إبعاد عائلات منفذي العمليات.. إسرائيل تلجأ لسياسة العقوبات الجماعية
توسع إسرائيل من دائرة سياساتها المعهودة عبر العقوبات الجماعية على الفلسطينيين أينما وجدوا، إذ أقر الكنيست قانونًا يمنح وزير الداخلية الإسرائيلي الصلاحية لإبعاد عائلات منفذي العمليات الفلسطينية إلى قطاع غزة أو إلى الخارج، لفترة تمتد من 7 إلى 20 عامًا، إذا ما علمت مسبقًا بالعملية ولم تبذل الجهود اللازمة لمنعها، بحسب التعبير الإسرائيلي.
ويستهدف القانون عائلات منفذي العمليات الفلسطينية من داخل الخط الأخضر والضفة الغربية وشرقي القدس.
من جهتها، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن القانون جاء بتوصية من مندوبي جهاز الشاباك، وذلك خلال مداولات في الكنيست وصفت بأنها سرية.
واستند الشاباك في الدفع بهذا القانون، إلى أبحاث أمنية أجريت على مر السنوات الماضية، ادعت أن إبعاد أسر منفذي العمليات قد يكون أداة ردع ناجعة.
وبحسب ادعاء الشاباك، فإن التخوف الوحيد لدى منفذي العمليات يتمثل في مصير أفراد عائلاتهم بعد تنفيذ العمليات.
وأشار القانون الإسرائيلي أيضًا إلى أن موافقة الجهاز القضائي على هدم بيت المنفذ، ليس كافيًا للردع الكامل.
يضاف إلى ذلك، سن إسرائيل أوامر مؤقتة تتيح سجن أطفال دون الرابعة عشرة، إذا أدينوا بالمشاركة في عمليات ضدها.
وتشكل هذه القوانين للعقوبات الجماعية نموذجًا آخر لإمعان سلطات الاحتلال في تجاوز الخطوط الحمراء للقوانين الدولية والإنسانية، وسط مناشدات فلسطينية للعالم بالتدخل لردع تل أبيب عن إجراءات التطهير العرقي بحق الفلسطينيين تحت حجج أمنية.
"فشل المشروع الصهيوني"
وفي هذا الإطار، أوضح رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي سامي أبو شحادة أن هذا القانون جاء بعد فشل المشروع الصهيوني بمحو هوية الفلسطيني داخل الخط الأخضر، ومنعه من الانتماء إلى شعبه وقضيته.
وأضاف في حديث للتلفزيون العربي من مدينة يافا، أنه بالإضافة إلى هذا القانون، أقرت إسرائيل قانونًا لقمع واضطهاد المعلمين في جهاز التربية والتعليم، ناهيك عن قانون لتجريم العمل السياسي، وإخراج الأحزاب السياسية عن القانون، بالإضافة إلى قوانين أخرى "فاشية" تقودها الحكومة اليمنية.
وأردف أن هناك نقاشًا جديًا وحقيقيًا بين القانونيين في داخل الخط الأخضر، حول ما إذا كانت هناك فرصة قانونية لكي يدافع فلسطينيو الداخل عن أنفسهم أمام المحاكم التي يقودها قضاة من المستوطنين ومن اليمين.
وفيما اعتبر أن الإرهاب الحقيقي في إسرائيل وفلسطين وفي الشرق الأوسط هو الاحتلال الإسرائيلي، ورفض الأحزاب الصهيونية إعطاء أبناء الشعب الفلسطيني حقوقهم الأساسية، قال أبو شحادة: "بدون التعامل مع السبب الرئيسي وهو الاحتلال، لن يكون هناك أي حلول".
وأشار إلى أنه بحسب الدراسات الجادة في العلوم السياسية، فإن فلسطينيي الداخل الأخضر هم من أهدأ الأقليات القومية في العالم، ولا يمكنهم أن يشكلوا خطرًا جديًا حقيقيًا على دولة تمتلك السلاح النووي، وهي عبارة عن جهاز أمني كبير مؤلف من الجيش والأجهزة الأمنية.
وفيما أوضح أنه ليس هناك سبب لدى إسرائيل للخوف، لفت أبو شحادة إلى أن المشكلة لدى تل أبيب هي نفسية.
وأضاف أن ما يجري الآن من معاناة بسبب سياسية حكومة الاحتلال اليمينية، هو فرصة لعودة القضية الفلسطينية على المستوى الدولي لتكون القضية الأهم، مشددًا على وجوب بذل الفلسطينيين داخل الخط الأخضر جهودًا لتدويل قضية الفلسطينيين في الداخل.
وتابع أبو شحادة أن هذه فرصة أيضًا لممارسة ضغط كبير على إسرائيل من خلال المقاطعة وفرض العقوبات، لأن الاحتلال أصبح اليوم يتصرف كدولة فوق القانون، بسبب عدم وجود أي محاسبة.
استهداف الوجود الفلسطيني
من جهته، ذكّر مدير مؤسسة "الحق" الفلسطينية شعوان جبارين أن الاحتلال يمارس قانون إبعاد منفذي العمليات في الضفة الغربية وغزة منذ عام 1976، حيث كان هناك نفي إلى خارج بشكل واسع، وكان جزءًا من سياسية واسعة ومستمرة.
وفي حديث للتلفزيون العربي من رام الله، أكد جبارين أن هذه الممارسة الإسرائيلية موجودة، لكنها لم تنه لا نضال ولا مقاومة للاحتلال، لافتًا إلى أن الاحتلال كان قد صرح سابقًا بأن هدم المنزل سياسة غير مجدية.
ورأى أن من ينوي أن يقاوم ومن يضحي بنفسه لن يفكر بأي مسائل أخرى، بعد زعم الاحتلال بأن خوف الفلسطيني الذي سينفذ العملية على عائلته لاحقًا هو الذي سيردعه عن التنفيذ.
وأوضح جبارين أن قانون إبعاد منفذي العمليات هو سياسي بامتياز، وهدفه استهداف الوجود الفلسطيني، لافتًا إلى أن الاحتلال يقوم بذلك من خلال الإبادة الجماعية في غزة والضفة الغربية.
وقال جبارين: إن "السلطة الفلسطينية عاجزة الآن أمام كل ما يحدث"، مضيفًا أن الأمر الوحيد أمامها هو العمل على الجبهة الدولية، ووقف التنسيق الأمني مع الاحتلال.
ما موقف القانون الدولي؟
أستاذة القانون الدولي في جامعة كينت البريطانية شهد الحموري، رأت بدورها أن هذا القانون هو خارج أي نظام قد يفكر فيه البشر، وخارج المنطق والنظام الدولي العالمي.
وفي حديث للتلفزيون العربي من كينت، أضافت الحموري أن للشعب الفلسطيني حق المقاومة المسلحة وبالقانون الدولي، وأن ملاحقة أي شخص بسبب أعمال المقاومة هو بحد ذاته غير قانوني.
وفيما أن الأساس القانوني الذي استند إليه المشرع الإسرائيلي بأن الشخص كان يعلم وبأنه كان بإمكانه منع المنفذ ولم يقم بكل ما يستطيع فعله، قالت الحموري إن أساس الملاحقة في هذه الحالة هو نوع من أنواع العقاب الجماعي، ناهيك عن أن النظام القضائي في إسرائيل بالتعامل مع الأشخاص الذين يقومون بأعمال "المقاومة" داخل الخط الأخضر خارج عن أي أسس لحقوق الإنسان.
وأردفت الحموري أنه من وجهة نظر قانون العقوبات، فإن العقوبة لا بد أن تتلاءم مع مدى الجريمة، مضيفة أنه لكي يكون الشخص شريكًا في الجريمة لا يكفي فقط العلم بل لا بد أن يشارك في الجانب المادي منها.
وتابعت أن إسرائيل هي الآن مهمشة دوليًا من قبل دوائر القانون الدولي المنطقي، لأن ليس هناك مجال للدفاع عما تقوم به تل أبيب.
وأشارت إلى أن القانون الدولي بكل عيوبه يقف إلى جانب فلسطين، ما يعطي فرصة إستراتيجية يمكن استغلاها لمحاولة أخذ من الاحتلال أي نوع من أنواع الشرعية الدولية، وتمثيلها كدولة خارجة عن النظام الدولي.