ولكن الولايات المتحدة استخدمت "حق النقض" الفيتو.
إلى ذلك، شكل عام 2000 ذكرى لا تنسى للبنانيين، ففي 25 مايو/ أيار انسحبت القوات الإسرائيلية من الجنوب بسبب ضربات المقاومة اللبنانية منهية احتلالًا دام نحو 22 عامًا.
وانسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي وعملاؤها من اللبنانيين تباعًا من القرى والبلدات الجنوبية بين 21 و24 مايو من ذاك العام.
وفي 25 مايو/ أيار 2000، غادر آخر جندي إسرائيلي المناطق المحتلة في لبنان باستثناء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. وفي هذا التاريخ من كل عام يحتفي لبنان بيوم "المقاومة والتحرير".
ولا تمحى من ذاكرة اللبنانيين مشاهد إخراج الأسرى من معتقل الخيام، الذي كانت جدرانه شاهدًا على تعذيب الأسرى وبطش الجلاد.
حرب تموز 2006
وفي عام 2006، شنّت إسرائيل "حربها الثانية" على لبنان كما تسميها، وهي الحرب التي تُعرف في لبنان بـ"حرب تموز".
ففي 12 يوليو/ تموز 2006، نفّذ حزب الله عملية "الوعد الصادق"، حيث أسر جنودًا إسرائيليين. فاقتحمت القوات الإسرائيلية الجدار الحدودي ودخلت إلى الأراضي اللبنانية، ليرد حزب الله بقصف دبابتين حيث قُتل 8 جنود إسرائيليين.
وفي اليوم التالي، شنّ الجيش الإسرائيلي هجومًا جويًا على جنوب لبنان ومنطقة الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت، وقصف محطات الكهرباء ومطار بيروت وشبكة من الجسور والطرق مما أدى إلى استشهاد العشرات. وهدّد حزب الله بقصف مدن في العمق الإسرائيلي.
واستمرت تلك الحرب نحو 5 أسابيع من دون أن تحقق إسرائيل أهدافها العسكرية. ففي 14 أغسطس/ آب 2006، توقف إطلاق النار بين الطرفين بعد أن دخل تطبيق قرار "وقف الأعمال العدائية"، الذي نص عليه القرار 1701 لمجلس الأمن الدولي، حيز التنفيذ.
واستشهد في تلك الحرب 1200 شخص في لبنان معظمهم مدنيون.
الجبهة الشمالية 2023- 2024
ومع بدء الحرب على غزة في أعقاب عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تجدّد التصعيد على حدود لبنان الجنوبية.
ويقصف جيش الاحتلال يوميًا قرى جنوب لبنان، فيما يرد حزب الله بقصف المواقع الإسرائيلية.