الثلاثاء 25 يونيو / يونيو 2024

آفة عابرة للمجتمعات وتداعيات صحية خطرة.. كيف يمكن تجنّب الوحدة؟

آفة عابرة للمجتمعات وتداعيات صحية خطرة.. كيف يمكن تجنّب الوحدة؟

Changed

فقرة من أرشيف برنامج "صباح جديد" تناقش تداعيات الوحدة على صحة الإنسان (الصورة: غيتي)
تبحث العديد من الدول والحكومات عن وسائل علمية وطبية لمساعدة المواطنين على تجنّب الوحدة، بعد أن أصبحت آفة صحية عابرة للمجتمعات.

تحوّلت الوحدة إلى مشكلة صحيّة عامّة في عدد كبير من دول العالم، لما لها من تداعيات صحية، ولا سيما على مستوى التدهور الكبير في الصحة العقلية والبدنية للناس.

وتشير الدراسات إلى أنّ الوحدة تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 29%، وخطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 32%، وخطر الإصابة بالخرف بنسبة 50% لكبار السن، وخطر الوفاة المبكرة بأكثر من 60%.

كما يواجه الأطفال الذين يشعرون بالعزلة الاجتماعية، مخاطر أكبر من القلق والاكتئاب أثناء الطفولة، وبعد ذلك في مرحلة البلوغ أيضًا.

في هذا السياق، أوضح الاختصاصي في الطب النفسي والإدمان قاسم ريماوي، في حديث سابق إلى "العربي"، أن الوحدة واليأس هما من العوامل الأساسية التي تسبب عدة أمراض نفسية منها اضطرابات القلق والتوتر واضطراب الاكتئاب، بالإضافة إلى أمراض أخرى كثيرة.

ومنذ فترة طويلة، لاحظ الباحثون أنّ الشعور بالوحدة مرتبط بسوء الحالة الصحية، إلا أنّ القضية أكبر بكثير مما كان معروفًا، إذ إنّه حتى أولئك الذين يستمتعون بوقتهم بمفردهم، يختبرون الوحدة.

كما يُمكن للأفراد في العلاقات الملتزمة والصحية أن يشعروا بالوحدة في كثير من الأحيان.

الوحدة واليأس هما من العوامل الأساسية التي تسبّب عدة أمراض نفسية - غيتي
الوحدة واليأس هما من العوامل الأساسية التي تسبّب عدة أمراض نفسية - غيتي

كيف يمكن تجنّب الوحدة؟

وعلى الرغم من أنّ إستراتيجبات معالجة الشعور بالوحدة تختلف بين شخص وآخر، إلا أنّ خبراء قدّموا لمجلة "ذا هيلث" (thehealth.com) مجموعة من الوسائل التي يمكن اتباعها لتقليل الشعور بالوحدة والتواصل مع الآخرين، على غرار التعبير عن الامتنان، والانخراط في محادثة صغيرة، والتواجد حول الناس شخصيًا.

"لا تلم نفسك"

شرحت كارولين ليف، الدكتورة في علم الأعصاب السريري والمعرفي، أنّه بدلًا من إلقاء اللوم على نفسك لشعورك بالوحدة أو ربط الوحدة بالانكسار، يجب إعادة صياغة طريقة تفكيرك بالأمر.

وقالت: "أُنظر إليها كإشارة تتيح لك معرفة أنّ شيئًا ما ينقصك، وأنّها علامة تخبرك بالمزيد عن نفسك وما تحتاجه لتعيش حياتك بشكل أفضل".

قابل الأشخاص وجهًا لوجه

شرحت ناتالي كريستين داتيلو، الأخصائية النفسية الإكلينيكية، أنّ مجرد رؤية الوجوه البشرية والتواصل بالعين أمر مهم للتواصل.

ونصحت بالتفاعل مع أشخاص آخرين مرة واحدة على الأقل يوميًا. وتحديد بعض الوقت للتخطيط للتفاعلات وجهًا لوجه، سواء كان ذلك غداء عمل، أو شرب قهوة مع صديق، أو نزهة مع أحد الجيران.

مجرد رؤية الوجوه البشرية والتواصل بالعين أمر مهم للتواصل
مجرد رؤية الوجوه البشرية والتواصل بالعين أمر مهم للتواصل - غيتي

لا تبق في المنزل

فكّر في الأنشطة التي يجب الانخراط فيها، والتي تتطلّب منك الخروج من منزلك.

وفي هذا الإطار، اقترحت ليف المشي لمسافات طويلة، أو تناول العشاء في المطاعم المحلية ودعوة شخص جديد في كل مرة، أو الانخراط في أنشطة اجتماعية.

قلّل من استخدام الهاتف للتواصل

في حين أن الهواتف هي وسيلة للتواصل، فإن الحدّ من الوقت الذي تقضيه باستخدامها يمكن أن يساعدك على التواصل مع الناس بطرق أخرى.

وقالت ليف: "يجب زيادة تفاعلك المباشر مع أحبائك، لذلك ضع هاتفك جانبًا عند تناول الطعام، أو اتركه في المنزل عندما تذهب في نزهة مشيًا".

إجراء محادثة قصيرة

نصحت داتيلو بتجربة مستويات مختلفة من التفاعل، وقالت: "اللقاءات غير الرسمية هي مفتاح سعادتنا مثل اللقاءات العميقة ذات المغزى. لذلك قم بمحادثة قصيرة مع شخص مألوف أو غير مألوف مرتين في الأسبوع".

واقترحت أن يبذل الإنسان الجهد ليكون أكثر ودية، مضيفة: "عندما تكون في مساحة صغيرة مع شخص غريب مثل المصعد، ابتسم وقل مرحبًا بدلًا من النظر إلى الأرض أو هاتفك. فكر في طرق لبدء محادثة".

الشعور بالوحدة الجسدية أمر مؤلم
الشعور بالوحدة الجسدية أمر مؤلم- غيتي

التعبير عن الامتنان يوميًا

أوضحت داتيلو أنّ تقديم وتلقّي الشكر الصادق يرتبط بمستويات أعلى من السعادة، مشيرة إلى أنّ إخبار الأشخاص كم يعنون لك هي طريقة أخرى لإظهار الامتنان.

واقترحت أن تبعث برسالة نصية إلى شخص ما لتخبره أنّك تفكّر به، أو تدعوه لتناول العشاء، كما دعت إلى تطوير عادة التواصل مع الأصدقاء والعائلة والزملاء، ومعرفة ما إذا كانوا يحتاجون لشيء ما، حتى لو أرسلت لهم كلمة تشجيع صغيرة بين الحين والآخر.

ساعد الآخرين

وأوضحت ليف أنّ مساعدة الآخرين يُمكن أن تبني المجتمع، كما أنّها تذكير بأننا نملك ما نقدّمه للعالم، وتُساعدنا على الشعور بالتواصل مع الأشخاص حولنا، مشيرة إلى أن الاستماع إلى الآخرين يبني مشاعر تواصل متبادلة.

وقالت داتيلو: "استمع إليهم، واطرح الأسئلة لتفهم الأمر، بدلًا من تقديم الحلول أو مشاركة تجارب مماثلة. فالشعور بالاستماع والفهم هو حقًا في صميم الشعور بالتواصل".

لا تقمع عواطفك

تناقش ليف أنّ التواصل مع أحبائك عندما تكون بحاجة إليهم، يُمكن أن يُساعدك على الشعور بالثقة الكافية لاكتشاف إحساسك بقيمة الذات.

يمكن للأفراد في العلاقات الملتزمة والصحية أن يشعروا بالوحدة في كثير من الأحيان - غيتي
يمكن للأفراد في العلاقات الملتزمة والصحية أن يشعروا بالوحدة في كثير من الأحيان - غيتي

وقالت: "أن تجد الحياة صعبة في بعض الأحيان، ليس شيئًا يجب أن تخجل منه، في حين أن قمع العواطف لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأمور. لذا تحدّث إلى صديق أو أحد أفراد العائلة أو مختصّ، أو مركز مساعدة عبر الإنترنت. فمفتاح الشفاء ليس في التظاهر بأنك بخير دائمًا، بل يأتي في أن تكون استباقيًا في طلب المساعدة من الآخرين ومساعدتهم أيضًا".

تجنّب الطرق غير الصحية للتواصل

في بعض الأحيان يمكن أن تكون الوحدة حافزًا للانخراط في أنشطة غير صحية، مثل تناول الكحول بشكل مفرط، أو تعاطي المخدرات، أو الانخراط في ممارسات محفوفة بالمخاطر.

وبالنسبة لأولئك الذين لا يشعرون بالراحة حول الآخرين، نصحت داتيلو بتطوير شعور قوي بالتواصل مع نفسك.

وقالت: "يمكنك تحقيق نفس التأثيرات الوقائية أو ما يشبهها من خلال تطوير شعور أكبر بالتواصل مع ذاتك أو الطبيعة أو الحيوانات الأليفة أو قضية ما".

وأضافت: "في معظم الأوقات، لا تتطلّب هذه الأشياء إشراك أشخاص آخرين، ولكن في بعض الأحيان يمكن تعزيزها من خلال وجود أفراد آخرين متشابهين في التفكير".

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة