لم تكن المهام الرسمية يومًا لمؤسسات الرئاسة والحكومات في الدول المختلفة، أقل من تأمين إستراتيجيات ورسم سياسات تنهض ببلادها وواقع شعوبها الاقتصادي والثقافي والاجتماعي.
وقد كانت فرنسا سبّاقة في أوروبا بأقدم وأعرق المؤسسات السياسية، التي تجاوز تأثيرها حدود فرنسا وانتشر في أوروبا ودول العالم. لكن يبدو أن قصر الإليزيه لم يعد مهتمًا الآن بأبعد من ملاحقة التغريدات، التي لا تتفق مع هواه على منصات التواصل الاجتماعي.
اتصال الإليزيه بـ "دي جي سنيك"
وهذا ما حصل مع فنان فرنسي من أصول جزائرية يدعى دي جي سنيك، واسمه الحقيقي "وليام سامي إيتيان"، ملحن ومغن مشهور ومنسق أغان يحظى بشعبية واسعة في مختلف أرجاء العالم.
ويقول الفنان إنه تلقى قبل أيام، اتصالًا هاتفيًا من مكتب الرئيس إيمانويل ماكرون طالبه فيه بحذف تغريدة له تقول "أوقفوا الإبادة الجماعية في غزة".
وفي حديثه لبرنامج بث على منصة "تويتش"، رفض دي جي سنيك طلب ماكرون، وأكد أن كلامه لا يمت إلى السياسة بصلة، بل يتعلق بالشأن الإنساني. كما شدد على أنه لن يكون كالذين يلتزمون الصمت بشأن القضية الفلسطينية.
وقال: "هذا جنون، لأني مجرد دي جي. لذا ليس من عادتي أن أتصل وأغرد للرئيس ماكرون على تويتر وأجد نفسي واقعًا في مشكلات، والإليزيه يتصل بإدارة أعمالي ويقول: هل بإمكانه حذف التغريدة؟ هل يمكننا أن نلتقي؟ مهمتي الأساسية هي صنع الموسيقى وجعل الناس يرقصون".
وأردف: "لست مطالبًا بنشر تغريدات عن الكوارث. لست سياسيًا ولا أمارس السياسة. لكن في لحظة ما أنا أنسان ولي قلب ولم يعد الأمر ممكنًا".
مقرب من ماكرون
يُذكر أن دي جي سنيك يعد في داخل فرنسا مقربًا نوعًا ما من ماكرون، وظهر معه في مقاطع فيديو بمناسبات مختلفة.
وعرف دي جي سنيك، بدعمه فلسطين، وأعرب عن ذلك في حفلاته التي يحييها في مختلف أرجاء العالم، كما في حفلته بمدينة Liège البلجيكية، حيث خاطب جمهوره بضرورة الوقوف على معاناة أهل غزة.
وشهدت منصات التواصل الاجتماعي في فرنسا تفاعلًا واسعًا مع ما حدث مع دي جي سنيك.
وكان أول المغردين السياسي أنطوان ليومينت، النائب البرلماني عن حزب من أجل جمهورية موحدة، إذ كتب: "ضغط ماكرون على دي جي سنيك لإزالة منشوراته الداعمة لفلسطين لا يمكن التفاوض عليه، وهو أمر غير مقبول. تحية له فهو يؤدي واجبًا أخلاقيًا في مواجهة الإبادة الجماعية التي يرتكبها نتنياهو".
وكتبت الصحافية والسيناريست إلهام بو زيد أن "هذا الموقف يؤكد أننا في دكتاتورية حقيقية.. أحببت هذا الفنان الآن أكثر من قبل".
وعلّق إيغون ميلف، وهو مواطن فرنسي، بالقول: "عار على ماكرون أن يحاول التستر على الإبادة الجماعية في غزة، ويريد في الوقت ذاته أن يقاتل في أوكرانيا من أجل الحرية والديمقراطية".
أما لوكاس فافر، وهو مواطن فرنسي أيضًا، فكتب: "ستنتهي مسيرته المهنية لو كان هناك لوبي صهيوني بين الفنانين والممثلين وعلى شاشات التلفزيون والصحافة، لكنكم سترون أن هذا الرجل الشجاع سيستمر في الوجود".