الجمعة 18 أكتوبر / October 2024

من فاز في ليبيا؟

من فاز في ليبيا؟

Changed

شارك القصة

المناخ الإقليمي الذي رافق عملية الحوار يدفع اليوم إلى التهدئة
المناخ الإقليمي الذي رافق عملية الحوار يدفع اليوم إلى التهدئة ويشجع على عقد تسويات (غيتي)
يبدو الحديث عن وقف التدخلات الخارجية في ليبيا مجرد كلام دبلوماسي حالم، رغم أن الوضع يبدو أكثر ملاءمة للحد من هذه التدخلات

في كتابه "مسالك وعرة" الذي لخص فيه رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا سابقًا طارق متري تجربته في البلد الذي أسقط الثوار فيه عام 2011 "جماهيرية" معمر القذافي، أكد الديبلوماسي اللبناني المخضرم وعورة الطريق إلى إعادة بناء الدولة، كما أشار في مواضع عدة من شهادته إلى تعلق النخب الليبية التي قادت مشهد ما بعد مرحلة نظام العقيد بالتدخلات الأجنبية، وربط ذلك، في جزء منه، بعوامل تاريخية تعود إلى ظروف نشأة الدولة الليبية المستقلة في أروقة الأمم المتحدة قبل أكثر من نصف قرن.

وبعد عقد من الزمن على الثورة، تبدو المهمة الأساسية للقيادة التنفيذية المؤقتة الجديدة في ليبيا كما هي، لم تتغير، إذ سيكون على الرباعي الذي تم اختياره من قبل المشاركين الخمسة والسبعين في ملتقى الحوار السياسي برعاية الأمم المتحدة في جنيف إعادة القطار على السكة مجددًا بهدف إعادة بناء الدولة الليبية عبر انتخابات تنظم في نهاية العام الجاري.

لكن السؤال الذي برز بعد اختيار القيادة التنفيذية الجديدة، كان عن هوية الفائز الأبرز من المسار الذي تطلب أشهرًا طويلة من المباحثات والترضيات التي أمنتها البعثة الأممية منذ مؤتمر برلين.

أنقرة أم القاهرة؟

يذهب البعض ببساطة إلى القول بأن الإسلاميين وحليفتهم أنقرة هم أبرز الفائزين من العملية الأخيرة، لكن ذلك لا يبدو دقيقًا، أو لا يعكس الصورة كاملة على الأقل.

صحيح أن أنقرة، على عكس دول إقليمية أخرى، لم تضع بيضها في سلة واحدة، إذ كان وصول قائمة حليفها فتحي باشاغا سيُرضيها كذلك، وقد يكون بالنسبة لها مدخلًا لتسوية أكبر مع القاهرة وباريس.

كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أول المهنئين والمتصلين بالقيادة الجديدة، فيما وصف رئيس الوزراء الجديد عبد الحميد محمد دبيبة تركيا بـ"الحليفة والصديقة" واعتبرها من "الشركاء الحقيقيين" عندما اختار إجراء أول مقابلة صحافية له مع وكالة الأناضول. وإضافة إلى دبيبة، الذي تربطه بأنقرة صلات تجارية، كغيره من كبار التجار في مدينة مصراتة، فإن رئيس المجلس الرئاسي الجديد محمد يونس المنفي كان سفيرًا لطرابلس في أثينا التي طردته بعد اتفاق ترسيم الحدود الموقع بين تركيا وحكومة الوفاق.

ولكن ذلك لا يعني أن تركيا الإقليمي هي الفائز الأكبر من مخرجات ملتقى جنيف، فالمناخ الإقليمي الذي رافق عملية الحوار يدفع اليوم إلى التهدئة ويشجع على عقد تسويات بين مختلف الأطراف المدعومة من دول المنطقة. وهذه مواصفات تتوفر في شخصية رئيس الوزراء الجديد الذي كان حريصًا على ربط الصلة بمختلف الفاعلين الدوليين في الملف الليبي على مدار السنوات الماضية، دون بروز لافت، إضافة إلى عمله لسنوات طويلة مع الدوائر المقربة من نظام القذافي خلال رئاسته لأحد أبرز شركات الإنشاءات الكبرى المملوكة للدولة آنذاك.

في المقابل، كان ترحيب الجارة القاهرة أكثر برودة، إذ جاء مقتضبًا على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي اعتبر ما جرى "خطوة في الاتجاه الصحيح". أما الولايات المتحدة فوعدت بـ"تفاعل أكثر قادم من واشنطن".

وفي ظل المشهد الليبي المعقد عمومًا، يبدو الحديث عن وقف التدخلات الخارجية في ليبيا مجرد كلام دبلوماسي حالم، رغم أن الوضع يبدو أكثر ملاءمة للحد من هذه التدخلات عبر إخراج المرتزقة الأجانب، وهو أحد أهم بنود التسوية الكبرى غير المفعل حتى الآن.

منافسة غير تقليدية

التنافس الذي جرى خلف الأبواب المغلقة في جنيف، رغم محاولة الأمم المتحدة إضفاء بعض من الشفافية عليه عبر بث كلمات المرشحين وعملية الانتخاب مباشرة، لم يكن تقليديا هذه المرة، إذ لم يكن بين معسكري الشرق والغرب فقط كما جرت العادة في أغلب المحطات الليبية الكبرى منذ سنوات، ويعود ذلك إلى أن "قواعد اللعبة" الذي توصل إليها المجتمعون برعاية الأمم المتحدة كانت تؤدي منذ البداية إلى تسوية مناطقية وتوزيع السلطة والمناصب على الأقاليم الثلاثة.

برزت هذه المرة الخلافات التي تشق كل معسكر، ولعل أبرزها التنافس بين ممثلي مدينة مصراتة نفسها التي كانت بمثابة رأس الحربة في مسار الثورة الليبية منذ 2011. كان ذلك واضحا من خلال رفض رئيس المجلس الأعلى للدولة السابق، وعضو ملتقى الحوار، عبد الرحمن السويحلي، بشكل علني لما وُصف بـ"الصفقة" بين فتحي باشاغا المُنحدر من مصراتة ورئيس برلمان طبرق عقيلة صالح. وكان هذا الخلاف، الذي يُمكن تصنيفه خارج الإطار الإيديولوجي، أحد أسباب التصويت "العقابي" ضد قائمة باشاغا/عقيلة في الدورة الأخيرة من التصويت إضافة إلى رفض قطاعات واسعة لتمكين عقيلة صالح الذي كان حليفا لحفتر في هجومه على طرابلس من منصب يقود من خلاله المرحلة المقبلة.

ماذا عن خليفة حفتر؟

طيلة مشاورات جنيف وما سبقها من لقاءات في تونس، أو حتى في عواصم أخرى، برز اتفاق غير معلن بين جميع الأطراف المجتمعة على تجاوز طرح السؤال المُلحّ عن دور خليفة حفتر خلال المرحلة القادمة، رغم أن القائد العسكري البارز في المنطقة الشرقية كان أحد أهم عناوين الأزمة منذ اتفاق الصخيرات والبند الثامن الشهير، ونجحت البعثة الأممية في عدم الإجابة عن هذا التساؤل كذلك، أو تغييبه على الأقل.

كان حفتر، الذي تراجع الدعم الإقليمي له بشكل واضح خلال الأشهر الأخيرة بعد فشله في حملته العسكرية على طرابلس، سيكون أكثر سعادة بكل تأكيد لو فاز عضو المؤتمر الوطني السابق وابن مدينة "المرج"، شريف الوافي، برئاسة المجلس الرئاسي، والذي تصفه الصحافة الإماراتية بـ"عدو الإخوان". لكن هزيمة عقيلة صالح الذي كان حريصًا على التمايز عنه طيلة الأشهر الماضية، وعقد "صفقة" مع باشاغا ومعسكره، تجعل حفتر ورقة لا تغيب عن أي حسابات مستقبلية للمرحلة المقبلة، ومن هُنا يمكن أن نفهم بيان الترحيب، المقتضب، الذي أصدره المتحدث باسم قوات الشرق أحمد المسماري.

عقبات كثيرة

رغم الوعود الكثيرة التي أطلقها دبيبة خلال كلمته أمام أعضاء ملتقى الحوار السياسي في جنيف، لا ينتظر الليبيون الكثير من حكومته التي يُفترض أن لا تتجاوز عهدتها عامًا واحداً. سيكفيهم تمهيد الطريق نحو عملية انتخابية وضمان وقف الحرب التي أنهكتهم طيلة السنوات الماضية، والحد من آثار الانقسام الذي مزق البلد وألقى بظلاله على المستويين الأمني والاقتصادي.

كما ستواجه القيادة التنفيذية الجديدة، ورئيس الوزراء الجديد على وجه الخصوص، عقبة أساسية منذ أولى أيام مهمته، تتمثل في تركيبة حكومة "التكنوقراط" التي ينوي تشكيلها، والرسائل التي سيوجهها من خلال ذلك إلى المنطقة الشرقية تحديدًا التي صدرت منها بيانات ترحيب ملغمة من رئيس الحكومة غير المعترف بها عبد الله الثني وكذلك من رئيس البرلمان المنعقد في طبرق عقيلة صالح.

وبعد ذلك، ينبغي تجاوز عقدة التئام مجلس النواب المنقسم منذ سنوات في جلسة موحدة وبنصاب كامل لمنح الثقة للحكومة الجديدة. وإذا تجاوز دبيبة عقبة نيل الثقة، سيكون عليه التعامل مع مؤسسة أمنية وعسكرية تقوم على ميليشيات مختلفة الولاءات.

من الفائز إذًا؟

منذ إعلان نتائج عملية التصويت التي دارت في جنيف، لا تخفي قطاعات واسعة من الليبيين خشيتها من أن يكون ما جرى مجرد إعادة تدوير للأزمة، وهي محقة في ذلك بالنظر إلى التجارب السابقة، لكن فرصة حقيقية تبدو اليوم واضحة أكثر من أي وقت سابق لأن يتحول الليبيون أنفسهم إلى أكبر الفائزين من مخرجات العملية السياسية الأخيرة، إذا ما تمكنت القيادة الجديدة من تثبيت وقف الحرب، والتزمت بخارطة الطريق المتفق عليها، وبرهنت على إرادة قوية لمواجهة العراقيل الكثيرة التي تنتظرها.

سياسة - العالم

شارك القصة

Share
صورة متداولة لقتل متسلل من الأردن جنوبي البحر الميت
صورة متداولة لقتل متسلل من الأردن جنوبي البحر الميت

أكّد الجيش الإسرائيلي أنه قتل مسلحين تسللا من الأراضي الأردنية، لافتًا إلى أنه أرسل قوات إضافية إلى منطقة إطلاق النار جنوب البحر الميت للبحث جوًا وبرًا عن مسلح ثالث.

سياسة - فلسطين

شارك القصة

Share
استشهد يحي السنوار في اشتباكات مع قوات الاحتلال في تل السطان في رفح جنوبي قطاع غزة- غيتي
استشهد يحيى السنوار في اشتباكات مع قوات الاحتلال في تل السلطان في رفح جنوبي قطاع غزة - غيتي

أقر الجيش الإسرائيلي بأن قتل يحيى السنوار في جنوب قطاع غزة كان بمحض الصدفة بعد اشتباك مع قوات إسرائيلية قبل أن يتم التعرف إليه.

سياسة - فلسطين

شارك القصة

Share
يمارس جيش الاحتلال جريمة إبادة وتطهير عرقي للفلسطنيين في جباليا
يمارس جيش الاحتلال جريمة إبادة وتطهير عرقي للفلسطنيين في جباليا - غيتي

يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب الجرائم بحق سكان شمال غزة دافعًا بالمزيد من قواته إلى جباليا التي تتعرض لحصار وتجويع.

Close