في الوقت الذي تُحيي فيه إسرائيل الذكرى السنوية الأولى -وفقًا للتقويم العبري- لعملية "طوفان الأقصى"، قُتل إسرائيلي وأُصيب عشرات آخرون معظمهم من الجنود الإسرائيليين في عملية دهس بشاحنة قرب محطة حافلات في غليلوت شمال تل أبيب.
وقالت الشرطة الإسرائيلية إنّ الحادثة التي وقعت قرب غليلوت، التي طالما استهدفتها مسيّرات المقاومة اللبنانية، نُفّذت بـ"دافع قومي"، مؤكدة تحييد المنفّذ وفقًا لتعبير البيان الرسمي.
وفي جغرافية قريبة، وعلى بُعد نحو 65 كيلو مترًا باتجاه القدس المحتلة، أطلق الجيش الإسرائيلي النار على سائق مركبة من مخيم شعفاط بزعم تنفيذ عملية دهس قرب حزما شمال شرق القدس، رغم عدم وقوع أي قتلى أو مصابين في صفوف جنود الاحتلال.
وينسجم سلوك جيش الاحتلال مع الخطاب السياسي في إسرائيل، التي يُردّد رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو أنّ إسرائيل تخوض حربًا وجودية على 7 جبهات، مشيرًا إلى ما قال إنّها مواجهة طويلة وصعبة.
المقاومة تُبارك عملية غليلوت
وتعليقًا على عملية غليلوت، قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إنّها ردّ طبيعي على جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحقّ الفلسطينيين، ومجازره المتواصلة.
وأكدت "حماس" أنّ الشعب الفلسطيني مستمر في تحديه لآلة القتل والإرهاب الصهيونية، داعية إلى مزيد من التصدّي والاشتباك مع جنود الاحتلال والمستوطنين.
بدورها، باركت حركة "الجهاد الإسلامي" في بيان، عملية تل أبيب، مشيرة إلى أنّها تأتي كردّ طبيعي على المجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، ومؤكدة أنّ المقاومة والشعب الفلسطيني سيُواصلون مواجهة مخطّطات الاحتلال على امتداد أرض فلسطين المحتلة.
فما هو تأثير العمليات الفدائية على إسرائيل وخطابها؟ وما هي دلالات الفصائل من مباركة عملية غليلوت؟ وما هو انعكاس مثل هذه العمليات على سياسة تل أبيب تجاه فلسطينيي الخط الأخضر؟
تحريض غير مسبوق على فلسطينيي الداخل
قال إنطوان شلحت، الخبير في الشأن الإسرائيلي إنّه على الرغم من أنّ تقديرات الشرطة الإسرائيلية تُرجّح أنّ عملية غليلوت هي عملية غير مقصودة وأنّ سائق الشاحنة ربما أُصيب بنوبة قلبية ما أدى إلى تدهور الشاحنة باتجاه حافلة الجنود، إلا أنّ كل الخطابات الإسرائيلية حرّضت بشكل غير مسبوق على الفلسطينيين داخل الخط الأخضر.
وأضاف شلحت في حديث إلى التلفزيون العربي من عكا، أنّ حديث نتنياهو عن خوض حرب وجودية على سبع جهات يشمل الجبهة الداخلية، حيث تتعامل السياسة الإسرائيلية الرسمية مع الفلسطينيين داخل الخط الأخضر باعتبارهم أعداء محتملين.
وأضاف أن التحريض على الفلسطينيين داخل الخط الأخضر مستمرّ منذ عقود، وازداد زخمًا منذ عملية "طوفان الأقصى".
تصاعد السياسات القمعية الإسرائييلة ضدّ الفلسطينيين
بدوره، أشار الدكتور بلال الشوبكي، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل، إلى أنّ الضفة الغربية شهدت عددًا كبيرًا من الحالات غير المقصودة التي تعاملت معها إسرائيل على أنّها "اشتباه بالقيام بعمليات ضدّ الاحتلال".
وقال الشوبكي في حديث إلى التلفزيون العربي من الخليل، إنّ العقلية الإسرائيلية تعتقد أنّ إجراءاتها ضدّ الفلسطينيين في غزة والضفة ستولّد ردّ فعل فلسطيني سواء بشكل منظّم من قبل الفصائل الفلسطينية أو حوادث فردية.
وأكد في الوقت نفسه، أنّ هذا لا ينفي وقوع عمليات فدائية ضدّ الاحتلال في الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر، بسبب تصاعد السياسات القمعية الإسرائييلة ضدّ الفلسطينيين بشكل جماعي منذ 7 أكتوبر.
إسرائيل خسرت سرديتها على الساحة الدولية
ورأى الدكتور إبراهيم فريحات، أستاذ النزاعات الدولية في معهد الدوحة للدراسات العليا، أنّ هناك شبه إجماع على خسارة إسرائيل لسرديتها على الساحة الدولية.
وذكر فريحات في حديث إلى التلفزيون العربي من الدوحة، أنّ "إسرائيل استثمرت في موضوع الإرهاب بما يفوق طاقة واستيعاب الإعلام على الساحة العالمية، حيث أصبح هجوم 7 أكتوبر عبارة عن أسطوانة مكرّرة بشكل كبير".
وأضاف أنّ كل ما تورده إسرائيل لن يكون له تأثير كبير على الساحة الدولية.