الأمين العام للجبهة الديمقراطية للعربي: اغتيال هنية تطور مفصلي بالصراع
أكد الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين فهد سليمان أنّ اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية يمثل تطورًا مفصليًا في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، ويكتسي أبعادًا إقليمية ودولية.
واعتبر سليمان في مقابلة خاصة مع التلفزيون العربي، من لوسيل، أنّ تعنت مركز القرار الرسمي الفلسطيني في رام الله هو السبب وراء غياب الاستجابة السياسية الملائمة لمتطلبات النضال الوطني الفلسطيني في هذه اللحظة.
ووجّه دعوة للفصائل الفلسطينية الموجودة الآن في الدوحة إلى محاولة التوصل لاتفاق وطني وإدخاله حيز التنفيذ.
وشدّد على أنّ الرهان وسط كلّ ذلك يبقى على الصمود والمقاومة والوحدة، وأنّ الاعتماد يبقى على الذات الفلسطينية وعلى الأوضاع الحليفة والمساندة. كما أكد على أهمية الدور الذي باتت تضطلع به الدول التي تمارس عملاً مقاومًا بالمعنى السياسي والعسكري واللوجستي، موضحًا أنّ "دورها مهم جدًا وسوف يتزايد في المرحلة القادمة".
ولفت إلى وجود رهان أيضًا على الحركة الجماهيرية العربية حتى في الدول المطبّعة كما في المغرب، ملاحظًا أن السياسات الرسمية في واد والحركة الجماهيرية في واد آخر.
اغتيال هنية.. تطور تاريخي حاسم
وفيما وصف الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين اغتيال إسماعيل هينة بالتطور التاريخي الحاسم، وضعه في سياق التراكمات النضالية، والحرب الإسرائيلية على غزة، التي مثّلت "قفزة نوعية في المواجهات مع الكيان الصهيوني"، وفق وصفه.
وقال إنّ هذه الحرب تتفق تمامًا مع الحروب التي سبقتها (الانتفاضة الأولى والثانية) لجهة جذريتها وامتدادها وحجم التضحيات، مشيرًا إلى أنها أبرزت نقاط الضعف العضوية في الكيان وكشفت عجز النظام الرسمي العربي عن دعم القضية الفلسطينية.
وفي إشارة إلى اغتيال هنية، رأى أنّ "هذه العملية الدنيئة أكثر من غيرها من التطورات التي حصلت خلال الأشهر الماضي، إنما تسلط الضوء على البعد الإقليمي للصراع الدائر"، معتبرًا أنّه "منذ بداية الأحداث أخذت الأمور تداعيات إقليمية، لكنها بقيت تحت السيطرة".
وأعرب عن اعتقاده بأنّ "الشروط تتوفر الآن للانتقال إلى تطورات إقليمية ذات شأن"، مضيفًا: "نقف على مقدمات حرب إقليمية والأيام المقبلة ستبيّن ما إذا كانت هذه التوقعات في مكانها".
المعادلات الإقليمية وجبهات الإسناد
وإذ لفت إلى أنّ العملية السياسية العربية التدخلية بالمعنى الإيجابي توقفت بعد أن حصلت تسويات مع مصر خصوصًا لتترك القضية الفلسطينية لوحدها، أشار إلى أنّ الدعم العربي كان متوفرًا بمعنى الغطاء السياسي، "ولعل حرب 1982 في لبنان كانت كاشفة لحدود الدور العربي".
مع ذلك، رأى سليمان أنّ الجهد الإسنادي الذي قُدّم للمقاومة الفلسطينية من لبنان واليمن شكّل نقلة نوعية حتى الآن، معتبرًا أنّه "وإن كان يجري تحت شعار إسناد غزة والمقاومة إنما ينطوي على احتمالات كبرى ليشمل ملفات تتجاوز الملف الفلسطيني".
وأوضح أنّ "ما يجري في اليمن على سبيل المثال يفتح البوابة على مصراعيها أمام أمن الممرات البحرية، خصوصًا أن أميركا تحاول منذ فترة أن تعسكر العلاقات الدولية، وبالتالي نحن أمام محطة تتجاوز حدود الصراع".
ولفت إلى أنّ الأمر نفسه يسري على لبنان، وكذلك سوريا، باعتبارها تمثل العمق العملياتي الميداني لما يجري في لبنان، ليستنتج أنّ "هذه التطورات تسجّل فاصلاً نوعيًا يميزها عن التطورات السابقة التي كانت تنسب للأوضاع العربية".
واستنادًا إلى ذلك، رأى أنّ "المعادلات الإقليمية تقف على مفترق طريق إما أن تدفع الأمور باتجاه حرب أو ما يشبه الحرب أو تبقى بحدود التداعيات"، مشدّدًا على أنّ "النضال الوطني الفلسطيني مستمر في كل الأحوال".
التعنّت الذي يصدر عن مركز القرار الفلسطيني
وتطرق الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في سياق حديثه للتلفزيون العربي، إلى حالة الانقسام الفلسطيني، التي اعتبر أنّها "تُفقِد الفلسطينيين القدرة على اتخاذ قرارات موحدة وبالتالي تحشيد القوى لمواجهة العدوان بخطة متفق عليها وأهداف واضحة".
مع ذلك، لفت إلى تطور إيجابي حدث مؤخرًا، تمثل بالحوار الوطني الشامل الذي انعقد في بكين والذي صدر عنه بيان متقدّم، لجهة استيعابه لثلاثة أمور مترابطة: النص على الدعوة الفورية للإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير، والنص على تشكيل حكومة وفاق وطني تمدّ ولايتها على كامل مساحة دولة فلسطين أي الضفة والقدس وغزة، والنصّ على تشكيل وفد موحد لكي يتفاوض على القضايا المتعلقة بوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى.
وقال: "هذه قرارات رئيسية مطروحة على جدول أعمال القيادة الرسمية الفلسطينية، ونأمل أن يتخذ قرار سريع لنقلها إلى سوية التنفيذ"، مشدّدًا على أنه "استحقاق مؤجل تأخرنا في اللحاق به". ونبّه إلى أنّ الفسحة الزمنية المتاحة أمامنا ضيقة جدًا".
وفيما وجّه دعوة إلى الفصائل الفلسطينية الموجودة في الدوحة لمواصلة المداولات، اعتبر أنّ العراقيل تتمثّل في "التعنت الذي يصدر عن مركز القرار الرسمي الفلسطيني في عدم الاستجابة لمتطلبات النضال الوطني في هذه المرحلة".
وردًا على سؤال عن مبررات هذا التعنت، تحدّث عن خيارات سياسية مطروحة بالنسبة لمركز القرار الرسمي تتمثل بالرهان على تغيير ما بالسياسة الأميركية لتلتقي ولو جزئيًا مع المطالب الوطنية الفلسطينية. وقال: "هذا الرهان تبين أنه رهان عقيم لا يعطي نتائج، ومع ذلك هذه القناعة ما زالت موجودة في هذا المركز".
الميدان سيد الموقف
ولفت سليمان إلى أنّ الميدان حتى الآن هو سيد الموقف، مشيرًا إلى أنّ هذا الميدان لا ينصاع ولا يطيع ولا يقبل التوجيهات السياسية التي تتعارض ومصالح الشعب الفلسطيني. وأوضح أنّ الميدان ينحكم لقانون المقاومة واستمرارها وتصعيدها ووحدة المجتمع الفلسطيني، وهو الذي سيقرّر في نهاية المطاف في مآل الحركة الفلسطينية بأسرها لا بل بالملف الوطني الفلسطيني.
وعن الطروحات الإسرائيلية في هذا السياق، شدّد على أنّ "إسرائيل لا تملك السيطرة على الميدان، ومن لا يملك هذه السيطرة لا يستطيع أن يفرض حلوله"، واصفًا إياها بأنّها "حلول نظرية دعوية للاستهلاك الداخلي الإسرائيلي".
وقال: "لا يمكن أن يمرّ أي حل لا يضمن تحرير الأسرى ووقف إطلاق النار وفتح الطريق أمام إدخال المساعدات التموينية والإغاثية الصحية التي تسمح بإعادة الإعمار"، مضيفًا: "هذا هو الموقف المبدئي والعملي الذي سيشق طريقه مهما طال الزمن".
وأردف: "لن نقبل بمرجعية أخرى غير تلك التي تمثلها القيادة السياسية الفلسطينية ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية، ودون ذلك لن يكون هنالك مجال لإعادة ترتيب الأوضاع في قطاع غزة في اليوم الذي يلي وقف إطلاق النار".
الإسناد العربي المطلوب
وحول الإسناد العربي المطلوب، قال الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين إنّه متعدد الأوجه، ويقوم بالدرجة الأولى على موقف رسمي صارم تجاه أميركا وإسرائيل.
وشدّد على أنّ أميركا ليست حليفة لإسرائيل فحسب بل هي مشاركة في غرفة العمليات وضالعة في المؤامرة، وهي صاحبة القرار الأول والأخير وتتحمل مسؤولية كل الجرائم التي اقترفتها إسرائيل.
واعتبر أنّ الدول المطبّعة مع إسرائيل عليها أن تتخذ إجراءات تؤدي إلى قطع العلاقات، كما دعا أيضًا إلى تقديم الدعم المادي والتسليحي والإغاثي للشعب الفلسطيني بلا تردد ومن دون سقوف.
وفي سياق المواقف الداعمة للقضية الفلسطينية، لفت سليمان إلى أنّ أسهم القضية دوليًا ارتفعت بشكل صاروخي في الفترة الأخيرة؛ بدليل القرارات الصادرة عن محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية وعن الأمم المتحدة ومشاريع القرارات التي تقدّم لمجلس الأمن.
وقال: "المنظومة الدولية في المؤسسات الآنف ذكرها تصطدم باستمرار بالفيتو الأميركي، ومع ذلك هذه نقاط إيجابية تؤخذ في الاعتبار لأنها تعبر عن انحياز على مستوى الرأي العام الدولي والأنظمة والدول الغربية لصالح حقوق الشعب الفلسطيني".
تجدون في الفيديو المرفق المقابلة الكاملة مع فهد سليمان أمين عام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وناقشت مجموعة من المحاور بينها عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية وتداعيات العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة وتصاعد المواجهة بين المقاومة وإسرائيل على الصعيد الإقليمي.