في اليوم الـ 378 من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أكدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" استشهاد رئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار، "مشتبكًا ومقاتلًا، ومواجهًا حتى آخر لحظة من حياته".
ووضعت الحركة شروطها على الطاولة، مؤكدة أنّه لا عودة للأسرى الإسرائيليين إلا بوقف إطلاق النار، وانسحاب الاحتلال، والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين من معتقلات إسرائيل.
وشدّدت على معادلتها الواضحة المتمثّلة في الاستمرار على النهج ذاته حتى تحرير الأرض وإقامة الدولة الفلسطينية.
وفي هذا الإطار، أكد القيادي في "حماس" محمود مرداوي في تصريحات للتلفزيون العربي، أنّ الشروط بشأن مفاوضات الهدنة لن تتغيّر بعد استشهاد السنوار، مضيفًا أنّ الوضع الحالي "ينصّ على الدفع نحو تقصير المدة لاختيار قائد جديد للحركة".
وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي تتابع فيه كتائب القسام اشتباكاتها على الأرض في غزة، مع إعلانها تدمير آليات في شمالي القطاع، فيما يؤكد جيش الاحتلال إصابة جنوده في معارك شمالي غزة اليوم.
تصوّر جديد لقطاع غزة
ووسط مشهد ميداني مشتعل، وواقع إنساني صعب، وتساؤل سياسي عن ملامح المرحلة المقبلة، قال الرئيس الأميركي جو بايدن من برلين، إنّ "العمل جارٍ على تصوّر جديد بشأن قطاع غزة، دون حماس ودون تدخل إيران".
وأضاف البيت الأبيض أنّ السنوار كان العقبة الرئيسية أمام وقف إطلاق النار، وأنّ "حماس" باتت في وضع أضعف وقدرات فتّاكة.
بينما أكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أنّ القوات الأميركية في الشرق الأوسط على أهبة الاستعداد لدعم إسرائيل والدفاع عنها.
ما هي التداعيات العسكرية والسياسية لاستشهاد يحيى السنوار؟ وما هي آفاق المفاوضات لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى؟
"نزول نتنياهو عن السلم؟"
أوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي جاكي خوري أنّ اغتيال السنوار قد يُشكّل بالنسبة لنتنياهو "صورة النصر" التي يبحث عنها منذ بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وقال خوري في حديث إلى "التلفزيون العربي" من الناصرة، إنّه طالما لم يضمن نتنياهو عودة المختطفين إلى عائلاتهم، فإنه لا يستطيع أن يتحدّث عن إنجاز.
وأضاف أنّ السؤال يتمحور حول ما إذا كان اغتيال السنوار سيُشكّل السلم الذي ينزل فيه نتنياهو عن الشجرة، ويقدّم بعض المرونة في شروط المفاوضات حول تبادل الأسرى، ومحوري صلاح الدين ونتساريم وغيرها من الشروط التي وضعها نتنياهو في السابق، خاصة مع التزام "حماس" بشروطها التي طرحتها خلال الجولات السابقة من المفاوضات.
"لا تأثير سلبيًا على المستوى الإستراتيجي"
بدوره، اعتبر الباحث السياسي إياد القرا، أنّ غياب السنوار لن يكون له تأثير سلبي على المستوى الإستراتيجي فيما يتعلّق بالمواجهة مع إسرائيل.
وقال القرّا في حديث إلى "التلفزيون العربي" من خانيونس، إنّ السنوار أرسى منظومة قبل عملية "طوفان الأقصى"، قادرة على تجاوز المرحلة الحالية.
وأضاف أنّ السنوار شخصية تميل إلى العمل العسكري وتؤمن بأنّ المقاومة المسلّحة هي أولوية، وأنّه يجب تجنيد كل مشروع "حماس" والحكم في قطاع غزة لخدمة المقاومة، لكنّ "حماس" تفصل بين العملين الميداني والسياسي.
وأوضح أنّ ملف التفاوض يُدار من قبل القيادة في الخارج، وبالتحديد مع عضو المكتب السياسي خليل الحية.
"صعوبة في دفع حكومة نتنياهو للتوصل إلى اتفاق"
من جهته، رأى نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق السفير وليام روباك أنّ استشهاد السنوار يمثّل نقطة انعطاف مهمة للغاية وفرصة حيث تسعى الإدارة الأميركية إلى محاولة ضخّ بعض التفاؤل في عملية التفاوض حول وقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى.
وقال روباك في حديث إلى "التلفزيون العربي" من واشنطن، إنّ كلًا من حكومة نتنياهو و"حماس" لا يزالان يُعارضان وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى، وهو ما سيجعل من الصعب على الإدارة الأميركية المضي قدمًا في هذه المفاوضات.
ورأى أنّ إدارة بايدن ستُواجه صعوبة في دفع حكومة نتنياهو للتوصّل إلى وقف إطلاق النار في غزة لا سيما على بُعد أيام من الانتخابات الرئاسية الأميركية.