Skip to main content

المواجهة تتوسع بين حزب الله وإسرائيل.. أي تداعيات على أمن الإقليم؟

الأحد 18 أغسطس 2024
أدخل حزب الله مستوطنات إسرائيلية جديدة في دائرة الاستهداف يبعد بعضها ما يقارب 17 كيلومترًا عن الحدود- غيتي

بعد أقلّ من يوم على نشر حزب الله اللبناني لفيديو "عماد 4" الذي يكشف فيه إستراتيجية جديدة في الاشتباك مع إسرائيل، تقوم على استخدام الأنفاق كمنصات جاهزة لإطلاق الصواريخ.

وأعلن الجيش الإسرائيلي عن إصابات بعد رصد إطلاق أكثر من 55 صاروخًا نحو مناطق جديدة لم يتم استهدافها سابقًا، وهي إيليت هشاعر في الجليل الأعلى.

وأكّد جهاز الإطفاء الإسرائيلي أن طواقمه تعمل في عشر مناطق على الأقل في الجليل الأعلى بعد اندلاع النيران، فيما أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن بلاغات بانقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء من مدينة صفد وحتسور هجليل بعد إطلاق الصواريخ من لبنان.

حزب الله يقصف مستوطنات إسرائيلية جديدة

من جانبه، أكّد حزب الله في بيانين منفصلين أن مقاتليه قصفوا لأول مرة مستعمرة إيليت هشاحر ردًا على قصف إسرائيلي على بلدة الكفور في النبطية. وأودى هذا القصف بحياة 10 سوريين وأوقع العديد من الجرحى في مناطق الجنوب اللبناني.

ويشير حزب الله إلى استخدامه إلى جانب صواريخ الكاتيوشا المسيَّرات الانقضاضية في هجومه الأخير، وإلى إدخال مستوطنات جديدة يبعد بعضها ما يقارب 17 كيلومترًا عن الحدود.

ويأتي هذا التطور الميداني قبيل ساعات من زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لإسرائيل وبعد جولة قام بها وزيرا خارجية فرنسا وبريطانيا، حيث دعت باريس ولندن من بيروت إلى التهدئة وخفض التصعيد، فيما قال الوزيران بعد لقائهما وزير الخارجية الإسرائيلي في القدس، إن بلديهما جاهزان للدفاع عن إسرائيل كما حدث خلال الهجوم الإيراني الأول.

ويلمّح وزير الخارجية الإسرائيلي إلى ضرورة تشكيل تحالف لمواجهة إيران ومساعدة تل أبيب في الدفاع والهجوم، على حد تعبيره.

تغيّر قواعد الاشتباك يقلق واشنطن

وفي هذا الإطار، يرى الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي شادي الشرفا أنه بينما يجري الحديث عن "تفاؤل" بشأن التوصل إلى صفقة حول هدنة في غزة، تتحدث مصادر إسرائيلية عن وجود "مبالغة" بشأن إمكانية التوصل إلى هذا الاتفاق في الوقت القريب.

ويشير في حديث إلى "التلفزيون العربي" من القدس المحتلة إلى أن هذا الحديث يأتي في ظل تغيرات بـ"قواعد الاشتباك" بين حزب الله وإسرائيل، لافتًا في الوقت نفسه إلى أن ذلك "يقلق" الولايات المتحدة والأطراف الإقليمية بسبب العجز عن ضبط جبهة الشمال الإسرائيلي.

ويوضح أن إسرائيل هي من "غيّرت هذه القواعد أكثر من مرة، مما استدعى من حزب الله توسيع عملياته ضد تل أبيب" وسط مخاوف من أن يؤدي تصعيد التوتر إلى حرب إقليمية واسعة.

ويقول الشرفا: إنّ "هناك قناعة لدى جهات موزونة داخل المجتمع الإسرائيلي ترى أن حكومتهم تتخذ قرارات فيها الكثير من المغامرة وتجلب البلاء عليهم".

ويبين أن هناك تفسيرات عدة للمخاوف الداخلية الإسرائيلية تتمثل في "تصاعد قدرات حزب الله وإمكانياته العسكرية"، مؤكدًا أن الفيديو الأخير الذي نشره الحزب قد "أخاف المجتمع الإسرائيلي"، حيث تدرك الأوساط العسكرية أن إمكانيات حزب الله هائلة.

ويشير كذلك إلى أن ما يقلق دوائر صنع القرار الإسرائيلية هو ما سيكون عليه حزب الله بعد خمس أو عشر سنوات أخرى. لذلك، وفقًا للمختص في الشأن الإسرائيلي، فإن "المعضلة الحقيقية لدى الإسرائيليين هي كيفية ضبط الأمور لإعادة السكان إلى الشمال من دون أن يشكل حزب الله أي تهديد عليهم".

تصعيد إسرائيلي في لحظة "ترقب"

من جهته، يعتبر أستاذ الإعلام والاتصال السياسي د. علي أحمد أن الحديث عن "إيجابية" بشأن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة يتزامن مع تصعيد إسرائيلي كبير في جنوب لبنان تجاوز قواعد الاشتباك، ولا سيما استهداف منطقة الكفور في النبطية، الذي استشهد فيه عدد كبير من المدنيين.

وفي حديث إلى "التلفزيون العربي" من بيروت، يشير أحمد إلى أن رسالة الاحتلال من استهدافه للقرى اللبنانية الحدودية بعدد كبير من الغارات ومحاولته لتوسيع رقعة الاستهداف هي أنه لا يزال حاضرًا ويستطيع القيام بخطوات كبيرة.

ويلفت أستاذ الإعلام والاتصال السياسي إلى أن إسرائيل تعتبر أن مسار المفاوضات بشأن غزة منفصل عن مصير الجبهة الشمالية. ويقول: "إن التصعيد في جنوب لبنان يأتي في لحظة ترقب"، لأن حزب الله وعد بشكل واضح أنه سيرد على اغتيال القيادي في الحزب فؤاد شكر في بيروت.

كما يعتبر أحمد أن إسرائيل تدرك تمامًا أن "المسألة في لبنان ليست بالسهولة التي تعتقدها"، لافتًا إلى أن حزب الله قد أكد أن مسألة جبهة إسناد غزة منفصلة عن الرد على اغتيال شكر. واعتبر أن حزب الله يسعى خلف هدف يُؤذي إسرائيل ويعيد قواعد الردع من جديد دون أن يذهب بالأمور إلى حرب.

ويرى أحمد أن حزب الله لا يريد الذهاب إلى حرب، فيما يفترض أن تتهيّب إسرائيل من الحرب مع لبنان مع إظهار حزب الله لقدرات كبيرة، وآخرها منشأة "عماد 4" التي تظهر أن حزب الله قادر على مواجهة أي عمليات استباقية في لبنان.

احتواء التصعيد في لبنان مرتبط بمفاوضات غزة

وحول موقف واشنطن، يشير الصحفي المتخصص بالشأن الأميركي محمد سطوحي إلى أن واشنطن تعلم أن مشكلة غزة تجرّ معها التصعيد على الجبهة اللبنانية والجبهات الأخرى، سواء مع الحوثيين في اليمن أو مع الفصائل في العراق أو حتى حرب إقليمية بين إيران وإسرائيل.

ويعتبر في حديث إلى "التلفزيون العربي" من نيويورك أن الجهود الخاصة باحتواء التصعيد في جنوب لبنان مرتبطة بجهود وقف إطلاق النار في غزة.

ويرى سطوحي أن زيارة بلينكن المرتقبة إلى المنطقة هي من أجل الدفع للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، حيث توصلت مفاوضات الدوحة إلى تحقيق تقدم كبير بالنسبة لأمور فنية عديدة، لكن المشكلة مرتبطة بالقرار السياسي الذي لا يصدر إلا عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ويعتبر سطوحي أن بلينكن يسعى لاستخلاص كلمة "نعم" من نتنياهو الذي يراوغ ويرغب في إطالة أمد الحرب.  

كما يرى سطوحي أن حديث الولايات المتحدة عن التزامها بأمن إسرائيل ليس جديدًا، فهو قائم منذ عقود وبات "كليشيهات" يرددها المسؤولون الأميركيون. لكن إسرائيل، وبصرف النظر عن حرب غزة، تعتمد بشكل أساسي على الولايات المتحدة، ولا سيما في الأسلحة الإستراتيجية.

المصادر:
التلفزيون العربي
شارك القصة