لم يكن صعود الاشتراكيين تحت زعامة ميلانشون في الانتخابات الفرنسية الأخيرة، ولا حصولهم على الأكثرية التي مكنتهم من الوصول إلى منصب المستشارية الألمانية، أمرا مستغربا لكل من يراقب التحولات التي طرأت على الأحزاب الاشتراكية في العالم الغربي في السنوات الماضية. فالمكاسب التي حققها الاشتراكيون الألمان ونظراؤهم الفرنسيون تأتي تتويجا لجهود مضنية في إحلال سياسات جديدة محل السياسات السابقة التي كانت تتبناها تلك الأحزاب.
قبل سنوات، كانت السياسات الراديكالية هي التي تتحكم ببرامج الأحزاب الاشتراكية في ظل موجة شعبوية اجتاحت الأحزاب اليسارية العالمية، رأينا صداها أوروبيا في حزب سيريزا اليوناني، وبوديموس الإسباني، وترافقت تلك الموجة مع قيادات كارزمية كقيادة جيرمي كوربن لحزب العمال البريطاني. في تلك المرحلة كان ميلانشون على سبيل المثال يخاطب الناخب الفرنسي الغاضب من السياسات التقشفية بتوجيه انتقادات شديدة للنخبة الفرنسية واصفا إياها بالدمى التي يتلاعب بها رأس المال.